أبرزت تقارير أزمة نقص المعلمين وتأثيرها البالغ على العملية التعليمية برمتها، حيث المدارس عاجزة حتى الآن عن التعامل مع مادة العلوم المتكاملة، وأن تدريس المادة في المدارس الثانوية زاد قضية عجز المعلمين تعقيدًا وباتت بلا حل مع دخول الشهر الثالث من بدء الدراسة.

واعترف وزير التربية والتعليم بحكومة السيسي، محمد عبداللطيف، بأن العجز في المعلمين وصل إلى نحو 469,860 ألف، وفي 11 نوفمبر 2024، أصدرت وزارة الشئون النيابية بحكومة السيسي بيانًا، أشارت إلى عدة إجراءات لمواجهة هذا العجز، منها مسابقة لتعيين 30 ألف معلم سنويًا، يجري فيها تعيين المعلم لفترة عامين فقط، وإتاحة الفرصة لمعلمي الفصل لتدريس المواد الأساسية، مع تقنين أوضاع اختصاصي التعليم، وتشغيل 50 ألف معلم بنظام الحصة، ليحصل كل منهم على مقابل مادي بلغ  50 جنيهًا للحصة الواحدة، إلى جانب الاستعانة بالخريجين المكلفين بأداء الخدمة العامة بدون مقابل مادي.

وعلاوة على مادة العلوم المتكاملة، قلصت المدارس من أعداد الحصص بعض المواد، ومنها مادة الإحصاء التي أُدرجت هذا العام للصف الثالث الثانوي، وباتت حصة واحدة أسبوعيًا بنظام المحاضرات لمدة ساعتين، بدلًا من حصتين، لعدم وجود عدد كافي لمعلمي المادة.

وتسبب عجز المعلمين في اضطرار كثير من معلمي الحصة تدريس مواد لا تقع ضمن تخصصهم، ما نتج عنه مشكلات بجودة التعليم المقدم للطلاب.

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء رصد أعداد المعلمين، وقال إن الأزمة مستمرة، رغم قرار إلغاء بعض المواد مثل الألماني وعلم النفس حلًا لمشكلة نقص المعلمين التي كانت تعاني منها، لكن في النهاية يقع الاعتماد الأول على الدروس الخصوصية كخيار لضمان التحصيل الدراسي.

 

الدروس الخصوصية

الدروس الخصوصية باتت هي الملاذ الآمن للطلاب وبشكل أساسي، لحل مشكلة غياب مدرسي بعض المواد لاسيما في المواد مثل الرياضيات واللغات، لتعويض ما تفقده المدارس الرسمية من اهتمام بمتطلبات الطلاب التعليمية.

ووصل عدد الطلاب في الفصل الواحد ما بين 55 و65 طالبًا، ما يؤثر بشكل كبير في أداء المعلم للدرس التعليمي ويصعب على الطلاب التفاعل أو طرح أسئلة.

ورغم دعاية وزارة التربية والتعليم عن جودة التعليم كأبرز عناوين خطة "عبداللطيف" لتطوير العملية التعليمية، من خلال عدد من الإجراءات، جاءت على أرض الواقع بدمج فصول وزيادة نصاب المعلم من الحصص.

 

رواتب معلمي الحصة

ومن نماذج رواتب معلمي الحصة نقل تقرير عن معلمة درّست لـ18 فصلًا يضم كل منها حوالي 50 طالبًا، بالتعاون مع مُعلميْن آخرين، ورغم الجهد الكبير، لم يتجاوز أجر الفصل الدراسي (3 شهور) كله حوالي 2150 جنيهًا فقط.

وهو ما يخالف قرار رئيس مجلس الوزارة الصادر في 3 مارس وقرار المجلس القومي للأجور رقم 27 لسنة 2024، بتقرير الحد الأدنى للأجور للموظفين والعاملين لدى أجهزة الدولة، والذي فرض دخوله حيز التنفيذ منذ مايو الماضي والمحدد بـ6 آلاف جنيه.

تقارير الموازنة العامة للعام المالي 2023/ 2024 قالت إن إجمالي مخصصات التعليم بلغت نحو 229 مليار و891 مليون جنيهًا، وهو ما يُمثّل حوالي 2.35% من الناتج المحلي البالغ 9.8 تريليون جنيه لعام 2022/ 2023، وهو أقل مما نص عليه دستور 2014، الذي أقر على التزام الدولة بتخصيص 4% من الناتج المحلي للإنفاق على التعليم.

 

التعليم الأزهري

ونقص المعلمين في المدارس الأزهرية أصبح أكثر تعقيدًا، لعدم وجود تعيينات جديدة منذ سنوات، والحلول المطروحة اليوم اقتصرت بشكل كبير على تحميل المعلمين حصصًا إضافية دون أي تعويض مادي.

وأمام تحميل المعلمين الأزهريين عدد أكبر من الحصص دون مقابل، أعلنت إدارة التعليم بالأزهر، في نوفمبر 2024، حاجتها للاستعانة بمعلمين بنظام العمل بالحصة، للعام الدراسي 2024/2025، في جميع المحافظات.

إدارة التعليم الأزهري، لجأت لدمج عدد من الفصول الدراسية في فصل واحد، كمحاولة لسد عجز المعلمين، ما أدى لزيادة كثافة الطلاب داخل الفصول.

وتُظهر بيانات الإحصاء، خللًا في أعداد المعلمين والطلاب بالتعليم الأزهري، فعدد طلاب مدارس الأزهر مثلاً في أسوان بالمراحل الدراسية المختلفة بلغ 360,39 ألف طالب وطالبة لعام 2022/2023، بزيادة واضحة عن عام 2021/2022، بعدد 30,149 طالب وطالبة، لكن هذا الارتفاع في عدد الطلاب صاحبه انخفاض في أعداد المعلمين خلال العامين من 2683 لـ2371 معلم.