قال عبد المولى إسماعيل الباحث في مجال البيئة والتنمية، ومنسق منتدى "الحق في المياه بالمنطقة العربية"، إن "بناء السدود سواء سد النهضة أو غيره من السدود الأخرى، ليس هدفه فقط الحصول على الطاقة الكهرومائية، بل أن أهدافه أبعد من ذلك بكثير، وهي قضية تحويل المياه إلى سلعة وهي ليست قضية أيكولوجية فقط، بل تأخذ أبعاداً اقتصادية وسياسية معاً".


كانت مجلة Nikkei Asia أشهر المجلات الاقتصادية الآسيوية، قد كشفت عن صراع دائر حالياً بين البنوك الصينية من جهة والبنك الدولي من جهة أخرى، بشأن تمويل "سد كهرومائي ضخم" على مجرى النيل الأبيض في دولة جنوب السودان، وذلك لتوليد 2500 ميغاواط/ساعة، ما يطرح تساؤلات حول تداعياته على المياه المتدفقة إلى مصر، التي تواجه بالأساس خطراً كبيراً بفعل سد النهضة العملاق في إثيوبيا والذي يشرف بناءه على الانتهاء، وفقا لـ"العربي الجديد"


وقال الباحث في مجال البيئة والتنمية أن "حصر قضية السدود خصوصاً الكبرى منها، في مسألة الطاقة، كلام حق يراد به باطل، فالهدف الرئيس هو الاتجار في المياه، وقد حذرنا مراراً من هذا التوجه الذي بدأته مصر للأسف على يد وزير الري السابق محمود أبو زيد، ودوره المهم في تأسيس المنتدى العالمي للمياه، الذي تم بدعم من مؤسسات التمويل الدولية وكذلك الشركات عابرة القوميات التي تتاجر في المياه، وذلك ارتباطا بمبادرة دول حوض النيل 1998 برعاية البنك الدولي وبموافقة مصرية".


وتابع إسماعيل: "بداية بناء السدود على منابع النيل له تداعيات خطيرة سواء من الناحية البيئية أو من ناحية حق الناس في الوصول إلى المياه، وتداعياته ستكون لها آثار سلبية ضخمة، خصوصاً ما يتعلق بتعميق الفجوة الغذائية والانكشاف المائي، حيث الآن متوسط نصيب الفرد في مصر دون حدود الفقر المائي، وهناك مشاكل كبيرة في التوسع الزراعي مستقبلا، لأن حصتنا من المياه ثابتة، ولدينا فجوة مائية تكاد تصل إلى ما يقارب 100% في 2050، ومن ثم سنظل في حالة عجز مائي وساعتها سيكون الدفع مقابل الحصول على الماء".


وقال إسماعيل :"ليس أمامنا للخروج من هذا المأزق سوى تبني خطاب مغاير تماما على الصعيد الدولي والإقليمي والمحلي، وكذلك التأكيد أن المياه إرث إنساني مشترك، لا يجوز لأي طرف احتكاره أو التحكم فيه، وكذلك إعمال المبادئ القانونية للأنهار الدولية، وتأكيد مبدأ الاستخدام المنصف والعادل، وأن نتبنى رفض تسليع وتتجير المياه (تحويل المياه إلى سلعة وتجارة)، وما يتطلبه ذلك من موقف أكثر وضوحا في رفض سياسة بناء السدود الكبرى، ودور مؤسسات التمويل الدولية في ذلك، يعني بالأحرى خطاب قائم على تأكيد وإعمال القانون الدولي الإنساني في الاستخدام المنصف والعادل والخروج من أي اتفاقيات تتناقص مع تلك المبادئ".