خميس النقيب

كثيرون هم الذين يعتزون بالاثم ويانفون بالظلم في مجتمعات غيبت الحقيقة وضيعت الحق ودفنت العدل،  يعتزون بالاثم كبرا واطرا واشرا،  ويتعصبون للظلم  حمية ونكاية وعنادا ...!! واذا روجعوا صبوا جام غضبهم على المراجع،  واذا عوتبوا لم يقبلوا من اي معاتب،  واذا قيل لهم اتقوا الله اخذتهم العزة وعلتهم الكزة، وغمرهم النفاق وضربهم الشقاق،  بينما     المؤمن كيس فطن ينظر إلى الأشياء بمعيار اليقظة العقلية، ولا يدع نفسه للغفلة العاطفية،  والمسة الشيطانية،  بل يريد الله أن يكون لكل مؤمن ذاتية وكياسة،  واذا ذكر في الله تذكر، واذا عوتب يستعتب،   واذا قيل له اتق الله قال اللهم اجعلني من المتقين  ، اما المنافق  " اذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم "  نتيجة العجب الذي ملا نفسه والكبر الذي غمر قلبه والعند الذي سري في عقله،  فراح يهزي ويفري ويغري  ...
كان راس المنافقين وكبير الافاكين يصلي في الصف الأول، ويتحمس لقضايا الدين، ويقول القول الجميل الذي يعجب النبي صلى الله عليه وسلم ويعجب المؤمنين، لكنه سلوك وقول صادر عن نية فاسدة. ومعنى "اتق الله" أي ليكن ظاهرك موافقا لباطنك، فلا يكفي أن تقول قولا يعجب، ولا يكفي أن تفعل فعلا يروق الغير؛ لأن الله يحب أن يكون القول منسجما مع الفعل، وأن يكون فعل الجوارح منسجما مع نيات القلب....!!
عزة المؤمن بالحق وليست بالإثم، عزة المؤمن بالحق لا بالباطل،  بون شاسع وفرق واسع بين الاثنين كيف؟   ألم يقل سحرة فرعون: فيما حكاه الله عنهم:  بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ(44) الشعراء
 هذه عزة بالاثم لا بالحق،  عزة بالباطل  ، ومثلها  " بل الذين كفروا في عزة وشقاق "  سورة ص   ، وهي عزة كاذبة ايضا  ،  أما قوله عز وجل: " سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ " سورة الصافات   ، فتلك هي العزة الحقيقة، إذن فالعزة هي القوة التي تغلب، ولا يغلبها احد، وهي الطاقة التي تمد ولا يمدها احد وهي اليد التي تعطي ولا يعطيها احد،   أما العزة بالإثم فهي كبرياء مقرون بالذنب والمعصية. و لكل من يريد هذا اللون من العزة بالإثم: إن كانت عندك عزة فلن يقوى عليك أحد، ولكن يا سحرة فرعون يا من قلتم بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون، أنتم الذي خررتم سجداً لموسى وقلتم: " امنا برب العالمين * رب موسي وهارون"  الشعراء
ولم تنفعكم عزة فرعون؛ لأنها عزة بالإثم، لقد جاءت العزة بالحق فغلبت العزة بالإثم. لذلك يبين لنا الحق سبحانه وتعالى أن العزة حتى لا تكون بالإثم، يجب أن تكون على الكافر بالله، وتكون ذلة على المؤمن بالله.
" أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ " المائدة   وعزة الفراعنة تباعا ستزول وتنقضي لانها بالباطل لا بالحق،  الذين يعتزون بكذبهم ونفاقهم وعمالتهم سينتقم الله منم كما انتقم من فرعون وطبالينه سابقا واغرقهم لما اغضبوه   ...!!   فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين *   فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين  " الزخرف
دليل العزة بالحق ان صاحبها يكون معها في منتهى الانكسار، ولنا القدوة في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي خرج من مكة لأنه لم يستطع أن يحمي الضعفاء من المؤمنين، وبعد ذلك يعود إلى مكة  فاتحا  بنصر الله، ويدخل مكة ورأسه ينحني من التواضع لله حتى يكاد أن يمس سرج دابته، تلك هي القوة، وهي على عكس العزة بالإثم التي إن غلبت تطغي انما  العزة بالحق إن غلبت تتواضع.
"وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم" أي أن الأنفة والكبرياء مقرونة بالإثم وممزوجة بالظلم  ، والإثم هو المخالف للمأمور به من الحق سبحانه وتعالى، "فحسبه جهنم ولبئس المهاد". أي عزة هذه التي تقود في النهاية إلى النار؟ إنها ليست عزة، ولكنها ذلة، فلا خير في عمل بعده النار، ولا شر في شر بعده الجنة. فإن أردت أن تكون عزيزاً فتأمل عاقبتك وإلي أين ستذهب؟
 والذين تاخذهم العزة بالاثم فوق كبرهم وعجبهم يظلمون ويانفون  بالظلم،  لكن عزتهم باطلة ومكرهم يطمسه مكر الله فهو اسرع مكرا ..!!  هذا رجل كان  له خصوم ظلمة، قال الرجل :  فشكوتهم إلى أحمد بن أبي داود، : قد تضافروا عليَّ وصاروا يدًا واحدة، فقال: يد الله فوق أيديهم، فقلت له: إن لهم مكرًا، فقال: ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، قلت: هم من فئة كثيرة، فقال: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ...!!  وقيل  من دعا لظالم بالبقاء  فقد أحب أن يُعْصَى الله في أرضه ..
 
العزة بالحق جعلت القلة تنتصر على الكثرة والأميين يغلبون المتحضرين،ورعاه الغنم ينتصرون على طغاة البشر بيقينهم في قلوبهم ومصاحفهم في أيديهم وسيوفهم على أكتافهم ومساكنهم على ظهور خيولهم يقولون لملوك الفرس وصناديد الروم:نحن قوم إبتعثنا الله لنخرجكم من عباده العباد إلى عباده رب العباد..
 
لقد كشف الرسول صلى الله عليه وسلم لامته عن أسباب ضعفها حين تضعف وهوانها حين تهون  فقال"يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الاكله إلى قصعتها" ثم بين أن سبب ذلك حب الدنيا وكراهية الموت هذا هو مبعث الوهن الحقيقي وسر الضعف المقيت،أن يخلد المرء إلى دنياه الخاصة فيعيش عبدا لها مطواعا لأوضاعها أسيرا لقيودها تحركه الملذات كالخاتم في الإصبع وتسيره الرغائب كالثور في الساقية،يتحرك في مدار محدود فاقد الهدف معصوب العينين سليب الغاية   يجعل الملك في صولجانه عبدا ضعيفا ذليلا إمام إمراه يعشقها أو شهوه يطمع في نيلها أو بطانة تعينه على ظلمه وطغيانه وسرقاته ونذواته وكراهية الموت هي التي تجعل الإفراد والجماعات يؤثرون حياه ذليله على موت كريم،يوثرون حياه يموتون فيها كل يوم موتات،على موت يحيون بعده حياه الخلود

نعم ،  هذه الانتكاسة هي من العزة بالاثم،  وهي حال كثيرين اليوم في الحكومات والفضائيات والمؤسسات،  يعتزون بالاثم ويفتخرون بالكذب و ويتنادون بالظلم والذنب  الا من رحم ربي وعصم ..!!

. الخوف والحرص اللذان يضعفان النفوس ويحنيان الرؤس ويذلان الأعناق ويذهبان الأخلاق،لكن العبد إذا هانت عليه الدنيا ولم يبال بالموت هان عليه جبابرة الأرض وملوك الناس،وبأس الطغاة وقوى الأرض جميعا انه لا يقف ليسال ماذا سيأخذ وماذا سيدع؟ماذا سيقبض وماذا سيدفع؟ماذا سيخسر وماذا سيكسب؟  انه يعتز بدينه،  باسلامه،  باخلاقه،  بالحق الذي امن به،  اما الكافر المنافق يعتز بالاثم  ،ويفرح بظلم الناس وقهرهم وقمعهم مثل قارون عليه لعنة الله " اذقال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين  "  القصص   اي لا يحب الفرحين بظلم الناس امثالك .. وبدلا من ان يرجع ويعود قال  كما حكي عنه القران  "انما اوتيته علي علم عندي "  القصص   فكانت النهاية الدنيوية له  " فخسفنا به وبداره الارض " وما انقذه  ماله ولا سلطانه  ولا حاشيته " وما كان له من  فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين "القصص   لذلك نهاية كل معتز باثمه فرح بظلمه شامت في قتل الناس محسومة واخرته معروفة " فحسبه جنم ولبئس المهاد " البقرة  بل انك تجده حلو الكلام حلو المنظر لكنه كالخشب المسندة ضره اكثر من نفعه، لا قيمة له ولا صدق لديه ولا حياء عنده كالاخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة ، واسمه أبي وسمي الأخنس لأنه خنس يوم بدر بثلاثمائة رجل من بني زهرة عن قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر وكان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجالسه ويظهر الإسلام ويقول إني لأحبك ويحلف بالله على ذلك وكان منافقا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني مجلسه فنزل قوله تعالي  " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا  "  اي تستحسنه ويعظم في قلبك ويقال في الاستحسان أعجبني كذا وفي الكراهية والإنكار عجبت من كذا ( ويشهد الله على ما في قلبه ) يعني قول المنافق والله إني بك مؤمن ولك محب ( وهو ألد الخصام ) أي شديد الخصومة،  وكم من الاخنس الان شديدي الخصومة مع الحق واهله،  اما اهل الحق فهم صايرون مرابطون وبالامل والاينان يتسلحون  امامهم الافق  مشرق وضاء هناك في جنه الخلد لذلك ينظر كل منهم إلى الذهب كما ينظر إلى الحجر،وينظر إلى السيف  كما ينظر إلى العصا أو هو ادني ... لا يعتزون بالفراعنة ولا بامريكا ولا بغيرها،  انما يعتزون فقط بربهم وبنبيهم،  يفرحون بدينهم وبالمؤمنين ...!!     "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين "  المنافقون " وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون "  الشعراءاللهم ارزقنا العزة بالحق لا بالباطل،  اللهم اعزنا بالاسلام فان ابتغينا العزة في غيره ذللنا ،
   اللهم اعزنا بطاعتك ولا تزلنا بمعصيتك .....
 
[email protected]