خميس النقيب



صراع لا ينتهي بين الحق والباطل،  لكن الحق دولة والباطل جولة،  الباطل ساعة والحق الي قيام الساعة ...!!   قال تعالى:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} الإسراء  كان  ذلك جليا في يوم الزينة المعروف عند عامة الناس بيوم شم النسيم   كيف؟ 
قال فرعون  الضعيف اللعين لموسي القوي الامين  " أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى "  طه  ،    يصف الحق الذي جاء به موسي عليه السلام بالسحر . .. !! ليرد عليه بباطله وسحره ..!! ﴿فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَاناً سُوًى﴾ فحدد لهم موسى عليه السلام الموعد كما جاء بالقرآن في يوم معلوم هو يوم الزينة.
  قال تعالى " قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحي " طه 59
لابد من وقفة ليستبين الله الخبيث من الطيب والمؤمن من الكافر والناسي من الذاكر والجاحد من الشاكر .... : (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) آل عمران
 أي أن الله عز وجل شاء أن يميز بين الخبيث والطيب على أرض الواقع وذلك بالاختبار والابتلاء والتمحيص ،فحياة المؤمن صحيح الإيمان لا تفاجئه أبدا الصور المتعددة لهذا الابتلاء والتمحيص فإن كل ما في الدنيا من أهواء وأعمال وآراء: متردد بين الحق والباطل, والهدى والضلال, والخطأ والصواب ..!!
 لو أن الأمر بيد فرعون لأمر بقتله وانتهى الأمر, لكن لأن الأمر بيد الله القاهر الغالب ،  كان الضعف البشري ظاهرا فالبشر ضعيف ينتابه بعض الخوف الطبيعي حتي لو وصل لدرحة النبوة ..!!   ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ [سورة طه الآية:45]
 لكن معية الله اقوي واقهر واحفظ ..!!   ﴿ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾
 يخاف لانه ربما يكون هناك ضعفاً في توحيده فعليه أن يأخذ بالأسباب،  ولايخاف الا الله القوي  ولا يوحد الا الله الواحد الباقي،   إله واحد  هو رب العالمين،  فلا يوجد إله ثان: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾  [سورة الزخرف الآية:84]
الفاسدون يمررون فسادهم ويفلسفون انحرافهم و يزينون عملهم  ولا يوجد  ظالم  يتكلم الحقيقة إن كانت ليست في صالحه.
 الإنسان الجبار الظالم الطاغية  ماذا قال؟ ﴿قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾
[سورة طه الآية:63]  فرعون ومن حوله طريقة مثلى ..طريقة فرعون ومن معه هي المثلي ... وما عداه فاشل عميل ..هكذا يفكر الفرعون القديم وفراعنة اليوم  !! " اني اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الارض الفساد "
 الإنسان قد يكون على أعلى درجة من الانحراف؛ ويدّعي أنه على حق،  ويدّعي أنه على صواب ويدّعي أنه القدوة  فلا تعبأ بكلامه؛ المنحرفون يفلسفون انحرافهم فيأخذون ما ليس لهم يجعلون من عملهم عملاً براقاً ،  هل كل إنسان قال: أنا على حق هو على حق؟  كلا؟
 هذا فرعون يرص اتباعه  صفا واحدا لمجابهةالحق و ينصحهم ليجمعوا كيدهم  ويحضروا حقدهم  قال: اذهبا:﴿ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾ طه  من اجل الاستعلاء لا العطاء،  من اجل الكبرياء بالباطل  لا بالحق فكانت النتيجة ان اذله الله في الدتيا قبل الاخرة ..!! "  وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ " القصص
وهنا نجد ان السحرة يطلبون عمولة واجر مقابل سعيهم في الباطل،  فيفاجأهم الطاغية المستبد بافضل من ذلك .. وعدهم بالقرب منه علاوة علي الاجر الذي يطلبون ...!!  : ( فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين ( 41 ) قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين ( 42 ) قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون ( 43 ) فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون "   الشعراء  وبدأت الموقعة  ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى* بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾
سورة طه
جمع الناس واراد الظالم المستكبر فرعون ان يصرف الناس عن موسي عليه السلام وان يدحض الايات  فانقلب السحر علي الساحر " والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا انما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث اتي " " والقي السحرة ساجدين قالوا امنا برب العالمين * رب موسي وهارون "  فكان رد فعل الغبي " آمنتم له قبل ان آذن  لكم إنه لكبيركم الذي  علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقي "طه    .." فردوا عليه يلقنونه درسا في الايمان بالله  ويعلمونه ان قرب الله افضل من اجره واجمل  من قربه   وان القوة والبقاء لله وحده "  انا امنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وابقي .." [سورة طه الآية:46]  نغم فلا بقاء لظالم،  ولا بقاء لمستبد،  ولا بقاء لمن يقتل الرجال ويستحي النساء ..!! الامس واليوم وكل يوم ..!! والله تعالي يمهل وﻻيهمل ..!! لكنه الصراع بين الحق والباطل ..!!
ورد عن الإمام الشافعي قوله: والله الذي لا إله إلا هو لو أن الحق ترك الباطل ما ترك الباطل الحق أبدا, ويؤكده قول الله تعالى في قصة قوم لوط عليه السلام, الذي لم يتجاوز النصح والإرشاد لقومه (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) النمل
 
  فمهما حقق الباطل في البداية من انتصارات آنية, أو كسب معركة جانبية واهية لابد من انتصار الحق قي النهاية وعلوه وسموه علي المدي البعيد  كيف؟ 
  قال  تعالى:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} الأنبياء
 
 وقال تعالى:{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} الأعراف
 وقال تعالى:)كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ( الرعد
 يوم الزينة  لم يكن للاكل والشرب والبذخ والاختلاط والذنوب والمعاصي وانما كان حدا فاصلا بين الحق الذي جاء به موسي عليه السلام والباطل الذي روجه فرعون عليه لعنة الله،  وانتصرالحق وانهزم الباطل بفضل الله .. كما ان الحق منصور دائما،  والباطل مهزوم ولو بعد حين ..! يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: فإذا احتدمت المعركة بين الحق والباطل حتى بلغت ذروتها، وقذف كل فريق بآخر ما لديه ليكسبها، فهناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته، ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول، والامتحان الحاسم لإيمان المؤمنين سيبدأ عندها، فإذا ثبت تحول كل شئ عندها لمصلحته، وهنا يبدأ الحق طريقه صاعداً، ويبدأ الباطل طريقه نازلاً، وتقرر باسم الله النهاية المرتقبة. ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ الحج 
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه  ...

 [email protected]