أعلنتها فصائل المقاومة بعد استشهاد عشرة من الفلسطينيين في اعتداء الجنود الصهاينة على مخيم جنين، واستباحتها لحرمة الدماء، أن الرد سيكون سريعًا وعلى الصهاينة انتظاره.

ولم تمض سوى 24 ساعة حتى جاء الرد قاسيًا مزلزلاً قويًا، بعثر حسابات الصهاينة، وقلب ليلهم جحيمًا، وأطار النوم من أعينهم في ليلة هي الأصعب عليهم طوال سنوات.

جاءت العملية السريعة علد يد البطل الشاب خيري علقم (21 عامًا) الذي استل مسدسه قرب كنيس يهودي في القدس المحتلة، وأثخن في قلب الاحتلال جرحًا وأذاقهم علقمًا، فقتل 7 من الصهاينة وأصاب 12 آخرين منهم حالتين في مرحلة الخطورة.

ووصف رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في تصريح مقتضب أدلى به بعد تفقده موقع الهجوم إن العملية "هجوم قاس ومن أصعب ما شهدته إسرائيل خلال السنوات الأخيرة".

وكان قد استشهد، الخميس الماضي، 10 فلسطينيين، وأصيب أكثر من 20 آخرون بينهم 4 في حلة خطيرة، في اقتحام لقوات الكيان الصهيوني لمدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية.

 

الوقت المناسب للرد

وقالت حماس في بيان لها عقب العدوان على جنين: "إنّ الاحتلال إذ يكشّر عن أنيابه ويصعّد وتيرة إجرامه بحقّ أهلنا في جنين فإنه يجرّ نفسه نحو المواجهة والخيبة والهزيمة". وشددت على أنه "ليس للاحتلال أمام هذا العدوان إلا الرصاص والعبوات المتفجّرة وإسقاط طائراته واستهداف جنوده وتدمير آلياته، وقد رأى صباحًا جزءًا من بأس مقاومتنا الموحَّدة".

وبعد عملية القدس أعلن القيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل رضوان أن المقاومة تقترب من مرحلة التصعيد الشامل مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو التي تعد الحكومة “الأكثر تطرفًا” في تاريخ إسرائيل تتحمل تبعات هذا التصعيد.

وأضاف “لا توجد حدود لرد المقاومة الفلسطينية، وأن جميع فصائلها على جهوزية تامة للدفاع عن الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية”.، مؤكدًا أن قيادة المقاومة هي من يقرر الأدوات المناسبة للرد على “جرائم” جيش الاحتلال في الوقت المناسب.

وبثت “كتائب القسام”، الجناح المسلح لحركة حماس، مشاهدَ من تصدي دفاعاتها الجوية فجر اليوم الجمعة، للطائرات الحربية الإسرائيلية في سماء قطاع غزة بصواريخ أرض-جو، وبالمضادات الأرضية.

 

عملية نوعية مكانًا وزمانًا وتأثيرًا

ومن جهة أخرى، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية علي الأعور إن مقتل 7 إسرائيليين على الأقل وإصابة آخرين في عملية إطلاق نار بمستوطنة النبي يعقوب شمالي مدينة القدس، يمثل عميلة “نوعية” من حيث الزمان والمكان والتأثير في المنظومة الأمنية الإسرائيلية.

وأضاف الأعور لقناة الجزيرة مباشر، مساء الجمعة، أن هذه العملية التي وصفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنها “صعبة” أكدت وحدة الهوية والجغرافيا الفلسطينية، وقدمت ردًّا مباشرًا وسريعًا على ما وقع في مخيم جنين يوم الخميس.

وتابع الأعور أن الرسالة التي اوضحتها العملية هي أن الشعب الفلسطيني موحد الجبهات من النقب إلى جنين إلى القدس، مؤكدًا أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الذي أعلن في السابق أنه لن يعود إلى المفاوضات مع الفلسطينيين ورفض الحديث عن حل الدولتين، سيجد نفسه مضطرا لتغيير سياسته.

وقال إن المعطيات المتوفرة والمستخلصة من هذه العملية النوعية التي خلفت مقتل 7 أشخاص وإصابة العشرات، ستدفع برئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى إعادة حساباتهما والبحث عن أفق سياسي جديد من خلال الدخول في مفاوضات مع السلطة الفلسطينية أو وقف مؤقت لعمليات التصعيد والتصعيد المضاد.

 

عملية القدس كسرت قلوب الصهاينة

رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد قال عبر "تويتر": "مساء صعب ومؤلم، وينكسر القلب أمام المشاهد القاسية للرعب الذي جرى في الكنيس بالقدس. يجب عدم التساهل مع العمليات، ويجب التعامل بقوة مع التهديدات ومن يرسل المنفذين".

ولدى سؤال مراسل القناة 12 العبرية لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عن تعقيبه على العملية، رفض الإجابة، وفق "المركز الفلسطيني للإعلام".

في حين عدّ المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع أن العملية أول اختبار مهم للحكومة الإسرائيلية، وليس مجرد حدث من جنين أو إطلاق صواريخ من غزة.

وقال يهوشع: "كما قلنا أمس إن القلق في المؤسسة العسكرية كان من مثل هكذا حدث في القدس أو الضفة".

 

تغيير نوعي في تكتيك المقاومة

الباحث في الدعاية والسياسة حيدر المصدر يقول: من فرط قوة العملية، نحتاج تحليلها من جميع الجوانب؛ السياسية والعسكرية والدعائية والاجتماعية، إلى سلسلة متصلة من المنشورات.

وأضاف في منشور له عبر "فيسبوك": "سأكتفي حاليًّا بالإشارة إلى ما يتصل بالتوقيت، وما يتميز به من حُنكة ودهاء، حيث وقعت بعد يوم واحد فقط من جريمة الكيان في جنين، ما يكشف عن: سرعة بديهة وتصرف، وتعمد تضليل الخصم، واستباق تدخل إقليمي، وتوسيع الشرخ السياسي داخل الكيان.

أما عن الدوافع النفسية المفسرة للفرحة الفلسطينية فهي لا تقتصر على نتائج العملية وحسب، بل يوجد ما هو أعمق، ربما لا يدرك أصحاب الفرحة وجودها؛ فهي من حيث زخمها وعدد القتلى تستدعي ذكريات بداية الانتفاضة الثانية، كما أن الغموض الأولي الذي لف هوية وتبعية منفذها أذاب الفوارق التنظيمية لتتخذ بُعدا فلسطينيا خالصا، وفق المصدر.

 

المقاومة لن تنتهي إلا بكنس الاحتلال

المحلل والكاتب خالد النجار أكد أن هذه الليلة سيسجلها التاريخ، وهي فعل بطولي يكتب التاريخ؛ فالتاريخ ما يزال حافلا بالبطولات والتضحيات، ولن تنتهي إلا بكنس المحتل.

وأضاف: ربما لم تكن تقديرات الاحتلال في موقعها الصحيح؛ فبعد أن أقدم الاحتلال على قتل 10 من رجال جنين، اعتقد أن المقاومة تكبلت سواعدها، وأنها تخضع لقيود أمنية وسياسية، وأنها لم تعد تتمسك بالقواعد التي فرضتها بوحدة السيف ووحدة الهدف.

أما الكاتب شرحبيل الغريب فقد أكد أن عملية القدس تؤكد أن هناك جيلا فلسطينيا فقد الثقة في أي مسار سياسي، وبات يحتضن السلاح، ويدافع عن شعبه، ولا يؤمن إلا بخيار المقاومة.

وقال: هذه العملية تؤكد أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يستسلم أو يرفع الراية.