في الوقت الذي تشارك فيه نقابة الصحفيين في ما يسمى بـ الحوار الوطني وتعطي شرعية لنظام الانقلاب وحواره المشوه،  تغض  النقابة الطرف عن  الحملة الأمنية الشرسة التي يشنها النظام ضد الصحفيين في الآونة الأخيرة.

ولم تستطع النقابة، المتمثلة في مشاركة النقيب، وبعض أعضاء النقابة، من الإفراج عن أحد أعضائها المحبوسين أو وقف الملاحقات الأمنية للصحفيين، وبدلا من قيام دور النقابة بدورها في توسيع المجال العام ورفع الحصار عن حرية الرأي والتعبير، لم يتحرك لها ساكن وكأن استمرار حبس الصحفيين زملاء المهنة بمثابة إقرار وموافقة على حملة استهدافهم، وفق مراقبين.

 

صحفيين جدد بالسجون

وشهدت الأيام الماضية، عمليات قبض شرسة على عدد من الصحفيين، والإعلان عن اختفاء آخرين منذ القبض عليهم قبل أسابيع، فيما ظهر البعض في نيابة أمن الدولة مع قرار بالحبس الاحتياطي، بينما ما زال آخرون رهن الاختفاء دون معرفة مصيرهم أو أي تواصل مع أسرهم.

أحدث وقائع القبض على الصحفيين، هو ما جرى مع الصحفي محمد مصطفى موسى، الذي كشف محامون ونقابيون القبض عليه من إحدى مناطق محافظة الإسكندرية منذ الأحد، ومازال رهن الاختفاء.

سبق القبض على مصطفى موسى، واقعة أخرى بالقبض على الصحفية منال عجرمة، والتي ظهرت عقب يومين من القبض عليها في نيابة أمن الدولة العليا، التي حققت معها على ذمة القضية رقم 1893 لسنة 2022 حصر تحقيق أمن دولة عليا.

منال عجرمة هي نائب رئيس تحرير مجلة “الإذاعة والتلفزيون” على المعاش، وتبلغ من العمر 61 عاما، ألقت قوات الأمن القبض عليها من منزلها في التجمع الخامس في الأول من نوفمبر، بينما قال المحامي الحقوقي خالد علي إنها ظهرت يوم 3 نوفمبر وقررت النيابة حبسها 15 يوما.

فيما وجهت النيابة لمنال عجرمة اتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراض هذه الجماعة، تشكيل إرهابي.

وبينما ظهرت عجرمة وقررت النيابة حبسها 15 يوما، كشف صحفيون عن صحفي آخر مختفي منذ القبض عليه في 9 أكتوبر 2022، بعد القبض عليه من منزله، وهو الصحفي عمرو شنن.

وشنن عضو بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين منذ التحاقه بها في 2004، ويحمل رقم عضوية 6387، عن صحيفة “آفاق عربية”.. واقتحمت قوات الأمن منزله فجر يوم 9 أكتوبر في منطقة ناهية بالجيزة، وألقت القبض عليه ومنذ ذلك الحين لم يتم التواصل معه.

ويبلغ شنن من العمر 48 عاما، ولديه 5 أطفال، وسافر إلى قطر وعمل لأكثر من 16 عاما في مجلة الشرطة حتى 2020، فيما كان سبب نزوله إلى مصر هو تسريحه من الصحيفة القطرية بعد ظهور جائحة كورونا.

شنن ليس الصحفي الوحيد الذي لا تعرف أسرته مكان تواجده منذ القبض عليه، ولكن أيضا هناك صحفي آخر وهو الصحفي محمود دياب، مختفي منذ 6 سبتمبر 2022 عقب القبض عليه أثناء توجهه إلى عمله في الصين، وانقطاع أي تواصل معه طوال هذه المدة.

ووفقا لأسرة دياب، فإنه اختفى بعد وصوله إلى مطار القاهرة في طريقه في مهمة عمل إلى دولة الصين على متن الرحلة 953، وهاتفه أغلق عقب وصوله إلى المطار بعشرة دقائق.

 

حوار وطني لمزيد من الاعتقالات

ولم يكن الحوار الوطني الذي شاركت فيه نقابة الصحفيين الذين يعتبر معظمهم موالون لنظام مغتصب السلطة عبدالفتاح السيسي، إلا صورة لتجميل صورة هذا النظام القمعي، قبل وأثناء انعقاد قمة المناخ والتي انطلقت الأحد الماضي، ورغم الوعود بإطلاق سرح الصحفيين المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا رأي وغلق هذا الملف نهائيا، إلا أنه منذ إطلاق الدعوة إلى الحوار الوطني تم القبض على 6 صحفيين وإحالتهم للتحقيق بتهم تتعلق معظمها بممارسة حقهم في إبداء الرأي عن طريق الكتابة على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي.

وضمت قائمة الصحفيين المقبوض عليهم منذ إطلاق الدعوة للحوار الوطني كل من: (رؤوف عبيد، صفاء الكوربيجي، عمرو شنن، منال عجرمة، محمود سعد دياب، محمد مصطفى موسى”.  

ومن جهته قال الكاتب الصحفي وعضو مجلس نقابة الصحفيين محمد سعد عبدالحفيظ، إن حملة الاعتقالات الأخيرة للصحفيين دليل على أن السلطة ليست جادة في تنفيذ وعودها بإنهاء الممارسات التي سممت المناخ العام خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي تصبح مشاركة النقابة في جلسات الحوار بمثابة إقرارا وموافقة على تلك الحملة التي تستهدف أعضائها.

وعلق محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين، على وقائع القبض على الصحفيين المتكررة خلال الفترة الماضية، معتبرا أن ما يحدث “حملة أمنية تستهدف الصحفيين”. 

وقال كامل في تصريحات صحفية: “من الواضح أن هناك حملة أمنية تستهدف الصحفيين، وبعد الفرحة بخروج عدد من الصحفيين، فوجئنا بالقبض على آخرين، وكأن في إصرار على أن اللي يخرج من السجن لازم حد يدخل مكانه”.

كان المرصد العربي لحرية الإعلام قد وثق في تقرير عن انتهاكات الإعلام في مصر لشهر أكتوبر المنقضي (٤١) انتهاكا، تصدرها من حيث العدد، انتهاكات المحاكم والنيابات بـ(١٩) انتهاكا، تلتها القرارات الإدارية التعسفية بـ(١٥) انتهاكا، ثم الحبس والاحتجاز المؤقت بـ(٤) انتهاكات، ثم انتهاكات السجون بـ(٣) انتهاكات مع استمرار حبس 45 صحفيا وإعلاميا.