خميس النقيب

هياكل مجسمة،  اشباح مصممة ،  خشب مسندة،  دمي مجردة ،  نصب مجندة   تنتشر في   الفضائيات والمنتديات ، في الجرائد والمجلات وفي بعض المؤسسات تم تجنيدها لتداهن الحكام وتنافق الانام وتكثر الازلام وتزيد الالام ، يبثون الكذب،  يعرون الحقيقة ويخفون الحق،  يعانقون الشيطان ويبارزون الرحمن ويحاربون اهل الايمان،  والحق واضح وضوح الشمس في كبد السماء،  والحقيقة جلية كالشمس في رابعة النهار،  لكنهم مرضي نفسيون او سحرة رسميون يسمون   انفسهم اعلاميون او مهنيون .. وكل ماهو مهني او  منطقي او عقلي منهم براء ...!! اقامو الدنيا ولم يقعدوها في الكباب وذبح الكلاب والتعاطي مع الارهاب وكانت المحصلة في النهاية سراب سراب سراب ..!!
لم تجد  في شعوب العالم شعبا احتفظ بنصب تمجيدا لقاتل أو تعظيما لكاذب او تخليدا لطاغية الا عند العرب المتاسلمين ، ليس لأن الشعوب لا تمجد طغاتها فحسب، إنما لأن هذه التماثيل لا يمكن أن تشيع إلا مفاهيم الظلم والقتل، و الاستبداد والفساد،  الحرمان والطغيان،وبالرغم من كل ذلك، فإن الظالمين والمستبدين  كثيرا ما يعمدون إلى إقامة مثل هذه النصب وفق قياسات خاصة  بهم تتجاوز حدود المنطق والعقل، في الحجم والعدد، إضافة إلى نصب وتماثيل واذرع كيغوث ويعوق ونسرا ..!!  تروج لثقافتهم وسياستهم، لنفاقهم وكذبهم،  لخداعهم لشعوبهم  ،انها غالبا ما تتميز بوجه أحادي النظرة والمفهوم، انطلاقا من الآفاق الشمولية والالة القمعية والخطة الشيطانية والمجاملة الدولية ..!! لذلك انتشرت الاشباح  في كل ناحية تنافق الانسان وتشوه المكان وتلوث الزمان،  بنفاق يزكم الانوف و يجلب الحتوف ولا حول ولا قوة الا بالله الخبير اللطيف ..!! انها خشب مسندة تنتظنر السقوط في اقرب وقت، ودمي تجلب لنفسها ولاتباعها العار والمقت،   ونصب مجردة من الفكروالمنطق والعقل،  وفارغة من الصدق والحياء والحياة ...!! 
أنزل الله - جلَّ وعلا - في امثالهم من المنافقين علي مر السنين سورة سُميت باسمهم ، تفضح بعض مواقفهم ، وتُدحض حججهم وتبين صفاتهم وتوضح نياتهم  ، وكان من جملة ما نَعَتَهُمْ الله تعالى به قوله : " وإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وإن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ " المنافقون  
فقد وصفهم الله - تعالى - بأن الناظر إليهم يُعجبُ بجمال أجسامهم ، ومن يسمعهم يُؤخذ بفصاحة ألسنتهم ، لكنهم كالهياكل الفارغة ، أشباح بلا أرواح ، وأجسام بلا أحلام وارقام بلا اعلام ..!!  لكن الناس - للاسف-  تنجذب لسحرهم وتسمع لقولهم وربما تدافع عن معتقداتهم وان كانت معطوبة اوفاسدة ..!! والحال الان ابلغ من المقال ..!!
وهذه الصفات تتناسب مع حالة النفاق ، إذ إن ظاهر المنافق دائماً خير من باطنه ، فظاهره الإيمان ، وباطنه الكفر ، ظاهره الصدق وباطنه الكذب،  ظاهره الاخلاص وباطنه الشرك،  تجده ذلق اللسان ، لكنه يقول غير ما يعتقد وهو يعلم هذا ويتقن ذلك  ؛ فهو كذاب ، وهو جميل الصورة ، لكنه عاطل من الصفات النبيلة كالإيمان والمروءة والرجولة والصدق والاخلاص .
وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال : » كان عبد الله ابن أُبي (رأسُ النفاق) وسيماً جسيما صحيحاً صبيحاً ذلق اللسان ، فإذا قال سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- مقالته  ...
وتطرح هذه الآية الكريمة مسألة خطيرة في حياة الإنسانية بعامة وحياة المسلمين بخاصة ، هي قضية العلاقة بين الشكل والمضمون ، أو الجوهر والمظهر او المنظر والمخبر ..كيف؟
 الجوهر يكمن في مجموع الخصائص الخُلُقِيَّة والنفسية . والصور الذهنية ، والخبرات الفردية العمقية .، بينما المظهر فإنه مجموع ما يحمله الفرد من الصفات الجسمية ، وما يمتلكه من الأشياء ، وما يتحمله من وظائف ، مما لا يعد على صلة مباشرة بكينونته الذاتية .
حث الإسلام على النظافة ، كما امتنَّ الله - تعالى - علينا بما نشعر به من التالق  عندما نصدق في القول ونفرح لجميل المنظر،  وخاصةعندما يتفق المخبر مع الجوهر ووجه عباده ان يكونوا دائما مع الصادقين  " يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " الاحزاب

اذن تكمن المشكلة في اختلال التوازن بين الجوهر والمظهر ، أو بين المضمون والشكل،  وحينما يضعف الوازع الديني لديهم  فإن الميزان يميل مباشرة لصالح المظهر فينتشر الكذب ويكثر النفاق  وعندها يحسبون كل صيحة عليهم فيطلقون التهم ويمرحون في الكذب ويتحول المجتمع الي فوضي يختلط فيه الحابل بالنابل،  ويترك فيه الحبل علي الغارب،  ويغيب فيه الصادق ويمكن للكاذب ،  علما بان  الناظر في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والحياة العامة لصحابته - رضوان الله عليهم - يجد أن السيطرة كانت للكينونة الداخلية ، وليس لما يمتلكه الناس من أشياء ؛ لأن المحور الأساسي للحياة الاجتماعية كان الإنسان ، وليس الأشياء ؛ أما الآن فقد صارت  الملكية او المصلحة الشخصية الفردية هي اساس التعامل واصل الحركات والسكنات لذلك تتكاثر الاشباح وتتوالد النصب وتتصدر  الدمي  لتصنع المسرحيات الهزلية وتعقد الحوارات الجدلية    وتنتج الافلام السوقية  التي تغيب الشعوب عن وعيها وتصرفها عن دينها وتجرفها عن طريق حريتها .
 ، انهم بذلك   عدو  يستوجب الحذر   ،    وصدق الله             : " وإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وإن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ " المنافقون   ... علاوة علي ذلك فان مصيرهم اليم وعذابهم عند الله عظيم،  ان الله منع نبيه ان يصلي علي احد منهم او يستغفر له كيف؟    روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما خيرني الله فقال:اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [التوبة:80]. وسأزيده على السبعين، قال: إنه منافق. قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية:وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:   وفوق ذلك ليس لهم في الاخرة انصار وهم  في الدرك الاسفل من النار   "  إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا " النساء   اعاذنا الله من النفاق والمنافقين  ، و  قاتلهم الله اني يؤفكون ونجي منهم  العباد والبلاد الي يوم الدين ...اللهم امين ..

 [email protected]