بقلم : الكاتب والمحلل السياسي "أحمد فهمي "
هل تعلم لماذا تتوافق الدول الغربية على دعم الانقلاب بهذه الحماسة، رغم عدم قناعتهم بالسيسي؟
الأمر يعود بقدر كبير إلى التطورات التي يتعرض لها النظام الدولي..
في عام 1991م أعلن جورج بوش الأب عن "نظام عالمي جديد" وصفه بأمور دعائية تتعلق بالعدالة والأخلاق ..إلخ، لكن الحقيقة أن المقصود كان تدشين "النظام العالمي أحادي القطب" الذي تسيطر عليه أمريكا..
مع مرور السنوات، تبين أن أمريكا غير قادرة على الحفاظ على مكانتها رغم سيطرتها ونفوذها وقوتها الاقتصادية، لأسباب كثيرة، أبرزها ظهور دول أخرى تنازعها السيطرة في بعض مناطق النفوذ دون أن تبلغ مستوى إزاحتها..
شيئا فشيئا تضعف القبضة الأمريكية – الغربية – على العالم..
مع تفجر الربيع العربي بصورة مفاجئة، تضررت مخططات كثيرة لتغيير الحكام في بعض الدول العربية، وباتت الدول الغربية على موعد مع خطر وشيك، يتمثل في ظهور نخب سياسية جديدة تحمل رؤى مختلفة، وآليات حقيقية لتداول السلطة..
أصبح الوضع يشبه كثيرا حالة الغرب في نهاية حقبة الاستعمار، عندما كان على الدول الأوروبية أن ترحل من الدول التي تحتلها، وفي الوقت نفسه كانت تريد تأمين مصالحها عن طريق زرع أنظمة حكم تابعة في تلك الدول..
الآن يتكرر المشهد، فالنظام الدولي الحالي يتآكل، وقد بلغ مرحلة يسميها بعض علماء السياسة "عصر الإنتروبي"، وهو مصطلح فيزيائي، معناه: "الفوضى" أو"العشوائية" أو "عدم الانتظام السلوكي داخل النظام".
هذه الفوضى – الإنتروبي- تعني أن مساحات الحركة والمناورة ستزداد أمام الدول المناوئة للغرب سواء بصورة منفردة أو في سياق تحالفات إقليمية جديدة، وبالتالي كان يجب تدارك الأمر عن طريق "استخلاف" نخب حكم قوية قمعية، قادرة على تأمين المصالح، خاصة عندما يبلغ تدهور النظام الدولي مداه، ليتحول تدريجيا إلى ما يسمى "النظام الدولي متعدد الأقطاب"..
باختصار، إنها محاولة من رجل كهل، أن يستغل ما تبقى من صحته ليؤمن مرحلة شيخوخته..
إذن العالم مقبل – ربما في خلال عشر سنوات على الأكثر- على عصر تتعدد فيه الأقطاب، وتتقلص فيه التبعية لدولة واحدة أو لدول بعينها، في هذا النظام ستكون للنظم الإقليمية دور خطير ومؤثر، لذلك كان لابد أن تعُاد صياغة أنظمة الحكم العربية بما يتناسب مع المرحلة الجديدة..
ألا تراهم جفلوا من شعار الرئيس مرسي:تأمين الغذاء والدواء والسلاح..
خلاصة ما سبق أننا – كعرب- مقبلون على عصر سياسي يستحق أن يُطلق عليه "فرصة تاريخية" حيث تزداد احتمالات التخلص من التبعية، وتحقيق النهضة الحقيقية، وإقامة الدولة المنشودة..
ما يحدث الآن في مصر، هو محاولة لسرقة تلك الفرصة التاريخية..
فهل نتركهم يسرقون مستقبلنا، كما نهبوا ماضينا، وأفسدوا واقعنا؟.