يلتق رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي اليوم الأربعاء، مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان بأنقرة، في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس مصري منذ 12عامًا، وذلك بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عقب قطيعة استمرت لما يزيد على العقد.
يرافق الرئيس المصري في زيارته الأولى منذ توليه الحكم عام 2014 وفدٌ رسميٌ رفيعُ المستوى، حيث يتم تدشين أولى اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، والذي تم الاتفاق عليه خلال زيارة الرئيس التركي إلى القاهرة في فبراير/شباط الماضي.
ووفقا لوكالة أنباء الأناضول التركية، من المقرر توقيع نحو 20 اتفاقية بين مصر وتركيا في مجالات الدفاع والطاقة والسياحة والصحة والتعليم والثقافة، ويستهدف البلدان زيادة حجم التجارة بينهما من 10 مليارات دولار حاليا إلى 15 مليار دولار خلال المرحلة الأولى من خطة دعم العلاقات بين البلدين بعد قطيعة دامت لأكثر من 11 عاما بعد إطاحة الجيش بحكم الرئيس السابق محمد مرسي والذي كانت تنظر إليه أنقرة باعتباره أقرب حلفائها في المنطقة، وذلك بعد مظاهرات شعبية ساندها الجيش في 30 من يونيو/حزيران عام 2013 .
كما يتضمن جدول أعمال الزيارة بحسب وكالة الأنباء التركية تنفيذ مشروعات مشتركة في مجال الصناعات الدفاعية مع مصر، والتعاون في مجال الطاقة، لا سيما في مجالات الغاز الطبيعي المسال والطاقة النووية والمتجددة.
تعد زيارة السيسي مهمة للغاية من حيث الرمزية التي تمثلها بقدر ما هي مهمة من حيث مضمونها. وبعد عام 2013، مرت الفترة الأكثر برودة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية التركية المصرية، التي ستحتفل بالذكرى المئوية لها العام المقبل.
وأطاح السيسي، الذي كان من المتوقع أن يستقبل ببروتوكول رسمي في أنقرة، بأول رئيس مصري منتخب، محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز 2013، وخلفه لاحقاً كرئيس.
وأرادت تركيا، التي كانت تربطها علاقات وثيقة مع جماعة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت، تطوير علاقات شاملة مع مرسي وحددت ذلك بـ "محور أنقرة القاهرة".
وفي تلك السنوات، عندما كانت العلاقات بين البلدين في أشد حالاتها صعوبة وانقطع الاتصال الدبلوماسي تماماً، استهدف الرئيس أردوغان السيسي شخصياً في خطاباته وحتى في حملاته الانتخابية، واصفاً إياه بـ "القاتل" و"مخطط الانقلاب" وأشار إلى أنه "لن يصافح أبداً" زعيماً مثل السيسي.
وفي خطاب حملته الانتخابية قبل الانتخابات المتكررة لبلدية إسطنبول الكبرى في عام 2019، استخدم أردوغان المشكلة الدبلوماسية مع مصر لصالح السياسة الداخلية بقوله "هل سنقول السيسي أم بن علي يلدريم (مرشح الحزب الحاكم ورئيس الوزراء التركي السابق) يوم الأحد؟".
كانت تركيا في مقدمة الدول الرافضة بالانقلاب  على الرئيس الشرعى للبلاد الدكتور محمد مرسي، على يد الجيش ، إذ وصف أردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء آنذاك، عزل مرسي بأنه "انقلاب غير مقبول".
ونقلت وسائل الإعلام تصريحات لأردوغان في أغسطس/آب 2013، قال فيها إن إسرائيل تتحمل مسؤولية دعم الحراك الذي أدى إلى عزل مرسي. وجاءت هذه التصريحات في اجتماع مع قادة محليين في حزب العدالة والتنمية، قال خلاله أردوغان أن "لديه توثيقا" يثبت صحة هذا الاتهام، لكنه لم يذكر أبدا طبيعة هذا التوثيق.
وخرجت الأمور من مجرد تبادل للتصريحات إلى تحرك دبلوماسي أكبر، إذا استدعت تركيا سفيرها في القاهرة في أغسطس/آب 2013 في أعقاب فض اعتصام رابعة، وردت القاهرة بتحرك موازٍ بسحب سفيرها في تركيا.
واستمرت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في التدهور مع اشتداد التلاسن الإعلامي، حتى انتهت إلى استدعاء الخارجية المصرية للسفير التركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وطلبت منه مغادرة البلاد باعتباره شخصا غير مرغوب فيه. وأعلنت تركيا بدورها أن السفير المصري لديها، والذي استدعته مصر قبل ثلاثة أشهر، غير مرغوب فيه كذلك.