افتتح في 18 من فبراير الجاري في أبو ظبي "البيت الإبراهيمي"، الذي يضم مسجدا، وكنيسة وكنيس يهودي كمحاولة لمنح بعد ديني لمسار التطبيع، وهي الخطوة التي تكرس انطباعا أن "التسامح" يسري بين أتباع الأديان الثلاثة.

 

ولكن الباحث والمتخصص في الشأن الصهيوني د. صالح النعامي استعرض بعض الإشارات تتعلق بتعامل اليهودية ومرجعيات اليهود و"إسرائيل" مع غير اليهود، مشيرا إلى أنه حتى الاثنين الماضي، شبه النائب الصهيوني ألموغ كوهين ف الكنيست العرب  بـ "الخراف" وأنه يتوجب التعامل معهم بـ "لغتهم"، لذا أصدر صوت يشبه الخروف.

 

وأضاف أن كوهين نقل ما قال إلى صفحته على فيسبوك. "إسرائيل" كانت دوما عنصرية، لكنها الآن في أوج جنونها. "وأبدى النعامي تعجبا من أن "تفوهات كوهين لن تؤثر على المتهافتين على التطبيع."!

 

واعتبر أن المؤشر الوحيد الذي يعتز به الصهاينة هو معاونة الطغاو العرب ولذلم منحت "الدولة" في "إسرائيل" جائزة "يروشليم" لشركة "NSO"، التي انتجت برنامج التجسس "بيغسوس"، الذي زودته لعدد من نظم الطغيان، وضمن نظم عربية، ووظف على نطاق واسع في تعقب المعارضين وأصحاب الرأي والحقوقيين وتسبب في قتل بعضهم.

 

ونقل "النعامي" تصريحات مدير شركة "NSO" العتل شيلو حوليف، مؤسسة شركة "NSO" بمناسبة الحصول على الجائزة، عن "إسهامات" برمجيات الشركة في "محاربة "الإرهاب". فقال "الآلاف اعتقلوا وعذبوا وحوربوا اعتمادا على هذه البرمجيات فقط لأنهم يتبنون رأي سياسي ثم يتحدث هذا المجرم عن الإرهاب.. تجسيد لتبادل الخدمات بين الطغاة والغزاة".

 

ولفت إلى أن جميع مؤسسي شركات السايبر "الإسرائيلية" التي تنتج برمجيات التجسس ومعظم العاملين فيها كانوا ضباطا في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" وتحديدا في وحدة التجسس الإلكتروني المعروفة بـ "وحدة 8200".

 

وعن الموقف من دماء العرب والمسلمين أشار إلى تصريح الحاخام إسحك جزنبرغ، من كبار مرجعيات الإفتاء اليهود عد إحراق الإرهابيين اليهود على  عائلة دوابشة الفلسطينية في 2015 "فريضة شرعية". لافتا إلى أن وزارة التعليم الصهيونية منحت في 2019 هذا الحاخام جائزة "الإبداع الفقهي".

 

وأشار مجددا إلى رفض وزير المالية الصهيوني الحالي بتسلال سموتريتش اعتبار إقدام الإرهابين اليهود بإحراق عائلة دوابشة الفلسطينية عملا إرهابيا. وأن "سموتريتش" خير الفلسطينيين بين المغادرة أو العمل كخدم لليهود أو القتل، بناء على فتوى حاخام عاش في القرن 12.

 

ولفت إلى أن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، وصف الحاخام دوف ليئور، أحد مرجعيات الإفتاء التي تحث على قتل العرب بـ "السرية التي تقود شعب إسرائيل". موضحا أن "ليئور"  مرجعية حركة "المنعة اليهودية" التي يقودها الوزير بن غفير.

 

أما  وزير الحرب الصهيوني السابق موشي يعلون اعترف بأن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تعرف الإرهابيين الذين يقتلون ويعتدون على الفلسطينيين لكنها تخشى تبعات توقيفهم ومحاسبتهم.

 

وعن الموقف من المسيحية أشار إلى "بنتسي غوفشتين، زعيم منظمة "لاهفا" اليهودية دافع عن إحراق اليهود كنيسة "السمك والخبز" شمال فلسطين قبل 4 سنوات،  من منطلق أن اليهودية ترى في المسيحية "ضربا من ضروب الوثنية التي يتوجب عدم السماح بالتعبد بها"، لذا يتوجب حرق الكنائس.".

 

وأضاف "فقط قبل أسبوعين، عرضت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان" تقريرا حول عمليات التنكيل الوحشية التي ينفذها اليهود في القدس ضد الأرمن المسيحيين في القدس المحتلة ووثقت قيامهم بالتبول في كنيستهم وتحطيمهم لشواهد القبور في الكنائس الأرمنية والبروستانتية.".

 

وتساءل "النعامي" عن "لماذا لا يتحركون لضمان حرية العبادة للمسيحيين على الأقل؟.. طبعا استهداف المسلمين ومقدساتهم في القدس لا يحتاج إلى شواهد.". وشدد على أن لديه مئات الاقتباسات الموثقة التي تعكس مدى استسهال اليهود حاليا إزهاق دماء غيرهم. وأن كتابه: "فقه التوحش المسكوت عنه، مقاصد فتاوى الحاخامات وتأثيراتها في الصراع والمجتمع الإسرائيلي"، الصادر عن دار "جسور للترجمة والنشر"، يحكي هذه القصة بشكل شامل.

 

تململ من مصر

 

وقال الكاتب والباحث الفلسطيني أنطوان شلحت، إن "هناك تململا إسرائيليا عارما خلال الفترة الحالية من مصر". موضحا أنه "يمكن استنتاج ذلك على خلفية ثلاث توجهات متعلقة بالقضية الفلسطينية، والصراع في الشرق الأوسط عموما، تكلم عنها عبد الفتاح السيسي، فيما شبه للإسرائيليين أن مصر تخلت عنها أو على الأقل نحتها جانبا".

 

وأضاف أن “هناك ثمة مؤشرات قوية على ما يمكن اعتباره قلقا إسرائيليا من أن تؤدي الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر، في الفترة الأخيرة، نتيجة أسباب كثيرة، أبرزها الحرب المستمرة في أوكرانيا، إلى عدم استقرار سياسي من شأنه أن يلحق أضرارا بـ”معاهدة السلام” مع "إسرائيل"، وهو قلق ينسحب على ساحات مجاورة أخرى مثل الأردن ولبنان”.

 

وأردف أنه في الفترة الأخيرة، “انضافت إلى هذا القلق مؤشّرات ضمنية تشي بأن هناك تململًا "إسرائيليًا" من الموقف الذي بدر عن مصر من طريق عبد الفتاح السيسي في أثناء مؤتمر “القدس صمود وتنمية”، والذي عقدته جامعة الدول العربية في القاهرة يوم 12 فبراير الحالي تنفيذًا لمخرجات قمة الجزائر في نوفمبر 2022، واشتمل على مشاركة عربية وإقليمية ودولية رفيعة المستوى، وعلى حضور شخصيّ لكل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني”.

 

وأوضح أنه لدى قراءة هذه المؤشرات الضمنية، سيما التي صدرت قبل أيام معدودة عن السفير الأسبق في القاهرة، يتسحاق ليفانون، أحد السفراء الإسرائيليين السابقين في مصر، ورئيس “العنقود الإقليمي” في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، يوئيل جوجانسكي، يمكن ملاحظة أن القلق من عامل الأزمة الاقتصادية ممزوجٌ في العمق بإبداء التململ حيال موقف مصر عمومًا من القضية الفلسطينية.

 

واستنتج الباحث "شلحت" أن التملل يأتي من خلفية ثلاثة توجهات متعلقة بالقضية الفلسطينية، والصراع في الشرق الأوسط عمومًا، تكلّم عنها السيسي، وشُبّه لل"إسرائيليين" أن مصر تخلّت عنها أو على الأقل نحّتها جانبًا..

 

بالنسبة إلى التوجّه الأول، أكد السيسي، في سياق كلمته أمام المؤتمر، أن ما تقوم به إسرائيل في الوقت الحالي وما قامت به سابقًا يعوق حلّ الدولتين، ويضع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي والشرق الأوسط بأكمله أمام خيارات صعبة وخطرة.

واستدرك الباحث أن دعوة السيسي ل"السلام إلى ضرورة العمل معًا على إنفاذ حل الدولتين، وتهيئة الظروف الملائمة لاستئناف عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل"، توجه "يسحب البساط من تحت قدمي المقاربة التي يحاول بنيامين نتنياهو منذ عدة أعوام فرضها، وتقوم على قاعدة عكسه، من خلال اعتبار التطبيع الإقليمي الطريق لحل أو الأصح لإملاء حلّ للمسألة الفلسطينية يتساوق مع الرؤية الإسرائيلية".

وأضاف المحلل "شلحت" أن السيسي خاطب "إسرائيل"، حكومةً وشعبًا، بقوله: "لقد حان الوقت لتكريس ثقافة السلام والتعايش، بل والاندماج بين شعوب المنطقة”، وأكد أنه “لهذا الغرض مددنا أيدينا بالمبادرة العربية للسلام التي تضمن تحقيق ذلك وفقًا لسياق عادل وشامل، فدعونا نضعها معًا موضع التنفيذ، ولنطوِ صفحة الآلام من أجل الأجيال القادمة الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء".