نشر المهندس حاتم عزام -عضو البرلمان الشرعي- مقالاً للدكتور محمد محسوب -نائب رئيس حزب الوسط- حول حق مصر القانوني باستعمال كل الوسائل لمنع إقامة سدود تؤثر على حصتها بمياه النيل، والذي نُشر في جريدة أخباراليوم بتاريخ 9 يونيو 2013 في عهد الرئيس د.محمد مرسي، وتم حذفه من أرشيف الجريدة. هامة عن سد النهضة.
وعلق عزام على المقال -عبر صفحته على موقع التواصل- قائلا: مقالة الأخ والصديق العزيز د.محمد محسوب، حذفتها جريدة أخبار اليوم من أرشيفها والتي عن حق مصر. وأضاف: هذا الحق أسقطه التوقيع على إعلان سد النهضة من قبل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
يقول محسوب: إن الإثيوبيين وضعوا تصورًا لإعادة اقتسام مياه النيل وفقًا للحاجة.. لا وفقا للحقوق التاريخية، معتبرين أن الحاجة لا تعني فقط الحاجة للمياه وإنما الحالة المتطورة بتطور الزيادة السكانية والتمدد العمراني، كما لا تعني الحاجة للمياه كمادة وإنما أيضا الحاجة إليها كوسيلة لتوليد الطاقة.
والحاصل أن جهود دولة الاحتلال الإسرائيلي أدت في النهاية إلى طرح "الاتفاقية الإطارية الشاملة CFA التي تم توقيعها سنة 2010 من خمس دول من دول المنبع، ثم زادت باضطراد، وأهم ما اشتلمت عليه هو تغيير مفهوم الأمن المائي، خصوصًا لمصر، ليصبح مجرد تعهد علي عاتق دول المنبع في السعي لضمانه، دون التزام بالامتناع أو حتى الاتفاق المسبق بشأن أية مشروعات ترغب أي دولة من دول المنبع في إقامتها علي حوض النيل، ودون أي التزام بألا تؤثر مثل تلك المشروعات سلبًا على الاستخدامات الحالية وحقوق دولتي المصب، وتبع ذلك طرح مناقصات عالمية لدراسة بناء عدة سدود على حوض النيل الأزرق الذي تأتي منه غالبية حصة مصر في المياه، وبدأ بالفعل تنفيذ المشروع الأول منه بأعمال فنية تحضيرية لبناء ما يُسمى بسدّ النهضة.
وأضاف محسوب: ربما أن إتمام إجراء تحويل مجري النهر بعد زيارة الرئيس المصري لأديس أبابا والمشاركة في القمة الإفريقية الاستثنائية، كان يهدف للإيحاء إلي المجتمع الدولي، خصوصا الدول المشاركة في عملية بناء السد، بأن الدولة المصرية الرسمية توافق علي المشروع، بعد أن جرى استغلال زيارات وفود شعبية في إرسال رسالة للمجتمع الدولي أن الشعب المصري يقبل المشروع.
وتابع: بغض النظر عمّا حدث في اجتماع القوى السياسية برئيس الدولة، فإن الناحية الإيجابية لهذا اللقاء ولبثه علي الهواء، قصدًا أو خطأ، تمثلت في أن رسالة قاسية وصلت لجميع الأطراف بأن المسألة عادت لتصبح قضية شعبية ورسمية من المستوي الأول، ومن ثم فإن اعتذار رئيس أحد الأحزاب السياسية للدولة الإثيوبية عمّا بدر من بعض ممثلي القوي السياسية في الاجتماع لم يكن له محل من الإعراب، لأن التجاوز، إن كان تجاوزًا، إنما صدر عن ممثلين لقوى سياسية وليس من الدولة الرسمية، ومن ثم فالأمر لا يستوجب اعتذارًا ؛ وإلا فنحن الأولي بالاعتذار لنا عن قيام الجانب الإثيوبي بإجراء عملية تحويل مجرى النيل الأزرق بمجرد أن اعتلى الرئيس المصري سلّم الطائرة دون اعتبار للعلاقات التاريخية والودية والمصيرية والشعبية.
وواصل: ربما يحاول البعض التخفيف من المشكلة، لكنّا نرى الوضع جدًّا خطيرًا؛ لأن مصر ستحتاج ابتداء من سنة 2017 إلى 86.2 مليار متر مكعب من المياه، ومن ثمّ لم تعد حصتنا الحالية تكفي وهي لا تتجاوز الـ 55.5 مليار متر مكعب، ففي ظل هذه الحصة تبقى مصر في إطار خطّ الفقر المائي، والذي يتحدد على أساس 1000 متر مكعب سنويا للفرد، بينما يبلغ نصيب المصري حاليا 860 م مكعب فقط؛ وإذا تراجع عن ذلك بسبب أي مشروع يتم بناؤه على حوض النيل، فإن الأمر ربما يصبح كارثيا.
ويكمل محسوب: نحن لن نستبق الأحداث ونحكم علي الأمر برمته، لكن الواضح أن مصر لم تكن شريكة فيما أجري من دراسات ولا طرفا في عملية التجهيز للمشروع أو في تنفيذه أو إدارته، كما لم يتحدث أحد عن أن دراسة حقيقية جرت للتعرف على الحلول البديلة الأخرى للسد، والذي ربما يوّفر الطاقة لإخواننا في أثيوبيا دون أن يهدد حصتنا في مياه النيل.
واستطرد: البدء في إجراءات المشروع ليس سوى عمل انفرادي بامتياز، لا نملك إلا أن نتخوف منه، ونعترض عليه، ونتمسك بجميع الخيارات لوقفه، وربما أن أفضل الخيارات للجميع، هي وقف أي أعمال تحضيرية انفرادية والبدء من جديد في دراسة الموضوع بلجان مشتركة علي الأرض بين مصر وأثيوبيا، وباقي دول حوض النيل دون تأثير أجنبي، وأن تبدأ الدراسة بسؤال كبير، هل يمكن توفير الطاقة لإثيوبيا دون التعرض لمجري النهر؟ وإذا عجزت الحلول البديلة، يجب أن يكون أي مشروع على مجري النيل أو فروعه الأساسية منشأة مشتركة يتم إدارتها بمشاركة دائمة لدولتي المصبّ، وأن يكون أي مشروع لإنتاج الكهرباء باستخدام مياه النيل في دول المنبع، مشروعا مشتركا ملكية، وإدارة مع دولتي المصب.
وختم: أخيرًا فإنني أحذر من اللجوء للقضاء الدولي، أو للتحكيم بشأن مسألة مستقرة وحقوقنا القانونية والتاريخية فيها لا خلاف عليها، إذ لا يجوز وضع مسألة تتعلق بوجودنا ومستقبلنا في يد قضاء دولي، رغم ثقتنا في موقفنا القانوني الثابت والمستقر.