غيب الموت الداعية السعودية الدكتورة فاطمة عمر نصيف عن عمر يناهز الــ80 عاما، والتي عرف عنها عطاؤها الكبير في الدعوة والبحوث الإسلامية، وكانت أول سعودية تنال جائزة رائدة العمل النسوي والثقافي والخيري في المملكة، كما أنها أول سعودية تنال جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي.

وللراحلة أدوار بارزة في إنشاء قسم الدراسات الإسلامية، وكلية الاقتصاد المنزلي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، كما كانت عضوة بهيئة التدريس فيها لمدة 19 عاما، ناقشت وأشرفت خلالها على العديد من الرسائل والبحوث العلمية، وتركت أثرها وبصمتها في نفوس أجيال من الخريجات في مختلف التخصصات، علاوة على مشاركتها العملية في نحو 16 مؤتمرا على المستوى المحلي، والإقليمي، والدولي؛ باعتبارها رئيسة للجنة النسائية بهيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وهي المؤتمرات التي تخص المرأة أو قضايا الأسرة أو الإعجاز العلمي.

ونعاها الباحث السعودي محمد عبده الأهدل عبر "فيسبوك" قائلا إن الدكتورة فاطمة نصيف رحمها الله من أبرز القيادات العلمية والتعليمية والإدارية والاجتماعية وفي طليعة الشخصيات التطوعية النسائية في المملكة العربية السعودية، وانتخبت ضمن 30 عالمًا من مختلف الدول الإسلامية، فكانت إحدي ثلاث نساء حصلن على عضوية مجلس أمناء اتحاد علماء المسلمين عام  ٢٠١١ م ، وحصلت على جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي عام ١٤٣١هجرية ، وتسلمت جائزتها في البحرين في حفل رعاه ملك البحرين.

أما الداعية الكويتية حنان القطان ابنة الداعية الراحل أحمد القطان فكتبت "نعزي الأمة الإسلامية برحيل الداعية المربية الدكتورة فاطمة بنت عمر  نصيف .. التي أنارت أعمالها جدة والمملكة السعودية وطارت آثارها الجليلة حتى بلغت الآفاق ، فقد كانت من أهل السبق في خدمة العلم والدعوة أسست الكليات وربت العقول وبنت الجسور الإيمانية والعلمية لطالباتها وأستثمرت خمسين عاما في خدمة القرآن والسنة والعلوم."

وأضافت: "التقيت معها في عام ٢٠٠٧م في الكويت فرأيت  وجها سمحا وابتسامة مشرقة وهمّة متفجرة لا تنضب في بذل الخير..".

 

نشأتها في جدة
ونشأت الأكاديمية السعودية في جدة محل ميلادها عام 1944م، حيث يعود أصول والدتها "صديقة شرف الدين" إلى الهند، وهي المؤسسة لمدارس النصيفية أولى مدارس البنات في المملكة ، والتي أشرف عليها طوال حياته محمد نصيف جدّ الدكتورة فاطمة لوالدها، الذي كان رجل علم ودين ، ومن رواد الأعمال الاقتصادية الاجتماعية في بلاد الحجاز، وكان وجيه جدة الكبير وشيخ الكتبيين.

تلقت والدة د.فاطمة نصيف تعليمها على يد والدها الداعية (شرف الدين نرول) المؤسس لأول مطبعة للكتب الإسلامية في مدينة بومباي بالهند، وانتقلت والدتها إلى أرض الحرمين بعد زواجها ثم بدأت دروسها الدينية في تعليم القرآن الكريم للنساء وإلقاء محاضرات دينية لهن.

وكانت رفيقة والدتها السيدة صديقة فعاشت د.فاطمة همّ الدعوة منذ الطفولة في عمل دؤوب ومستمر كي تنشر مساحات الوعي الرصين في النفوس والعقول، تسعى في كل موقع للدعوة الى الله، تستثمر المواهب العلمية والدعوية.

وهي شقيقة د. عبد الله عمر نصيف، وشقه الآخر، أحد أعضاء لجنة التأسيس لمدارس الدوحة للبنات بمكة التي جمعت بين منهج وزارة التعليم ومنهج تحفيظ القرآن الكريم منذ مرحلة رياض الأطفال حتى الثانوية العامة.

وحصلت الدكتورة فاطمة رحمها الله على درجة البكالوريوس في التاريخ من جامعة الملك سعود وكانت في تلك الفترة متزوجة ولديها بعض الأبناء، والدكتوراه في الكتاب والسنّة من كلية الشريعة عام 1403هـ من جامعة أم القرى في مكة المكرمة.

وكان موضوع رسالة الماجستير (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في إصلاح المجتمعات) وقدمته في عام 1400هـ، أما  رسالة الدكتوراه فكانت بعنوان (حقوق المرأة وواجباتها في الكتاب والسنّة) عام 1403هـ.

وقبل تأهلها الأكاديمي عينت محاضرا في قسم الدراسات الإسلامية بتاريخ 10/2/1401هـ، وترقت لدرجة أستاذ مساعد عام 6/11/1403هـ، ومشرفة عامة على قسم الطالبات في جامعة الملك عبد العزيز بجدة من عام 1396 ـ 1404هـ، ثم رئيس قسم الدراسات الإسلامية من عام 1402 ـ 1405هـ، وترقت مجددا إلى درجة أستاذ مشارك عام 1419هـ.

إلا أنها ذكرت في واحد من تكريمها من قبل الشيخ عبد المقصود خوجة قبل أعوام، "تسائلت  خلال 4سنوات درست هذه الكتب عن تاريخ العرب والغرب وما فيهما من أحداث وخلافه.. ولم أتمكن بعد من دراسة القرآن كما ينبغي للمسلمة فعدت وانتسبت إلى فرع جامعة الملك عبدالعزيز بمكة ، الذي تحول بعد ذلك إلى (جامعة أم القرى) وانتسبتُ إلى قسم الدراسات الإسلامية وحصلت على شهادة البكالوريوس في ذلك التخصص مجددا".

 

أهم الأعمال 
وأنشأت الراحلة قسم الدراسات الإسلامية وكلية الاقتصاد المنزلي للبنات، ودرست مادة الثقافة الاسلامية لطالبات كلية الطب، وتمكنت من الوصول بقسم الطالبات إلى الاستقلال المالي والوظيفي، وساهمت في إعداد وإنجازات الخطة الخمسية للتنمية لجامعة الملك عبد العزيز في جدة، وأنشأت مصلى للطالبات يتسع لـ (500) طالبة.

وكانت -رحمها الله- تتمتع بعضوية العديد من اللجان والهيئات العالمية والاستشارية، ومن مؤسسات جمعية "خيركم" لتحفيظ القرآن الكريم فضلا عن كونها من أبرز الشخصيات الدعوية النسائية في المملكة العربية السعودية.

وتتمتع بعضوية الكثير من اللجان والهيئات العالمية والاستشارية، وكانت  رئيسة لجنة الإعجاز  النسائية بجدة  منذعام ١٤٢٤، حتى ١٤٣٥هـ.

وعملت في اللجنة العلمية الاستشارية بمجلة الإعجاز الصادرة من الهيئة العالمية لإعجاز القرآن والسنة  برابطة العالم الإسلامي .

وناقشت وأشرفت على عدد من الرسائل والبحوث العلمية وكانت المشرفة على شطر الطالبات لأعوام عديدة مضيئة تركت أثرها وبصمتها في نفوس أجيال من الخريجات في مختلف التخصصات، جميعهن الآن رائدات في وظائفهن.

وتبنت بصورة كبيرة قضايا المرأة في العالم الإسلامي وصدر لها مجموعة من الكتب منها "حقوق المرأة وواجباتها في الكتاب والسنة" الذي تم طباعته بالإنجليزية والفرنسية والروسية والبنغالية، ولها أبحاث وكتب مطبوعة أيضا لعدة لغات، ومن أبرزها:

* كتاب الكفاءة في النكاح (عام 1414هـ / 1415هـ) .

* كتاب خلق المسلم على ضوء الكتاب والسنّة (1415هـ)

 * كتاب الإيدز في المنظور الإسلامي (1415هـ) .

*  كتاب الإفرازات الطبيعية عند المرأة بين الطهارة والنجاسة (1415هـ)

* كتاب الأسرة المسلمة في زمن العولمة (1427هـ).