قال تقري لمركز (الدراسات الاستراتيجية والدولية) إنه "قد يتوقف دعم القاهرة المستمر لعبد الفتاح لبرهان رئيس المجلس السيادي في السودان على استعداده لمواجهة الموقف المصري بشأن النيل أو العمل كوسيط. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الأساليب ستفيد مصر على المدى الطويل، بحسب الباحثة ناتاشا هول.

وأضافت أن مصر أرسلت بالفعل طائرات حربية وطيارين لدعم البرهان، وأدعى مسؤول بالجيش السوداني أن مقاتلة نفاثة مصرية دمرت مستودع ذخيرة لقوات الدعم السريع في أبريل.

وأشارت "هول" في تقرير (CSIS)، إلى أن الخطاب الاستفزازي والعمليات السرية قد يحققان بعض المكاسب السياسية السريعة، لكن هذه الأساليب قد تحبط ببساطة مفاوضات إدارة المياه بين مصر وإثيوبيا، كما جرى في نزاع سابق بين تركيا وسوريا.

وأوضحت أنه بتطورات النزاع القائم بين مصر وإثيوبيا من جانب آخر حول سد النهضة، فإن السودان عالق، سياسياً وجغرافياً، في وسط هذا النزاع ويمكن أن يكون وسيطاً فيه، لكن الاقتتال الداخلي يعوق ذلك.

وقال إن موقف القاهرة من الصراع في السودان يتوقف على موقف الفائز من سد النهضة، وأن التدخل في الصراع المستمر بالسودان ل"كسب حليف في قضية السد الإثيوبي ليس مستبعدًا".

ورأت أن السيسي، يسعى إلى حكومة سودانية ذات سياسة خارجية تتماشى مع مصالحه، لا سيما فيما يتعلق بسد النهضة، إذ لطالما اعتبرت مصر السودان حليفًا لا غنى عنه في نزاعها الطويل مع إثيوبيا حول السد.

لكن في عام 2020، انحرف رئيس الوزراء السوداني آنذاك، عبدالله حمدوك، نحو الانحياز لموقف إثيوبيا، واتجهت حكومة السيسي إلى الولايات المتحدة للتوسط في حل.

وعندما لم ينجح ذلك، لجأت مصر إلى دول أخرى لديها استثمارات كبيرة في إثيوبيا لاستخدام ثقلها الاقتصادي لإجبار إدارة رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، على العودة إلى طاولة المفاوضات، غير أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والصين لم تكن على استعداد لاستخدام نفوذها الاقتصادي لمساعدة مصر.

وفي منتصف يوليو 2020، وقرب ملء السد لأول مرة، بدأت مصر بنشاط في مغازلة السودان مرة أخرى لكسب حلفاء في النزاع، وكان التوقيت مناسبًا.

 وتحدى اللواء عبد الفتاح البرهان، وجه المؤسسة العسكرية السودانية وحليف مصر، الإدارة المدنية لرئيس الوزراء حمدوك، وانتقل موقف السودان من سد النهضة إلى مصر.

وبحلول عام 2021، اتهم دبلوماسي إثيوبي السودان ومصر بالتحالف ضد إثيوبيا من خلال مناورات عسكرية مشتركة تسمى "حراس النيل". لكن في يناير 2023، غيّر البرهان موقفه، وأظهر علناً دعمه الكامل لمشروع إثيوبيا.

وبعد 3 أشهر، انهار السلام في السودان حيث تقاتل الجيش السوداني، بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، وكان بعض أصحاب المصلحة الدوليين في نتيجة الصراع بالسودان يختارون دعم أحد الطرفين، بما في ذلك مصر.


إدارة منسقة

وأشارت إلى أن الإدارة المنسقة للمياه والدبلوماسية عاملين أساسيين، سواء داخل الحدود أو عبرها، لتقليل التوترات وعدم الاستقرار في دول حوض النيل، بحسب ناتاشا، مشيرة إلى أن أكثر من 285 مليون شخص يعيشون في إثيوبيا والسودان ومصر يعتمدون على مياه النهر.
وتحدث التقرير إن إمكانية تنشيط المصريين والسودانيين والإثيوبيين مبادرة حوض النيل، وهي منتدى حكومي دولي للإدارة والتنمية المستدامة لمياه حوض النيل والموارد ذات الصلة لتحقيق منافع تعود بالفائدة على الجميع.
ورأت أنه يمكن أن يمثل ربط اتفاقيات تخص سد النهضة بالتجارة أو وصول إثيوبيا إلى موانئ البحر الأحمر أحد السبل لإعادة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات، مشيرة إلى أن المساعدات والاستثمارات التي تدعم أساليب الري الأكثر استدامة والبنية التحتية للمياه في السودان ومصر يمكن أن تزيد من حدة الصراع وعدم الاستقرار في المستقبل.

مع زيادة عدد السكان بمقدار مليون شخص كل 6 أشهر وتوقع نقص المياه بحلول عام 2025، يعتمد المستقبل السياسي للسيسي على قدرته على مواجهة أزمات الاقتصاد والمياه المتقاربة، بتدخل أصحاب المصلحة الدوليون الأولوية لهذه المفاوضات، فقد لا يعود هؤلاء القادة إلى المفاوضات حتى يستنفدوا جميع الخيارات الأخرى من التهديدات المستترة إلى العمليات السرية.

وبالنسبة لرئيس الوزراء الإثيوبي، فإن سد النهضة يمثل مسألة كرامة ووحدة وطنية، وهناك دعم واسع النطاق له.

وستؤدي هذه الخيارات إلى زيادة إحباط الجهود المبذولة لإدارة المياه بشكل مستدام وزيادة احتمالات الصراع.

سوريا وتركيا

وفي مثال قريب زمنيا ومكانيا، على نزاع آخر على المياه، فإن مشروع تركيا جنوب شرق الأناضول، (سلسلة من السدود التي تهدد تدفق مياه نهر الفرات إلى سوريا)، قدمت الحكومة السورية الدعم والملاذ لحزب العمال الكردي لشن غارات على تركيا حتى عام 1998.

وفشلت سوريا في مواجهة استخداماتها المائية، مما أدى إلى نزوح داخلي جماعي خلال سنوات الجفاف، وفي النهاية، تقدمت تركيا في بناء السدود، وفشلت أنقرة في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتقاسم المياه لسوريا.