شعبان عبد الرحمن (*)   

مرت ذكري إقامة "الكيان الصهيوني" علي أرض فلسطين كذكري باهتة لا يلتفت الناس إليها كثيرا رغم ما يحدق بالبقية الباقية من أرض فلسطين من أخطار ورغم استمرار الصهاينة في التهام ما بقي من القدس تمهيدا للاستيلاء علي الأقصى.

فقد مر يوم الخامس عشر من مايو هذا العام وهو الذكري الخامسة والستين لنكبة فلسطين بصورة روتينية مع بعض التعليقات التاريخية في إعلامنا عن الحدث.!

  وقد جاء ذلك اليوم المشئوم كثمرة من ثمار الوعد الخائن الذي أصدره وزير الخارجية البريطاني «آرثر بلفور» في 2/11/1917 م لليهود بإقامة وطن قومي ، وذلك في خيانة تاريخية لن يمحوها الدهر، فقد تم فيها إهداء أرض فلسطين من قبل من لا يملكها (الاحتلال البريطاني) لمن لا يستحقها (الكيان الصهيوني)، وهي الخيانة التي شارك فيها ودعمها المجتمع الدولي ممثلاً في القوى الكبرى والأمم المتحدة ومجلس الأمن بتصديقهم عليها واعترافهم بالكيان الغاصب عقب إعلان دولته مباشرة في 14 مايو 1948م، وذلك عار سيظل عالقاً في جبين بريطانيا والمجتمع الدولي.

ولقد تمخض عن ذلك الوعد منذ عام 1917م حتى اليوم أشرس وأوسع حملة عرفها التاريخ ضد شعب يعيش على أرضه، ارتكب خلالها العدو الصهيوني أبشع مذابح التطهير العرقي، بدءاً من مذبحة «دير ياسين» (9/4/1948م) التي سبقت النكبة الكبرى بعام تقريباً، حتى مذابح غزة المتكررة والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والمختطفين ومئات الآلاف من الجرحى، كما شهدت عمليات طرد جماعي لأهل فلسطين.. أصحاب الأرض.. إلى عالم الشتات، وأصبح ما يقرب من 6 ملايين نسمة بلا وطن، بينما الصهاينة القادمون من الشرق والغرب تاركين بلادهم باتوا يتمركزون ويسيطرون على ديار الفلسطينيين وأراضيهم.

وإن ما يتابعه العالم اليوم من استعار الحملة الصهيونية خير دليل، حيت يتم التهام ما بقي من أراضي مدينة القدس الشريف، والسيطرة على المسجد الأقصى المبارك، بعد موجات طرد ونزع الجنسية عن أهلنا المقدسيين؛ حتى باتوا أقلية في قدسهم، وباتوا أشبه بممنوعين من الصلاة في مسجدهم، بينما يتم الترتيب من قبل الكيان الصهيوني لاقتطاع أجزاء من الأقصى لتخصيصها لصلاة اليهود كمرحلة أولى لالتهام المسجد الأقصى بكامله!
لقد أشعل «وعد بلفور» المشؤوم نار الاستعمار الصهيوني على أرض فلسطين، وكان إعلان ما يسمى بـ«دولة إسرائيل» عام 1948م أول ثماره، ومع مضي السنين تتزايد نيرانه اشتعالاً ضد أرض فلسطين وأهلها ومقدساتها، وما نتابعه اليوم في القدس والمسجد الأقصى خير مثال.

بينما النسيان بات يلف عالمنا العربي والإسلامي؛ فنسي تلك الذكرى.. إن ذكرى النكبة ينبغي أن تظل حية في قلوبنا وفي مواقفنا وفي تحركاتنا، وينبغي على العرب والمسلمين أن يتذكروها بما يليق بها كجريمة دولية سلبت وطناً وشردت شعباً.. وإن الوقفات الاحتجاجية من الشعوب العربية والمسلمة يجب ألا تتوقف أمام سفارات بريطانيا؛ لتذكيرها بجريمتها التاريخية، وتذكير العالم بصمته على ما يجري اليوم في القدس والأقصى.

إن الشعوب العربية والمسلمة، وفي القلب منها الشعب الفلسطيني، لن تنسى النكبة، وإن عقيدتها كانت وستظل أن أرض فلسطين عربية، وستظل أرضاً عربية خالصة، مهما فرَّط المفرطون، وتخاذل المتخاذلون، وطبَّع المطبِّعون، واستسلم المستسلمون.. وليكن يوم 15 مايو ثورة على التبعية والتخاذل والمهادنة، وليكن جذوة لا يخبو نورها على طريق تحرير فلسطين.. كل فلسطين.
_____________
 (*) كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية
[email protected]    
twitter: @shabanpress