تفاقمت أزمة الدجاج في مصر، بعد أن بلغت أسعارًا فلكية، مما دفع بعدد كبير من أصحاب المحال إلى إغلاقها.

ويتزامن ذلك مع استمرار تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على اقتصاد البلاد وبالتبعية على قطاع الدواجن، واحتجاز كميات كبيرة من الأعلاف في الموانئ لعدم توافر الدولار.

وقد دفع ذلك حكومة الانقلاب إلى اتخاذ قرار باستيراد دجاج برازيلي مجمد، وهي خطوة قُدمت باعتبارها حلًا لأزمة نقص الدجاج المحلي.

وأكد حازم المنوفي، رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالإسكندرية، أن استيراد الدجاج يهدف إلى تحقيق التوازن في الأسواق.

وأوضح المنوفي خلال مداخلة تلفزيونية، الخميس الماضي، أن سعر كيلو الفراخ المجمدة المستوردة 60 جنيهًا والفراخ وزن 1200 جرام بسعر 78 جنيهًا، مضيفًا أن أول شحنة دواجن دخلت مصر قبل 15 يومًا.

 وتثير أزمة الدجاج في مصر العديد من الأسئلة المهمة والمشروعة.

 

هل حكومة الانقلاب هي من تسبب بافتعال أزمة الأعلاف؟

وقد تصدر وسم #الفراخ_البرازيلي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث انقسمت التغريدات بين ساخرة وناقدة ومؤيدة لقرار الحكومة.

وحمّل بعض المغردين حكومة الانقلاب "كامل المسؤولية عن إفشال الثروة الحيوانية ونقص الأعلاف التي كانت مستثناة من حظر الاستيراد"، وفقًا لـ"BBC".

وأكدوا على "وجود شبهة فساد متعمدة لإفشال الإنتاج المحلي وفتح باب استيراد أطنان الدواجن المجمدة".

ومن بينهم الدكتور مصطفى جاويش، وهو طبيب ومسؤول سابق في وزارة الصحة وخبير صحي وديموجرافي، الذي نشر بعض صور عروض شركات الدجاج البرازيلي على صفحته بموقع "تويتر" قال: " سعر الطن من الفراخ البرازيلي المجمد يتراوح بين 470 الي 520 دولارًا؛ كلما زادت الكمية المطلوبة قل السعر يعني الفرخة وزن 1200 جم سعرها 19 جنيهًا، وطبعًا لو المستورد شركات الجيش فلهم إعفاءات ضريبية وجمركية، يعنى المكسب كبير جدًا، سبب افتعال أزمة استيراد الأعلاف واضح".

بينما قال شريف فتحي على صفحته بـ"فيس بوك" معلقًا على أزمة الأعلاف، وناشرًا صور عروض الشركة البرازيلية: " لسه مكلم أكبر شركه في البرازيل لتوريد اللحوم وبعتولي عرض رسمي ب 1000 دولار للطن (فراخ كاملة) 700 - 2400 جرام للفرخة.. يعني الكيلو بدولار واصل مصر.. يعني لو الحكومة هي المستورد ح تشتري وتوفر كمان؛ لأن حيقدروا يوصلوا لعروض أحسن من كده..  سعر الكيلو مش المفروض يزيد عن 40 - 50 جنيهًا".

وقال ناشط آخر: "المتحدث بسم الوزارة يعني مش التجار السبب في الأزمة وطالما اتوفر الدولار ليه ما يعملوا سبوبة من ورا الفراخ المجمدة من البرازيل، سعر طن الفراخ من البرازيل 450 دولارًا وكل ما زادت الكمية قل السعر طبعًا، فرق السعر رهيب بين الشراء والبيع، فرخة ثمنها 15 جنيهًا بتتباع بـ 60 جنيهًا يعني مكسب 300%".

وتوقع الناشط ياسر شلبي ياسر أن يكون الأمر يتعلق بخدعة اقتصادية تزيد أرباح القوات المسلحة، وعلق بقوله "بعد ما قفلوا وخربوا بيوت أصحاب مزارع الدواجن الإسكريبت بتاع الفراخ المجمدة بتاع القوات المسلحة نزل يا جماعة".

 

ما مدى صحة تناول الدجاج المجمد؟

وتساءل كثير من المغردين عن "مدى صحة تناول الدجاج المجمد" و"هل له نفس فوائد الدجاج البلدي المصري"؟

فقد غرد جمال سلطان، رئيس تحرير صحيفة "المصريون" متسائلًا: "هل الفراخ البرازيلي التي تغمر الأسواق حاليا خضعت لرقابة وتحليل صحي من جهات رقابية مأمونة ومشهود لها، خاصة وأن دولًا أوروبية عدة، منها بريطانيا، سبق أن رفضت شحنات دجاج برازيلي لاحتوائها على مواد خطيرة ضارة بالصحة، منها بكتيريا السالمونيا؟ السؤال بافتراض أن هناك من يهمه صحة المصريين".

أما عن خطورة الفراخ البرازيلي فتكمن في كونها تحتوي على أضعاف السعرات الحرارية الموجودة في الفراخ الحية؛ حيث يحتوي الـ 100 جرام منها على 287 سعرًا حراريًا، بينما يحتوي الـ 100 جرام من الفراخ الحية على 100 سعر حراري فقط.

كما تحتوي الدواجن المجمدة على كمية كبيرة من الصوديوم والملح الذين يسهمان في الإبقاء على نكتهما المعتادة لفترة طويلة، وفقًا لموقع "المستقبل".

ويوجد في الـ 100 جرام من الفراخ المجمدة حوالي 532 ملليجرامًا من الصوديوم، مع العلم أن الجسم لا يحتاج في اليوم سوى 2300 ملليجرام، وهذا يعني أن الفراخ المجمدة تزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام والسرطان وأمراض القلب، وفقًا لصحيفة "الوفد".

ونشرت وكالة "رويترز" في مايو 2021 أن السعودية حظرت الواردات من 11 مصنعًا للحوم الدواجن في البرازيل، وذلك دون إخطار مسبق أو تبرير للقرار.

وأكدت جيه.بي.إس، أكبر شركات اللحوم في العالم، أنها من المتأثرين بالحظر، لكنها رفضت الكشف عن عدد المصانع التي استهدفها القرار.

وقالت الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية إن الواردات من سبعة مصانع لجيه.بي.إس من المقرر وقفها اعتبارا من 23 مايو.

بدوره، ربط الناشط سمير العركي بين جدل الدجاج البرازيلي والحسابات السياسية في البلاد وقال "حتى الفراخ المجمدة البرازيلية تم تسييسها، الموالون للحكومة يعتبرونها فتحًا من الله لمواجهة جشع التجار، والمعارضون يعتبرونها فاسدة وبها هرمونات، وبكرة تسمع عن اعتقال تنظيم سري كانت مهمته النيل من سمعة الفراخ البرازيلية، يا رب"، وفقًا لـ"الجزيرة".

 

كيف تعاني مصر من أزمة الدولار وتستورد الدجاج من البرازيل؟

كما اتهم آخرون الإعلام بالتسويق لصفقة الدواجن البرازيلية المستوردة، واستنكروا "تذرع الحكومة المصرية بأن أزمة الدواجن في مصر ترجع إلى نقص الدولار اللازم لاستيراد الأعلاف من الخارج، في حين ظهرت الدولارات لإتمام صفقة استيراد الدواجن البرازيلية المستوردة"، على حد قولهم.

فقال سليم عزوز، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة الأحرار اليومية سابقًا: "الدعاية للمنتج الذي دمروا بسببه الثروة الداجنة في مصر، كل الإعلام في نفس واحد، كل الذباب الإلكتروني على نغمة واحدة، الفراخ البرازيلي وصل. ألم تقولوا إن هناك أزمة في توفير الدولار؟ السؤال هنا: من هي الجهة المستوردة؟".

واستغربت الناشطة حنان البحيري من قدرة الحكومة على استيراد الدجاج وعجزها عن استيراد الأعلاف وكتبت "قدرنا نوفر دولارات لاستيراد الفراخ المجمدة وتوفرت في الأسواق في لمح البصر، وعجزنا عن حماية صناعة وطنية يعمل بها عشرات الآلاف من العاملين بخلاف الصناعات المكملة لصناعة الدواجن واقتصاد بحوالي 100 مليار جنيه".

وقال ناشط آخر: "لقيت خبر من 2008 مربي الدواجن بيتخانقوا مع الحكومة عشان كانت عايزة تستورد فراخ وتشيل 30% من جماركها وهم بكل هدوء قالوا لهم إن كدا بيضرهم عشان المحلى أغلى من المستورد، أصلًا كل الخناقات في مصر أبدية بلا بداية ولا نهاية".

ويعمل بصناعة الدواجن في مصر ما لا يقل عن 3 ملايين عامل، وبلغ إجمالي حجم إنتاج القطاع التجاري من الدواجن في مصر بلغ 1.4 مليار طائر، وأن القطاع الريفي ينتج نحو 320 مليون دجاجة وأن مصر تنتج نحو 14 مليار بيضة.

كما تفيد الأرقام الرسمية بأن حجم الاستثمارات في صناعة الدواجن بلغ نحو 100 مليار جنيه وعدد المنشآت الداجنة نحو 38 ألف منشأة بين مزارع ومصانع أعلاف ومجازر منافذ بيع أدوية بيطرية ولقاحات.