بقلم: د. عز الدين الكومي

 
وبعد غياب ومنفى اختياري عاد البرادعي للظهور، وإن شئت فقل بعد انقضاء فترة البيات الشتوي ومع تفتح زهور الربيع جاء البرادعي ليعترف بالمؤامرة الكبرى للعسكر والانقلابيين، ويعترف بعد الإنكار بأن قوتين فقط كانتا على الساحة بعد ثورة يناير هما الإخوان والجيش، كما اعترف أيضا بأن الانتخابات الرئاسية كانت نزيهة والإخوان دخلوا الانتخابات وفازوا بنزاهة، كما فضح البرادعي اتفاق جبهة الخراب وقادة الجيش في مشهد 3 يوليو والذي كان ينص على انتخابات مبكرة وخروج آمن وكريم للرئيس محمد مرسي وحل سلمي للاعتصامات على حد زعم البرادعي، ونظام سياسي يضم الجميع بمن فيهم الإخوان والإسلاميون، ولجنة مصالحة وطنية شاملة.

لكن تم الإلقاء بكل هذا واللجوء للعنف.. ومع ذلك استمر البرادعي في هذا المسلسل الدامي والذي دمر البلاد وقادها للخراب وقبِل بمنصب نائب رئيس الجمهورية كمكافأة له على ما قام به مع جبهة الخراب من تمهيد للانقلاب.

وأنا أعجب من هذا الرجل حقيقة؛ فلا مانع لديه من أن يناقض نفسه حيث أعلن من قبل في مقابلة مع شبكة CNN أن 3 يوليو ثورة وليست انقلابا واستمات في الدفاع عن ذلك، كما أنكر فكرة الانتخابات المبكرة التي يتحدث عنها الآن وهاهو اليوم وبعد قرابة العامين يغير أقواله ويقول انقلاب -بالتلاتة- فلا أدري أهي وخزة ضمير أم لزوم المشهد المرتبك على الانقلابيين، أم استغفال للثوار والظهور بمظهر الوطنية حتى يكون له حضور فيما بعد سقوط الانقلاب، أم أراد أن يطلق عبر جهات معينة رصاصة الرحمة على النظام الانقلابي؟!

والأمر من وجهة نظري المتواضعة لا يعدو عن كونه نوع من تدوير القمامة وهو مصطلح صناعي يطلق على عملية تحويل القمامة والمخلفات لمنتجات أخرى نافعة يستفيد منها الإنسان، فضلا عن أنها تنظف وتنقي البيئة من التلوث ومن المواد الضارة.

وعلى ما أعتقد أن أمريكا ومعها آشتون حاولت تدوير قمامات ومخلفات ضارة بالبيئة وتسبب الأمراض بسبب رائحة خيانتها التي تزكم الأنوف إلى منتجات جديدة صديقة للبيئة.

هذه المخلفات ظهرت بعد ثورة كناشطين سياسيين ووطنيين وهذه المخلفات كلها علب جوفاء وهذا النوع من القمامة لا يمكن تدويره أو حتى الاستفادة منه وتحويله لمواد أخرى لأنه فقط له مهمة واحدة هي ممارسة العهر السياسي ولمن يدفع والسكوت عند اللزوم، خاصة عند سفك الدماء وأن يضع بيادة عسكرية في فمه.

وأنا الآن اكتشفت اكتشافا قد يجعلني مع صاحب الفيمتو ثانية الذي يطالب بدعم ماما أمريكا وعدم التخلي عن قائد الانقلاب ونظامه الانقلابي أو يمكن أن يوصلني للحصول على رتبة لواء ركن بجانب اللواء عبد العاطي الكفتجي، هذا الاكتشاف عرفته بعد مئات البحوث والتجارب والمبيت في المعامل والسهر حتى الصباح تبين لي الآن فقط لماذا خزّنت أمريكا -البوب-ووضعته في مستودع قمامتها حتى يمكن تدويره في الوقت المناسب.

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن هذه المخلفات القمامية ملوثة بالجنابة السياسية والخطايا الانقلابية، وتوهمت أمريكا أن مجرد قليل من الماء يطهرها على طريقة شيوخ الفتة والفتنة مثل الجنابة الفقهية، على طريقة علي فتة مفتي الدم والعسكر، لكن الجنابة السياسية لا تكفي فيها زيارة السيد البدوي ولا يطهرها حتى الانغماس في نهر الأردن حسب أسطورة اليهود مع يوحنا المعمدان.
ترى هل يمكن أن ينسي المصريون لبطرس غالي الأب يوم أن كان رئيسا لوزراء مصر في حادثة دنشواي والحكم على الفلاحين المصريين البسطاء بالإعدام إرضاء لسيده المحتل أم ننسى خيانة حمدين صباحي وقيامه بدور المحلل للانقلاب في مقابل مبالغ -مش بطّالة- وحصوله على المركز الثالث بعد الأصوات الباطلة، وهل نسي المصريون مرارة المعلم بطرس الصليبي جد ساويرس مع الحملة الفرنسية أم هل ننسى العهر السياسي للحزب اللاوطني المنحل طوال 3 عقود وآخرها برلمانيات 2010.
أفيقوا يا قوم فلا تدوير القمامة بعد تخزينها في المستودعات الأمريكية ولا الاغتسال من الجنابة السياسية يصلح كدليل على الطهارة.
وتبقى الجنابة السياسية خطيئة ووصمة عار في جبين كل من يحاول العودة من أبواب الثورية والناشطين السياسيين.
وستبقى اللعنات تلاحق هذه الكائنات حتى نفوقها وهي بفضل الله تتساقط الآن.
الحل لهذه النفايات الضارة بالبيئة والمناخ الثوري أن توضع في صناديق مجهزة لحرقها حفاظا على مناخ ثوري نظيف.