تشهد اليمن تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة النزاع بين الأطراف المتنازعة، مما يضع البلاد على صفيح ساخن ويزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية والسياسية التي تعاني منها. الأحداث الأخيرة تكشف عن تصاعد القتال وتدهور الوضع الأمني، مما يفاقم معاناة الشعب اليمني ويزيد من المخاوف الدولية.
في الأيام الأخيرة، تصاعدت المواجهات بين مختلف الأطراف المتصارعة في اليمن، بما في ذلك الحكومة المعترف بها دوليًا، والمتمردين الحوثيين، وقوى أخرى تساهم في زعزعة الاستقرار. الاشتباكات المتزايدة أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، فضلًا عن تفاقم أزمة النزوح واللجوء.
حذر رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية عبدالسلام محمد، من أن كل المؤشرات تنذر بعودة الحرب بين الحوثيين والحكومة اليمنية مهما طالت الهدنة غير المعلنة.

ورجح عبد السلام محمد في تغريدة له اليوم نشرها في صفحته على منصة "إكس"، فشل جهود المجتمع الدولي في منع عودة الحرب بين الحوثيين والحكومة اليمنية، وأكد أن الحوثيين يستعدون لخوض حرب في عدة اتجاهات أهمها مناطق الموارد النفطية مأرب وشبوة والحدود مع السعودية .

ورأى أن تعيين سفير إيراني جديد في صنعاء لن ينجح هذه المرة في لملمة الخلافات التي تعصف بالحوثيين، مشيرا إلى أن هذا الخلاف أصبح على عدة مستويات.

وقال: "المستوى الأول للخلاف، هو أن قرار رفع اسم أحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس الراحل من العقوبات الأممية، قد شجع حلفاء والده من حزب المؤتمر والقبائل في التمرد على قرارات الحوثيين، ودعم قرار مجابهة الحوثي من الداخل".

ويضيف: "أما في المستوى الثاني، فأصبحت مخاوف الهاشميين من انتقام المجتمع، واستضعاف الحوثيين لهم تبعدهم تدريجيا عن ورطة الانقلاب، وربما بدأوا بالنخر في حركة الحوثي من داخلها، كونهم يرونها ليست الحليف الأمثل لتحقيق مصالحهم وطموحاتهم بعودة نظام الأئمة الذي كانوا يحلمون به، وتحول ذلك الحلم إلى ثار يطاردهم، فقد استخدمتهم إيران والحوثيون هم وحزب المؤتمر أسوأ استخدام، ولا يستبعد انتقامهم من الحوثيين في النهاية" .

وأكد أن "مستوى الخلافات الثالث، هو الصراع بين القيادات العسكرية والسياسية للحوثيين  على المصالح، واتساع نطاق الاستقطابات ، مع زيادة فجوة الخلافات".

وأما مستوى الخلافات الرابع، وفق عبد السلام محمد، "فهو بين الحوثيين والحاضنة الشعبية التي تتناقص وتضيق يوما بعد يوم بسبب الظلم والانتهاكات والتجويع الذي تمارسه جماعة الحوثي ضد الناس، وتمنع تسليم مرتباتهم، وهذا ينذر ببداية التراجع والانهيار لحركة الحوثيين".
واختتم عبد السلام محمد تغريدته بالقول: "السؤال الأهم، ماذا بيد الحكومة اليمنية من أوراق قوة لتوجيه ضربة أخيرة للحوثيين قبل أن يوجّهوا ضربتهم في أهم محافظة إيرادية، وأكثرها سكانا ومناصرين للدولة من الجيش والمقاومة؟ وهل ستستغل الحكومة الخلافات والاستقطابات داخل الحركة الحوثية، التي فاقم وضعها السيئ الهدن غير المعلنة، والانكشاف في عملياتهم ضد السفن الدولية في البحر الأحمر؟"، وفق تعبيره.
مشاورات السلام
دخلت مشاورات السلام اليمنية الجارية منذ أشهر بوساطة سعودية وعمانية في حالة من الجمود، ما أثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذا الجمود الذي عزاه البعض إلى هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن. وذهب مراقبون إلى بروز التأثير الأميركي على مسار مشاورات السلام اليمنية نتيجة ضغوطات أميركية على الوسطاء لتجميد المسار، بمثابة ورقة ضغط على جماعة أنصار الله (الحوثيين) لإجبارها على إيقاف هجماتها التي تستهدف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن. لكن اللافت في الأيام الأخيرة هو حديث الحكومة المعترف بها دولياً عن الترحيب بالحل السياسي، وفقاً لخريطة الطريق برعاية الأمم المتحدة، التي كشف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عن خطوطها العريضة، في ديسمبر/كانون الأول الماضي. في السياق، جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي خلال لقائه غروندبرغ في عدن ، دعم مجلس القيادة الرئاسي إطلاق عملية سياسية بموجب خريطة الطريق المطروحة من قبل السعودية.
يقول المحلل السياسي سعيد عقلان إن "جمود مسار مشاورات السلام اليمنية يعود إلى عوامل دولية، أبرزها الموقف الأميركي الذي يريد ممارسة ضغوطات على جماعة الحوثيين من أجل إيقاف الجماعة هجماتها في البحر الأحمر، وبالتالي هناك تجميد مشاورات السلام اليمنية وليس إيقافها". ويشير إلى أن هذا الأمر "يعتمد أيضاً على تأثير الأميركيين على السعودية التي تقدم نفسها وسيطا، إذ يصر الحوثيون على اعتبارها طرفاً، وبالتالي فاستئناف مشاورات السلام اليمنية مسألة وقت لا أكثر، لأن خريطة الطريق باتت مرسومة وقد أمل مسؤولون سعوديون في وقت سابق بقرب التوقيع عليها".
يضيف عقلان أن "المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216) هي الأساس التي تقوم عليها الشرعية التي دافع عنها اليمنيون في مواجهة الانقلاب الحوثي، وهي ما توافق عليها اليمنيون، وعلى أساسها كانت سلطة الأمر الواقع في صنعاء سلطة غير شرعية، وبالتالي لا بد من التمسك بهذه المرجعيات لكونها هي من عطّلت الدستور في ظل غياب الدولة، وعليها قام المركز القانوني للدولة التي تعامل معها المجتمع الدولي بوصفها شرعية قائمة".
في هذا السياق، دعا المجتمع الدولي إلى تعزيز جهود الوساطة والتدخل الفعّال لوقف التصعيد وإيجاد حلول دائمة للنزاع. الأمم المتحدة ومبعوثوها إلى اليمن يعملون على تسليط الضوء على الأبعاد الإنسانية للأزمة، ولكن تحقيق تقدم حقيقي يتطلب التزامًا قويًا من جميع الأطراف المتنازعة.
الأوضاع في اليمن تستدعي اهتمامًا عاجلًا من قبل المجتمع الدولي لمواجهة الأزمة الإنسانية وضمان التوصل إلى حل سياسي دائم. استمرار النزاع يهدد استقرار المنطقة بأسرها، ويجعل من الضروري العمل بشكل مكثف من أجل تحقيق السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني.