في لحظة فارقة من تاريخ النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، تتوالى الاعترافات الإسرائيلية المتأخرة بحقيقة واحدة لا يمكن إنكارها: المقاومة الفلسطينية لم تتوقف، ولن تنتهي باستشهاد قياداتها. في قلب هذه الأحداث يأتي استشهاد يحيى السنوار، قائد حركة حماس في غزة، ليكون دافعًا جديدًا لاستمرار وتصاعد المقاومة، مؤكدًا أن استشهاد القادة لا يمثل نهاية، بل بداية جديدة في مسيرة النضال والتحرر.
استشهاد القادة: مقاومة بلا توقف
على مر العقود، كان استشهاد القادة الفلسطينيين دائمًا نقطة تحول تاريخية للمقاومة. فمنذ استشهاد قادة كبار مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهم، كانت المقاومة الفلسطينية دائمًا تجد في استشهاد هؤلاء القادة حافزًا لمواصلة الطريق. واليوم، يأتي استشهاد يحيى السنوار ليعزز هذه الحقيقة مجددًا.
الاعترافات الإسرائيلية المستمرة في وسائل الإعلام تشير إلى أن اغتيال القادة لا يوقف المقاومة، بل يغذيها بالمزيد من العزيمة والإصرار. إذ إن استشهاد السنوار وقادة آخرين خلال العدوان الإسرائيلي لم يكن ضربة قاتلة للمقاومة كما توقع الاحتلال، بل على العكس، مثل ذلك لحظة قوة ودفع للمقاومين للاستمرار وتوسيع عملياتهم.
استشهاد يحيى السنوار: دافع للصمود والتحدي
يُعد يحيى السنوار واحدًا من أبرز القادة الميدانيين في حركة حماس، وقد شكل استشهاده صدمة كبيرة في الأوساط الفلسطينية والدولية. لكن على الرغم من ذلك، لم يكن استشهاده نهاية للمقاومة. بل كان له أثر عكسي، إذ أصبح استشهاد السنوار رمزًا للصمود والتحدي، ورسالة قوية من الشعب الفلسطيني بأن المقاومة مستمرة، وأن دماء الشهداء لن تذهب هباءً.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، كانت المقاومة الفلسطينية أكثر قوة وتحديًا، واستطاعت أن تُرغم الاحتلال على الاعتراف بفشل سياساته العسكرية في كسر إرادة الشعب الفلسطيني. وفي هذا السياق، يأتي استشهاد السنوار ليعزز تلك الروح النضالية بين الفلسطينيين، وليزيد من عزيمتهم على مواصلة النضال حتى تحرير أرضهم.
المقاومة بعد استشهاد السنوار: تصاعد العمليات وتوسع الدائرة
على الرغم من اغتيال القيادات البارزة، فإن المقاومة الفلسطينية لم تتراجع. بل شهدت تطورًا كبيرًا في استراتيجياتها وعملياتها الميدانية. فمن خلال اعتمادها على خلايا غير مركزية وعمليات تكتيكية متقدمة، أثبتت المقاومة أنها قادرة على مواصلة الكفاح بفعالية أكبر رغم فقدان قياداتها.
إسرائيل نفسها اعترفت بأن اغتيال السنوار لم يوقف العمليات الهجومية من غزة، بل زادت وتيرتها وشراستها. العمليات الصاروخية ضد المستوطنات الإسرائيلية لم تتوقف، بل توسعت لتصل إلى مناطق أكثر بعدًا وأهمية استراتيجية. وهذه التصعيدات تؤكد أن المقاومة أصبحت أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التحديات الجديدة، حتى في غياب قادتها الكبار.
الاحتلال في مأزق: ضربات المقاومة مستمرة
تواجه إسرائيل مأزقًا حقيقيًا. على الرغم من استخدامها للقوة المفرطة واستهداف القيادات، فإنها تفشل في إضعاف المقاومة أو ترويضها. فالمقاومة الفلسطينية باتت تتجاوز الشخصيات القيادية الفردية لتصبح قوة مؤسساتية متجذرة في نسيج المجتمع الفلسطيني. إنها مقاومة شعبية تحظى بدعم واسع من الشعب الفلسطيني الذي يرفض الاستسلام رغم الظروف القاسية.
وفي هذا السياق، يظهر استشهاد يحيى السنوار كدليل على قوة وصمود هذه المقاومة. فالاحتلال قد نجح في اغتيال قائد ميداني، لكنه لم ينجح في كسر الروح المعنوية ولا في وقف العمليات المقاومة. وهذا ما دفع حتى بعض المحللين العسكريين الإسرائيليين إلى الاعتراف بأن الضربات العسكرية لم تعد كافية للتعامل مع المقاومة الفلسطينية.
دور استشهاد القادة في تعزيز الوحدة الفلسطينية
استشهاد القادة غالبًا ما يكون لحظة فارقة في تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية. وقد تجلى ذلك بوضوح بعد استشهاد السنوار، حيث توحدت الفصائل الفلسطينية المختلفة على هدف واحد: مقاومة الاحتلال والدفاع عن الشعب الفلسطيني. هذا التوحد هو أحد أسرار قوة المقاومة، حيث استطاعت تجاوز الانقسامات السياسية والميدانية لتشكل جبهة موحدة ضد الاحتلال.
الرسائل الصادرة من قطاع غزة والضفة الغربية تؤكد أن الشعب الفلسطيني، بمختلف أطيافه وفصائله، متمسك بخيار المقاومة، وأن استشهاد القادة لن يغير من هذه الحقيقة شيئًا. بل إن هذه التضحيات تمثل حافزًا لمزيد من التضامن والتكاتف في وجه العدوان الإسرائيلي.
مقاومة مستمرة: رسالة للعالم
إن استشهاد يحيى السنوار وغيره من القادة يمثل رسالة قوية للعالم بأن النضال الفلسطيني مستمر. مهما حاول الاحتلال إضعاف المقاومة أو اغتيال قادتها، فإن هذه المقاومة قد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من هوية الشعب الفلسطيني. إن الفلسطينيين يرون في المقاومة وسيلة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق، وهي حق مشروع كفلته القوانين الدولية.
اليوم، يواجه العالم حقيقة أن قضية فلسطين لم تُحل، وأن الشعب الفلسطيني ما زال يقاوم ضد الاحتلال والظلم. استشهاد القادة مثل السنوار لم ولن يكون نهاية للصراع، بل على العكس، هو مجرد مرحلة جديدة من مراحل النضال الطويلة.
في النهاية، يُثبت استشهاد القادة الفلسطينيين مثل يحيى السنوار أن المقاومة الفلسطينية لا تُهزم باغتيال الأفراد. المقاومة هي فكرة ونهج يعيش في وجدان الشعب الفلسطيني، ويستمر بغض النظر عن التضحيات. إن الاحتلال الإسرائيلي يواجه مقاومة مستمرة وشعبًا رافضًا للخضوع، مما يجعله في مواجهة مستمرة مع قوة لا يمكن إخمادها بالقوة العسكرية وحدها.