في اليوم الكامل الأول من زيارته للبحرين، في ختام منتدى حول الحوار بين الشرق والغرب برعاية ملك البلاد، التي تسمح للمسيحيين - على خلاف السعودية - بإقامة شعائرهم علنا في الكنائس، نفذ البابا "فرنسيس" وصية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي طالبه بالتدخل للضغط على الرئيس الروسي في حوار استخدام الأسلحة النووية والبيولوجية ضمن الحرب الروسية الأوكرانية وتناول في حديثه يوم الجمعة دعوة رجال الدين إلى المساعدة في إبعاد العالم عن "حافة الهاوية" والتأكيد على معارضة السباق الجديد لإعادة التسلح الذي قال إنه يعيد رسم مناطق نفوذ تعود لحقبة الحرب الباردة.

وترجمة الاستجابة كانت في عدة فقرات من كلمته حيث قال "بعد حربين عالميتين مروعتين، وحرب باردة ظل العالم فيها حابسا أنفاسه لعشرات السنين، تحدث صراعات كارثية في كل مناطق العالم، ووسط اتهامات وتهديدات وتنديدات، ما زلنا نجد أنفسنا على حافة هاوية ولا نريد أن نسقط".

وحذر "فرنسيس" مما "ينجرف فيه عدد قليل من الحكام إلى صراع لا هوادة فيه من أجل مصالح حزبية، وإحياء خطاب عفا عليه الزمن، وإعادة رسم مناطق نفوذ وتكتلات متعارضة"، في إشارة إلى روسيا.

وأضاف "فرنسيس"، الذي يدعم حظرا شاملا للأسلحة النووية والذي كثيرا ما يندد بتجارة الأسلحة حول العالم، إن القادة الدينيين لا يمكن أن يدعموا الحروب، في إشارة واضحة إلى رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك "كيريل" الذي يقدم دعما حماسيا لغزو روسيا لأوكرانيا وسبق أن انتقده بابا الفاتيكان ضمنيا.

بدوره، اكتفى شيخ الأزهر في كلمته بالتلميح إلى ما تناوله "فرنسيس" بفقرة واحدة مقتضبة حيث ضم صوته ".. إلى صوت محبي الخير ممن يدعون إلى السلام ووقف الحرب الروسية الأوكرانية، وحقن دماء الأبرياء... ورفع راية السلام بدلا من راية الانتصار، والجلوس إلى دائرة الحوار والمفاوضات. كما أدعو إلى وقف الاقتتال الدائر في شتى بقاع الأرض لإعادة بناء جسور الحوار والتفاهم والثقة من أجل استعادة السلام في عالم مثخن بالجراح؛ وحتى لا يكون البديل هو المزيد من معاناة الشعوب الفقيرة".

الملف الروسي

ويبدو أن أبوظبي تستغل الحرب الروسية في اللعب على الحبال، ففي 11 أكتوبر، التقى محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الروسي في أول زيارة رسمية له إلى في سانت بطرسبرغ-روسيا منذ 3 سنوات، وخلال المفاوضات، وقالت المنصات المحلية الإماراتية إن الزيارة هي لتوسيع دائرة التعاون الدولي، ومصلحة الإقتصاد الإماراتي.

وتحدثت المواقع المحلية عن هدف الاجتماع في البحث عن حلول لمشاكل الطاقة والأمن والمناخ.
 

ونشرت صحيفة (وول ستريت جورنال) الامريكية أن الشيخ طحنون بن زايد زار السعودية في شهر سبتمبر الماضي لثني الرياض عن قرار خفض انتاج النفط، باعتبار القرار يظهر أن دول أوبك تدعم بوتين في الحرب.

وقال "الصحيفة الامريكية أن أبوظبي تعهدت لواشنطن بزيادة انتاج النفط (اذا لزم الأمر).

وأعلنت منظمة "أوبك+"عن خفض إنتاج النفط بواقع مليوني برميل يوميا مطلع نوفمبر، ما تسبب في غضب أمريكي وغربي، وتزامن التقليص ولقاء بن زايد بوتين في روسيا.

وفي بيان ذي صلة من الأزهر الشريف في 18 مايو الماضي، هنأ "المجلس الأعلى للأزهر الشريف برئاسة أحمد الطيب"؛ محمد بن زايد بعد انتخابه رئيسا لدولة الإمارات .. ويثني على حكمته في اتخاذ القرارات وإدارة الحكم"!

 

دعوة الشيعة للحوار

ويبدو أنه هروب إلى فضاءات يتفق معها مسعى الإمارات- التي قدم منها شيخ الأزهر قبل هبوطه إلى المنامة بساعات- دعا الطيب الجمعة إلى الحوار بين التيارات الرئيسية للإيمان لتسوية الاختلافات الطائفية بما في ذلك الشيعة، في خطاب للزعماء الدينيين بما في ذلك البابا فرانسيس.

والشيخ هو الأمام الأكبر للمسجد الأزهر المرموق في القاهرة ، وهو مركز للتعلم السني، ويدعو دعوته في البحرين التي يشكل الشيعة فيها نسبة كبيرة غالبة من عدد السكان.

ويعتبر الانقسام الرئيسي في الإسلام هو بين السنة والشيعة، وجاءت دعوة الطيب في الوقت الذي أدت فيه الانقسامات الطائفية في الشرق الأوسط إلى تفاقم النزاعات الإقليمية بما في ذلك ما يحدث في اليمن وسوريا، بحسب الفرنسية.

وقال الطيب : "أنا ... أدعو إخواني ، العلماء المسلمين ، في جميع أنحاء العالم من كل عقيدة ، طائفة ومدرسة فكري إلى حوار إسلامي".

وأضاف: "دعونا نطارد أي حديث عن الكراهية والاستفزاز والحروف ونضع جانباً الصراع القديم والحديث بكل أشكاله".

وتابع، في المنتدى، الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين المدعوم من الإمارات، أن كلماته كانت "دعوة خاصة لإخواننا المسلمين الشيعة".

وأكمل أن كبار العلماء في الأزهر والمجلس الإسلامي للشيوخ على استعداد لاستضافة اجتماع "حتى نتمكن من الجلوس معًا في مائدة مستديرة واحدة لتخليص خلافاتنا وتعزيز وحدتنا الإسلامية".

وتضاعفت الاختلافات بسبب خلاف لمدة عام بين إيران التي يهيمن عليها الشيعة والمملكة العربية السعودية السنية ، والتي عقدت محادثات في محاولة لتحسين العلاقات.


مؤتمر المناخ
 

وفي دعم آخر لبلد المنشأ، مصر، التي تستضيف مؤتمر المناخ ال27، تطرقت كلمة أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الوظيفية، إلى "الحفاظ على البيئة"، مشيرا إلى دعوة الإسلام إلى "الاستثمار في استدامة مواردها، وحرم قطع الأشجار والنباتات أو إغراقها بالماء بهدف تخريبها".
 

كما خاض الطيب في الميزانيات وقال إن "المتابع للميزانيات الهائلة المطلوبة لتجاوز أزمة المناخ، خاصةً في ظل ما درجت عليه الدول الصناعية الكبرى من قبض ذات اليد عن التمويل الواجب أخلاقيًّا وإنسانيًّا.. يصاب برعب شديد، مضيفًا أنه على علماء الأديان ورجالها، حيال هذه الأوضاع هو أن نبلغ صرختنا إلى أولي الأمر، وأولي الثراء الفاحش أن يفكروا -ولو قليلًا- في مصيرهم هم قبل غيرهم، وأن ينفروا خفافًا وثقالًا للتصدي لهذه الكارثة..".
 

وجاءت تصريحات الطيب بعد يوم واحد من وصول البابا فرانسيس، زعيم الكاثوليك في العالم والبالغ عددهم 1.3 مليار كاثوليكي، إلى مملكة البحرين الخليج في مهمة حوار بين الأديان.

وفي عام 2019 ، وقع البابا فرنسيس بيانًا مسلمًا مسيحيًا للسلام في الإمارات العربية المتحدة خلال الزيارة البابوية الأولى إلى منطقة الخليج.