من شمال غزة، ظهر الدكتور أحمد عبد العزيز أحد الاستشاريين الرائدين في مجال جراحة العظام بكلية طب القصر العيني في القاهرة، على قناة "الجزيرة"، بعدما أشاد رواد مواقع التواصل بخطوته في دخول قطاع غزة وتمكنه من المرور نحو شمال غزة مع أول وفد طبي يستطيع الوصول إلى هناك منذ 195 يومًا، وقال حينها "عمري 75 سنة، وجئت لأموت هنا مش باقي حاجة في عمري".


وعن الدمار الذي سجله من واقع المشاهدات الأولية قال أستاذ جراحة العظام الوجود إلى الآن بشمال غزة: "إن حجم المآسي حاجة تفوق الخيال".


وأوضح أن في الشمال كما بقية القطاع دمار شامل من النادر أن تجد بيتًا قائمًا يصلح للسكن؛ فالناس بمئات الآلاف في تجمعات غير إنسانية، وأسر كثيرة يتم الفصل بينها بغطاء سرير مشدود على حبل، ولا يظلهم إلا السماء، ولا توجد مياه للشرب أو صرف صحي أو أي وسيلة إعاشة، ولا توفر غذاء منتظم..


وعن رصده لحياة الخيام قال الطبيب أحمد عبدالعزيز: "ليس لهم مكان يرجعون إليه، وسيمكثون في هذا الوضع البائس، لأنه لا توجد أماكن حاليًّا صالحة للبناء نتيجة أكوام المخلفات والأنقاض التي يجب أن تزال أولا قبل بدء البناء وإعادة الإعمار".


70 ألف مصاب

وأوضح عن الوضع الصحي أن "الفرق الطبية تعاني من النقص الشديد، وتتناقص بسبب الاستشهاد والقبض على كثير منهم، والباقون يقومون بعمل رائع، لكنه غاية في الإرهاق وغاية في الإتقان، وعلى قدر الإمكانات المتاحة التي تتلاشى مع مرور الوقت، لأن المصابين فوق 70 ألف حالة، ومعظم هذه الحالات إصابات تصاحبها كسور وعضلات مكشوفة، والشرايين والأوتار مقطّعة".


وأكد أن معظم الحالات ستحتاج الآن العلاج أولًا، وسيحتاجون شهورًا وربما سنين عدة من العلاج التكميلي حتى تنتهي المأساة التي يعيشونها..


وقال: "هناك طبعا الأمراض الطبيعية التي تنتشر في الزحام، غير الإصابات الكثيرة بين المدنيين من النساء والأطفال وكبار السن، ونوعية هذه الإصابات في الرأس والعينين والبطن وفي الصدر، وهناك بتر الأطراف، وكلها مناظر غاية في الألم..".


وكحل سريع طالب "عبد العزيز" المتطوع لعلاج مصابي غزة منذ نوفمبر الماضي والمنتقل إلى قزة قبل أسبوع؛ "الجميع للعمل على وقف الحرب بأي طريقة، وإعادة المنظومة الطبية بصورة تناسب حجم الكارثة الصحية الموجودة، و"التكاتف الدولي لدعم إعادة الإعمار، وإزالة آثار العدوان، ورفع الركام، فغزة كلها مدمرة صحيا وأبنية".


رباط وصمود

وعن تأثر أهل غزة بالمعاناة أشار إلى "الصمود الذي يبديه الغزيون في وجه آلة القتل الصهيونية بالقول إن الشيء الذي لم ولن ينجح أحد في تدميره هو صمود هؤلاء الناس وصبرهم وشكرهم الله تعالى، وإصرارهم على البقاء في أرضهم".


ودعا أستاذ جراحة العظام في القصر العيني الله أن يعينهم، "ربنا يكون في عونهم ويقدر كل واحد على أن يقوم بدوره ولو كان بسيطا، فإنه بذلك يساعد المجموعة التي كُتب عليها أنها تبقى في رباط وصمود بهذا الشكل".


واغلق الدكتور عبد العزيز عيادته في مصر، وكان من أوائل الأطباء الذين تطوعوا في مهمات إنسانية ضمن الوفود الطبية التي تساعد في علاج مصابي غزة، من خلال المستشفيات الميدانية بالعريش ورفح عقب العدوان الصهيوني على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.