بقلم محمد الشبراوي
عند الحديث عن الإعلام المناهض للانقلاب يتبارى البعض في توجيه سهام النقد ويلقى باللائمة على أداء هذا الأعلام و ينتقدون خطابه (خاصة القنوات الفضائية المحدودة المعبرة عن رفض الانقلاب) و يصفه البعض أنه خطاب أيديولوجي راديكالي ويحملونه شطرا كبيرا من المسؤولية عن إخفاقات المرحلة.
غير أن الكثير ممن يلجون في شأن المسألة الإعلامية من داخل المعسكر الرافض للانقلاب يتناولونها من جانب واحد ويغفلوا جوانب أخرى مؤثرة لا تستقيم المسألة الإعلامية بغيرها.
لذلك أعتقد أن ثمة أسئلة ربما يكون من المفيد أن نطرحها وتحتاج إلى إجابات عليها و نقاش حولها عسى أن تجلي إجاباتها الصورة وتزيدها وضوحا وهنا سوف أطرح الأسئلة وأترك الإجابة علي جٌلِها إلى حين لكل من له سهم بعلم يمكن أن يضرب به.
أول سؤال أراه هو حول مكمن المشكلة فهل تكمن بدايةً في المُلقي أم في المتلقي، في الخطيب والخطاب أم في المخاطب؟
وهل يرى البعض أن التمسك بالثوابت يعد مشكلة وأن المطلوب مزيد من المرونة في التعامل معها؟
سؤال مهم ألا وهو هل نجح الانقلاب لأن الأعلام التابع له تعامل بحرفية مهنية أم لأسباب أخرى غير ذلك؟
هل نجاح الثورة وأحداث التغيير على الأرض مرتبط بقوة الخطاب الإعلامي أم يعتمد على قوة التحرك الميداني أم كلاهما معًا حيث يعبر الأول عن الثاني؟
هل يتعامل الرافضون للانقلاب مع الأعلام كهدف أم وسيلة وأداة تحتاج إلى حسن استغلالها؟
وهل كانت كبوات المرحلة بسبب الخطاب فقط أم لأسباب أخري يضاف إليها الخطاب الإعلامي؟
هل الهدف هو أن تصل إلى الكل أم الأهم أن تحافظ على شريحتك وتستقطب من شريحة الآخرين؟
هل انتصرت هذه الأمة من قبل عبر ذيوع صوتها أم عبر فعلها وممارساتها على الأرض فذاع صوتها؟
هل التغيير يتحقق بالكثرة أم بقوة الفكرة وثبات أصحابها خاصة أن الثورة والتغيير يقومان بالأساس على ثبات فئة على الحق وإن قل عددها ففي عرف الثورات ٣٪ إلى ٥٪ من المجتمع يمكنهم أحداث الثورة و التغيير المنشود؟
هل طبيعة المجتمع المصري بمركبات النقص والافتقار العديدة التي أصابته من الممكن التأثير فيه بالخطاب الإعلامي فيتحقق النصر والتغيير المنشود؟
هل تم الانقلاب على الرئيس الشرعي عبر الأعلام وحده أم عبر أدوات أخري أشد تأثيرا وبطشا كان الإعلام متضافرا معها؟
هل يصلح النقد والتقييم للإعلام المقاوم للانقلاب دون النظر باعتبار للفواعل الداخلية و الإقليمية و الدولية خاصة أن كثيرين يفعلون ذلك وكأنهم يعيشون داخل شرنقة لا يبصروا خارجها و ما حولها.
يردد البعض أن الرسالة الإعلامية لرافضي الانقلاب (محملة برؤية أيديولوجية راديكالية ترغب في أن تفرض نفسها ويذكرون أن كل تلك القيود جعلت الرسالة الإعلامية مسمومة أو مشوهة فاقدة للمصداقية) ؟!
وهنا يثور سؤال هل يعيب هؤلاء على طرح يتسم بالأيديولوجية الراديكالية قاصدين الراديكالية بمفهومها المحور الآن لدى الغرب والذى يعنى التطرف ويعتبرون خطاب أعلام الشرعية هكذا؟ أم أنهم مدركون للمعنى الأصلي للراديكالية والذى يعني في شقه السياسي (اتّجاه يطالب بالإصلاح الجذريّ التامّ في إطار المجتمع القائم ويقوم على إطلاق الحريّة في الاقتصاد وعلى التفكير العقلانيّ غير المتسرِّع قبل اتِّخاذ الخطوات المؤدِّية للإصلاح) فهل يُعدُ ذلك عيبا يراه البعض كذلك؟
اعتقد أن المسألة أكبر مما يتكلم به الكثيرون.
بالفعل هناك أخطاء ونرى أن جلها وأحد أهم أسبابها الشخصانية وحظوظ النفس والرخاوة في التمسك بالثوابت التي يُعد التمسك بها الركن الركين لتحقيق الغاية والتهاون فيها هو سبب الكبوات جميعها.x
إن البوصلة في المسألة الإعلامية وغيرها يجب أن تكون متوجهة دائما نحو الثوابت والاصطفاف على التمسك بها أهم الأولويات لأن شرعية الوجود ما كانت ولن تكون إلا عبر التمسك بالثوابت والعض عليها فشرعية الانقلاب وخَدَمة الاحتلال والتبعية تستند إلى الخارج عبر تنازلهم عن تلك الثوابت والعمل على محاربتها واجتثاثها وهنا فريقان لا يصلح أن يكون هناك أي توسط بينهما فطبائع الأمور إما إلى هؤلاء أو إلى هؤلاء.
المرحلة بدون شك حرجة بل أشدها حرجا على الأطلاق في تاريخ مصر والأمة والأعلام له دور فاعل فيها ولكن المسألة الإعلامية تحتاج عند الولوج فيها إلى الإحاطة بسائر جوانبها وجوانب اخري خارج نطاق المسألة الإعلامية ومن الخطأ أن تتناول جانبا و تترك جوانب أخرى لا يقوم أي جانب آخر بدونها.
أعتقد أنا في حاجة لإجابات شافية ورؤى شاملة فأول الأسباب لطلب الشفاء دقة تشخيص الداء حتى نحسن وصف الدواء.
المقالات تعبر عن رأي أصحابها فقط