انطلقت قمة المناخ وسط انتقادات دولية ومحلية من عرقلة ومنع العديد من ناشطي المناخ في العالم للوصول لمدينة شرم الشيخ، بالإضافة لتدابير غير ضرورية وغير متناسبة، وهدفها الحد من قدرة الأفراد على التظاهر بأمان وعلى نحو يتيح مشاهدتهم وسماعهم.


تخويف أمني بمطار شرم الشيخ


من اللحظة الأولى التي يدخل بها الناشط لحضور مؤتمر قمة المناخ، وعندما تصل رجلاه لمطار شرم الشيخ يجد نفسه وسط طوق أمني، أشبه بمنطقة عسكرية، تبعث للخوف والقلق والتوتر.


ويحكي الناشط المناخي الأوغندي "نيومبي موريس" تجربته التي لم تستمر لعدة ساعات داخل شرم الشيخ، أنه بمناسبة انعقاد مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) الذي انطلق الأحد في شرم الشيخ، كنت آمل في أن يشارك في الحملة من أجل العدالة البيئية وإيصال صوت أفريقيا، لكن أحلامي تلاشت سريعا.


وأوضح "موريس" الرئيس التنفيذي لمنظمة "إيرث فولنتيرز" (غير الحكومية) التي لا تبغي الربح: "سعدت جدا عندما أعلنوا أن مؤتمر كوب سيعقد في أفريقيا.. ظننت أنني ربما أحصل على فرصة في أن أكون موجودا في القاعة التي تجرى فيها المفاوضات".


إلا أن "موريس" (24 عاما) الذي ساعده أصدقاؤه على تحمل نفقات السفر إلى مصر، شعر بالقلق ما إن وصل إلى مطار منتجع شرم الشيخ الساحلي المصري، عندما راح مسؤولو الأمن المصريون يوجهون إليه الأسئلة.


وأوضح "بدأوا يسألون عن أسمائنا وجوازات السفر والأماكن التي سنقيم بها"، موضحا أنه بعد ذلك "لن يكون سهلا علينا الاستمرار في خطتنا".


وأضاف: "علينا التفكير مليا قبل تنظيم مسيرة أو القيام بشيء ما، ماذا لو تتبعوا أحدنا وتم القبض عليه؟".


وقال "موريس" الذي كرّمته بريطانيا في يونيو بمنحه جائزة بعنوان "بطل الأرض"، إنه جاء إلى قمة المناخ ليُمثّل مجتمعه "وكذلك أمّي التي فقدت مزرعتها وبيتها سابقا في العام 2008، عندما ضربت الفيضانات قريتي وتسببت بتشريد أكثر 400 شخص بينهم أفراد عائلتي".


وأضاف: "أنا هنا اليوم لطلب التعويض وأنا أعلم أنّ رؤساءنا هم من يُفترض بي سؤالهم عن هذا التعويض، خصوصا بعد العام 2009 عندما وافقوا على ضخ 100 مليار دولار لم نر منها شيئا إلى اليوم".


وفي هذا السياق قال "آدم كوغل" المدير المساعد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إنّه "مع وصول المشاركين إلى (كوب 27) يتّضح أنّ الحكومة المصرية لا تنوي تخفيف الإجراءات الأمنية التعسّفية والسماح بحرّية التعبير والتجمّع".


عرقلة وتحجيم التظاهرات


وعن التظاهرات فقد عملت اللجنة المنظمة على وضع عراقيل والسماح فقط للتظاهرات التي ستتم الموافقة عليها أو التي ليست لها جانب سياسي حيث اشترطت الرئاسة المصرية على من يرغب في تنظيم مظاهرات بشرم الشيخ أن يُخطر


 السلطات مُسبقًا قبل 36 ساعة من الموعد المقترح للمظاهرة، وأن يُظهر لمنظمي المؤتمر الشارة الخاصة بدخول المؤتمر.


ووفق الرئاسة، لن يُسمح بالمظاهرات إلا خلال الفترة من الساعة العاشرة صباحًا إلى الخامسة مساءً في منطقة بعيدة عن المؤتمر، وتخضع للرقابة بالكاميرات.


كما قررت السلطات أن يقتصر محتوى المظاهرات على القضايا المتعلقة بالمناخ.


وتعقيبا على ذلك نوه "آدم كوغل" المدير المساعد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن مصر خصصت مساحة للنشطاء في شرم الشيخ للتظاهر والتعبير عن الرأي، ولكن بعد إخطار السلطات وموافقتها، مع ضرورة توفير معلومات حول أسماء المنظّمين وتفاصيل حول المسيرة المقرّرة، ثم بعد ذلك تقرر إذا كانت ستوافق أم لا.


وذكر "موريس" أنّ السلطات المصرية أوقفت الناشط الهندي المدافع عن البيئة "أجيت راجاغوبال" قبل أيام من انطلاق قمّة المناخ، فيما كان يستعدّ للقيام برحلة رمزيّة مشيًا على الأقدام من القاهرة إلى شرم الشيخ مسافة 500 كيلومتر.


أوقف "راجاغوبال" لمدة وجيزة إلى جانب المحامي الذي جاء للدفاع عنه، قبل أن يُطلق سراحهما.


وقال "موريس": "بعد الذي حصل مع هذا الناشط الهندي، كيف نطمئن إلى أنهم سيتركوننا وشأننا؟".


في المقابل، أكّد موريس أنّ الناشطين موجودون "خارج القاعات" و"غير قادرين على المشاركة في المفاوضات".


وأضاف "يُعقد (كوب 27) في أفريقيا، لكنّي لم أنل حتّى فرصة التحدّث ولم يُسمح لي حتّى بدخول القاعة (لحضور الافتتاح)"، مشيرا إلى أنّ بطاقة تعريفه في المؤتمر تحمل صفة مراقب وليس مندوب.


وأوضح أنّه يُتابع أعمال المؤتمر عبر البثّ على الإنترنت، مؤكّدًا "هذا ليس مؤتمر الأطراف الإفريقي، إنّه مؤتمر الأطراف الملوثّين.. انظر، كوكا كولا موجودة"، في إشارة إلى الشركة الراعية للحدث التي تعتبرها منظّمة غرينبيس "المسؤول الأوّل عن التلوث البلاستيكي في العالم.


إلغاء رحلات غير المدعوين للمؤتمر


ونظرا لتحويل مدينة شرم الشيخ لثكنة عسكرية، فإن التشديدات الأمنية المكثفة في المدينة، والانتشار والتواجد الأمني الشديد لتأمين المؤتمر وضمان لعدم الخروج عن النص، هو ما ضيّق من حركة وصول النشطاء للمدينة أو السماح لهم بالدخول.


ويؤكد مصدر أمني رفض ذكر اسمه أنه تم منع عدة وفود سياحية كان من المقرر أن تتواجد في شرم الشيخ خلال فترة المؤتمر، غير أن تعليمات أمنية صدرت بإلغاء هذه الرحلات لاقتصار الأجهزة المعنية على استضافة الوفود.


الوصول للمؤتمر عمل باهظ للغاية


ارتفاع قياسي وغير مسبوق في الأسعار تشهده مدينة شرم الشيخ تزامنًا مع بدء مؤتمر المناخ “كوب 27″، في وقت تضاربت فيه التصريحات حول أسباب ذلك الارتفاع، حيث بررها البعض بأنها أقرب إلى “موسم سياحي” فيما رأى البعض أنها محاولة للحد من تواجد النشطاء.


وحول مبررات ارتفاع الأسعار بهذه الكيفية، قال أحد النشطاء “إن هذا يبدو وكأنه إجراء مُتعمد لتقليل توافد المحتجين على سياسات المناخ، حيث تسعى السلطات المصرية إلى الحد من الاحتجاجات وهو ما أثار انتقادات عالمية واسعة، على الرغم من تأكيد الحكومة المصرية على تخصيص مساحات للاحتجاج غير أن الإجراءات المُتبعة تعرقل أي دور اعتاد المحتجون على تنفيذه في القمم السابقة والتي كان آخرها القمة التي عقدت باسكتلندا”.


وجاءت أسعار الفنادق على موقع “بوكينج” العالمي للحجوزات، خلال مدة إقامة القمة بين 6 نوفمبر و18 نوفمبر، لتشير إلى ارتفاع كبير جدا في الأسعار مقارنة بأسعار نفس الغرف في الأيام العادية أو حتى موسم السياحة في شرم الشيخ.


وبالبحث عن غرفة لشخصين طوال المدة، جاءت الأسعار 49 ألف جنيه للغرفة بالإضافة إلى 14 ألف جنيه رسوم وضرائب كما حددها الموقع، وهذا للإقامة في فندق من نجمتين.


أما أسعار الفنادق صاحبة الـ3 نجوم، كان من نصيب فندق “إيدن روك خليج نعمة” بسعر 51.5 ألف جنيه إضافة إلى 16 ألف جنيه ضرائب ورسوم كما حددها الموقع.


بينما جاءت أسعار الفنادق الـ3 نجوم أيضا ولكن إذا كان الحجز خلال شهر أكتوبر لنفس المدة ولنفس الغرفة، ليبدأ من 4800 جنيه شامل الرسوم والضريبة وتصل إلى 12 ألف جنيها.أما الفنادق صاحبة الـ4 نجوم فتبدأ أسعارها من 61 ألف جنيه للغرفة الشخصين، إضافة إلى مبلغ 19 ألف جنيه رسوم وضرائب، شاملة الإفطار فقط.


فيما تصل أسعار الـ4 نجوم إلى 141 ألف جنيه إضافة إلى 40 ألف جنيه رسوم وضرائب، وذلك من نصيب فندق “كونتيننتال بلازا”.فيما إذا كان الحجز قبل القمة خلال أكتوبر الجاري ولنفس المدة والغرفة، فإن الأسعار في الفنادق ذات الـ4 نجوم بدأت من 7 آلاف جنيها شاملة الرسوم والضرائب، وتصل إلى 32 ألف جنيها.


أما فنادق الـ5 نجوم، فتبدأ أسعارها من 67 ألف جنيه إضافة إلى 21 ألف رسوم وضرائب من نصيب فندق “رويال الباتروس”، وتصل إلى 518 ألف جنيه إضافة إلى رسوم 143 ألف جنيه، وذلك للإقامة في فندق شتايجنبرجر ألكازار”.


فيما تبدأ أسعار الفنادق الـ5 نجوم في الأيام العادية من 10 آلاف جنيه شاملة الرسوم والضرائب، وتصل في أعلى سعر إلى 104 ألف جنيه.


أما إذا كانت تبحث عن إقامة في ستوديو خاص بعيدا عن الفنادق وهذه الأسعار، فإن أسعار الاستوديو من خلال موقع “بوكينج” أيضا بدأت من 39 ألف جنيه شامل الرسوم والضريبة، ووصلت إلى 48 ألف جنيه.