لا زالت الأجواء متوترة بين مصر والمملكة العربية السعودية، وكل طرف يسعى للانتصار على الطرف الآخر، والجميع يسخر إمكاناته عبر الصحف والكتاب لتشويه سمعة الآخر، وبين أن كل طرف له الفضل على الطرف الآخر.

وقامت صحيفة "عكاظ" السعودية، اليوم، بحذف مقال تم نشره من يومين للكاتب السعودي محمد الساعد، تضمن هجومًا عنيفًا على شعوب دول عربية.

وقال الساعد في المقال، الذي حمل عنوان "لماذا يكرهوننا"، إن "في هذه البقعة من العالم وأقصد الشرق الأوسط، تعيش كثير من الشعوب على الكراهية والحسد والجحود ونكران الجميل، إنها سياسة الانشغال بالآخرين ومحاولة إعاقة نجاحهم لم ينعتق منها هذا الشرق التعيس، تسببت في كل هذه الحروب والدماء والفشل". وتطرق الساعد إلى الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر الذي كان يهاجم السعودية باستمرار، مضيفا أنه وغيره ممن خاضوا "حروبا عبثية مع إسرائيل"، ساهموا في تحويل فلسطين التاريخية إلى "مجرد بقع سكانية على الخريطة".

وأضاف: "أما اقتصادات بلدانهم المليئة بالخيرات والأنهار والمواقع الإستراتيجية فحدث ولا حرج، ابتداء من الفشل في توظيف الإمكانات والمميزات التي حباهم بها الله، وليس انتهاء بالتعثر في بناء اقتصادات أو أفكار تنتج المال والوظائف"، وفقًا لـ"عربي 21".

وتابع في إشارة إلى تدهور اقتصاد دول عربية: "بقوا عالة على دول الخليج يصدرون فشلهم الاقتصادي لليوم".

واللافت أن الساعد حذف التغريدة التي نشرها لرابط المقال في صحيفة "عكاظ" من حسابه عبر "تويتر".

وكان الساعد تحدث بشكل علني عن مصر والعراق وسوريا واليمن، مضيفًا: "لم يتوقفوا عند ذلك، بل فشلوا حتى في إنتاج دولة وطنية واحدة قادرة على بناء نفسها، دول تحولت إلى «فقاسات» للانقلابات في بغداد ودمشق وصنعاء والقاهرة، تمسي الشعوب على ملكية وتصبح على مجلس قيادة ثورة بأشكال وأنواع لا تتحدث إلا بالمسدس والبندقية".

وأضاف: "يجب أن لا ننسى أن الكراهية والحسد الموجهين للخليجيين وأموالهم هما ما أنتجا احتلال العراق للكويت، لقد كانت في أصلها فكرة شريرة تقول: إن نفط الخليج وأموال الخليج ليس لهم وحدهم، بل إن جميع العرب شركاء فيه، مع أنهم لم يشاركوا أهل الخليج في أنهارهم ومزارعهم وثرواتهم الطبيعية".

وتابع متهمًا شعوبًا عربية بالحقد على السعودية: "لقد كان التشفي في احتلال الكويت، والانخراط السياسي والشعبي -من بعض العرب- في دعم الاحتلال، وصولًا إلى طلب إبادة السعوديين والخليجيين بالكيماوي هي حقيقة ما تخفيه الصدور".

وتسبب مقال محمد الساعد في سخط واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال مغردون إن توقيت المقال بعد التراشق الإعلامي الأخير بين كتاب مصريين وخليجيين، يدل على وجود أزمة فعلية بين القاهرة والخليج.

وأوضح مغردون أن نشر مقال يبث الكراهية بشكل علني، يثير التساؤلات عن الهدف من ذلك.

كاتب سعودي يفجر الأزمة

وكانت بداية الحملات الإعلامية المتبادلة بين البلدين بدأت مع سلسلة تغريدات للكاتب السعودي تركي الحمد، تطرّق خلالها للأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، وقال إنّ "مصر بواقعها الحالي وصلت إلى الحضيض، هي مصر البطالة والأزمات الاقتصادية والسياسية ومعضلات المجتمع وتقلباته الجذرية العنيفة". 

وفي سلسلة تغريداته، يعزو الحمد أسباب انهيار الأوضاع في مصر إلى هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة، وخاصة الاقتصاد، بحيث لا يمر شيء في الدولة المصرية إلا عن طريق الجيش، وبإشراف الجيش، ومن خلال مؤسسات خاضعة للجيش، ولصالح متنفذين في الجيش، كما يرى بعض المراقبين مكامن الأزمة وجذورها، وكل ذلك على حساب مؤسسات المجتمع الأخرى،. وقال في تغريدة عبر حسابه في موقع تويتر إنّ "ما يحصل لمصر في السنوات الأخيرة يعود في جذره الأول إلى أنها لم تغادر عباءة العسكر منذ 1952".

رئيس تحرير الجمهورية يهاجم السعودية

وكتب رئيس تحرير الجمهورية، عبدالرازق توفيق، مقالًا بعنوان "الأشجار المثمرة.. وحجارة اللئام والأندال"، الذي استهدف فيه السعودية وقال فيه في وصف السعوديين ما قال مالك في الخمر!

وسبّ الكاتب في مقاله السعودية ووصفها بأنها دولة ضئيلة تعاني الهشاشة البشرية والحضرية؟ ووصف السعوديين بأنهم سفلة (وردت نصًا في المقال) وأنهم أقزام (وردت نصًا في المقال) وأنهم كانوا حفاة عراة!

السيسي يعتذر!

وكان السيسي قد علق على هذه الإساءات معتذرًا للسعودية ومحمد بن سلمان، وقال: "(لا يجوز) أن نسيء لأشقائنا"، داعيًا إلى عدم نسيان "وقفة أشقائنا معنا". وقال السيسي سأقول "فرضية غير موجودة يعني: لو فيه أزمة هل أطوّل لساني؟ أو أقول كلام مش مضبوط؟ فين لا تنسوا الفضل بينكم؟.

ودعا المواطنين، ضمن فعاليات افتتاح المرحلة الثانية من المدينة الصناعية الغذائية «سايلو فودز»، في 9 من فبراير الجاري، لئلا ينساقوا إلى ما وصفها بـ"مواقع تقصد الفتنة بيننا"، مضيفًا: "علاقتنا طيبة بالجميع"، قبل أن يتابع "لا أريد أن أقول أسماء دول"، موضحًا "لو فيه خلاف مع دولة شقيقة من خلال السنين الفائتة، سنتجاوزها".

فهل يفعلها بن سلمان ويعتذر لمصر وشعبها كما فعل قائد الانقلاب معه؟ أم يظل الانبطاح والذل والتبعية قاصرًا على السيسي وحكومته؟!