نافذة مصر
كتب النائب عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط وعضو جبهة الضمير منتقدا المتحولون من الجبناء عبر صفحته الشخصية علي موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك تحت عنوان ثلاثون عاما من الصداقة قائلا " أخيرا وبعد طول انقطاع ، جاءتني منه رسالة تقول " عصام كفاية كده لابد من إسقاط النظام كله ، لن تجدي المعارضة المستأنسة التي توهم نفسك بها، الأمر فقط يحتاج إلى شجاعة و تضحية ، وأنا لها "..
كان صديقي هذا من أوائل الزملاء الذين تعرفت عليهم فى مدرج السنة الأولى بحقوق القاهرة منذ أكثر من ثلاثين عاما ، كنا مختلفين فى كل شئ تقريبا ، إلا ما يجمعنا من حوارات ومناقشات ثقافية وفكرية حادة ، كانت تنتهى دائما بزعل أحدنا ، إلى أن صدم صديقى حين رآنى فجأة أقود مظاهرة ضخمة ، بها أكثر من خمسين ألف طالب ، تجوب الحرم الجامعى ، تنديدا بمسلك الداخلية وإدارة الجامعة فى منع الأستاذ عمر التلمسانى رحمه الله من الدخول وإلقاء محاضرة ..
ومن هذا اليوم اختفى صديقى تماما عن الأنظار ، ثم بدأ يظهر على استحياء متجنبا الحديث أو حتى مجرد الوقوف معى ! وبمحاولات متكررة منى عادت العلاقات ، وقد التمست له العذر لأنه ظل عدة ليالى لا ينام من الخوف بسببى ..
كان صديقى يرى أن ما أفعله من معارضة للنظام ، هو درب من الجنون ، وأن مستقبلى حتما سيضيع ، وأن آخرى هو الرمى فى أحد السجون أو المعتقلات ، وأنه مضطر فعلا لتقليل الظهور معى لأن مباحث أمن الدولة تراقبنى وهو غير مستعد للتضحية بمستقبله ..
بيد أن صديقى العزيز كان دائم القلق علىًّ ، فقد زارنى بعد خروجى من معتقل أبو زعبل عام ٨٧ أيام زكى بدر ، ونصحنى بضرورة الكف عن نشاطى السياسى ، وتكرر الأمر عام ٩٦ حين بدأنا أول محاولة لتأسيس حزب الوسط فقبض على مجموعة منا بقيادة المهندس أبو العلا ماضى وأحيلت إلى المحكمة العسكرية بتهمة محاولة تأسيس حزب سياسى ! ثم تكرر الأمر ثالثا ورابعا حين أسسنا حركة كفاية فى منزل المهندس أبو العلا عام ٢٠٠٤ ثم الجمعية الوطنية للتغيير فى منزل الدكتور البرادعى فبراير ٢٠١٠ ، وكنت أستمع إليه فى كل مرة وأسأل نفسى متى سيتغير صديقى ؟
أما اللحظة التى انقطعت فيها علاقتنا وانفعلنا وأغلقنا الهاتف فى وجه بعض ! فقد كانت مساء يوم ٢٨ يناير ٢٠١١ بسبب مداخلتى على قناة الجزيرة عقب انتهاء حسنى مبارك من كلمته مباشرة ، حين قلت إن مبارك يكذب وربما تكون هذه آخر كلمة له ! هنا دق جرس تليفونى الأرضى وإذا بصديقى يكيل لى اللوم والتقريع وكأنه يريد إسماع آخرين يراقبون التليفون ، فلم أتمالك نفسى وانفعلت عليه ، ومن يومها انقطعت العلاقة ، فقط علمت من صديق مشترك أنه قد ارتبط بعد الثورة برمز سياسى شهير..
عموما أنا سعيد جدا برسالتك ياصديقى العزيز ولكن ، هل فعلا تعنى ماتقول ؟ أم أنك تحاول مداراة الخوف المستوطن فيك خلال الثلاثين عاما الماضية ؟ بدليل أنك لم تجد فى الدنيا إلا أنا لتعلمنى التضحية والشجاعة ؟ وهل هى محض مصادفة أن كل الذين يتكلمون عن إسقاط النظام الآن ، هم أنفسهم الذين كانوا يخافون من مجرد السلام علينا أيام مبارك لأننا مراقبون ؟؟؟
أعلم وأدرك جيدا أن الدنيا بتتغير ، ولكن مش للدرجادى !