أكد تحقيق استقصائي أن الإمارات حرضت من خلال اللوبي التابع لها ضد قطر وجماعة الإخوان المسلمين وكذلك ضد أئمة مسلمين في فرنسا؛ بحجة أن لهم ارتباطا بالجماعة.


وأشار التحقيق الذي أجراه موقع "أرويان 21"، إلى أن الإمارات ركزت من خلال تمويل جماعات ضغط وعلاقات بقادة فرنسا على شيطنة بعض دول الجوار ولاسيما قطر وعلاقتها بجماعة الإخوان المسلمين وربطهم بالإرهاب، في حرب إماراتية شعواء ضد الإسلام السياسي ككل.


وحاولت الإمارات اقناع أصحاب القرار والسياسيين الفرنسيين بضرورة دعم توجهات أبو ظبي في العديد من الملفات الجيوسياسية في المنطقة وكذلك للاستفادة من الدعم الفرنسي عند كل استحقاق يهم الإمارات بشكل خاص كالحرب في اليمن وصفقات السلاح والتحركات في مصر والسعودية وغيرها.


اللوبي العنيد

 

وأشار التحقيق إلى أن النفوذ الإماراتي في فرنسا، يمتد عبر "اللوبي العنيد"، وما ينتج عنه من دور مهم تقوده أبوظبي داخل أروقة الحكم الفرنسي.


وتناول التحقيق آليات وطرق التحرك الإماراتي بين المؤثرين وقادة الرأي وأصحاب القرار في فرنسا للخروج بقرارات وتصورات تدعم وجهة النظر الإماراتية في العديد من الملفات المهمة.

 

ولفت التحقيق إلى أن الإمارات استفادت من وسائل الإعلام في فرنسا عبر تجنيدها بقوة المال لخدمة مصالحها وتوجهها وتلميع صورتها، كما استمالت العديد من السياسيين في مجلس الشيوخ الفرنسي.

 

محاربة الإخوان

 

وأوضح التحقيق أن اتخاذ قرار "قضائي" بطرد الإمام المغربي حسن إكويسن من فرنسا، في 30 أغسطس الماضي، (واعتقلته بلجيكا قبل أيام) بإدعاء "تصريحات معادية للسامية وللنساء". وقد يكون لارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين، لم يغضب أبو ظبي.

وأضافت أن الإمارات العربية المتحدة جعلت من محاربة "الإخوان" أحد محرّكات سياستها، ولم تبخل -في فرنسا كما في أماكن أخرى- بتعبئة الوسائل اللازمة للترويج لعملها والظهور بصورة إيجابية.


تجنيد شركات

 

وأضاف التقرير أن الإمارات جندت الفرع الفرنسي لشركة “بروجكت اسوسيتس” (Project Associates) البريطانية، وموقع وقناة يورونيوز، ومراكز أبحاث خاصة، مثل معهد بوصولا (Bussola Institute)، إضافة لتجنيد بعض الشخصيات الإعلامية أو السياسية -مثل النائب في مجلس الشيوخ ناتالي غولي.

وأنه في وزارة الخارجية بباريس في 18 يوليو 2022، وقعت اتفاقيات في إطار زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد، لفرنسا، التي احتفت به بأبهة كبيرة، إذ تنقل الأمير على مدى ثلاثة أيام بين قصر الإيليزيه (مقر رئاسة الجمهورية) وقصر ماتينيون (مقرّ الوزارة الأولى) وقصر الانفاليد الأثري، ناهيك عن قصر فرساي وقوس النصر، بل زار حتى رموز الديمقراطية الفرنسية المتمثلة في الجمعية الوطنية (البرلمان) ومجلس الشيوخ، وأبعدت السلطات “أوريان 21” من طرف المكلفين بالاتصال في الوزارة.
وأوضحت أن الإمارات تخشى من الانتقاد ك"نظام أوتوقراطي يمارس رقابة مشددة على مواطنيه، ويقمع النشطاء النادرين المؤيدين للديمقراطية الذين تجرأوا على التعبير، علاوة على كونه متهما بممارسة التعذيب في سجون سرية في اليمن". مضيفا أنها تريد الترويج لاتحاد الإمارات -وأغناها دبي، المركز المالي والتجاري والسياحي، وأبو ظبي، الإمارة البترولية والعسكرية..


وأبانت أن الإمارات تريد تلميع صورتها ليس فقط بشراء نادي مانشستر سيتي في 2008 بل باستحواذ في 2017، من شركة أبو ظبي للاستثمار الإعلامي (Admic) على 2% من القناة الإعلامية الأوروبية يورونيوز  ومقرها بمدينة ليون في فرنسا، وأبرمت معها إلى غاية 2020 عقد رعاية بقيمة 8,5 مليون يورو سنويا.
 

نهج خليجي



واشار التحقيق إلى نهج شراء شركات الدعاية والسياسيين والإعلاميين من خلال ذكرها تعاقد المملكة العربية السعودية مع مجموعتي “بوبليسيس” (Publicis) و“هافاس” (Havas) الفرنسيتين، وأقامت قطر أعمالا مع شركة اتصالات بورتلاند البريطانية. وماذا عن الإمارات؟ افتتحت الشركة البريطانية “بروجيكت اسوسييتس” (Project Associates) للاستشارة فرعها في فرنسا في يونيو 2019.
 

ومن تأثير هذه المنهجية بحسب التحقيق ما كشفت عنه “ديلي ميل” (Daily Mail) البريطانية من وثائق مسربة بأن “بروجيكت اسوسييتس” قدّمت عرضاً للترويج لترشيح مدير وزارة الداخلية الإماراتية السابق، أحمد الريسي، لرئاسة الإنتربول.

 

ولفتت إلى أنه بما أن المقر الرئيسي لمنظمة الشرطة الدولية يوجد في مدينة ليون، فهل كانت المهمة التي اقترحتها “بروجيكت اسوسييتس” تغطّي فرنسا؟ تم الاتصال برئيس الشركة جان لو غري دي لا سال، لكنه لم يرد، أدلى الجنرال المتقاعد دومينيك ترينكاند (Dominique Trinquand)، الذي تتقارب وجهات نظره مع الرؤية الإماراتية، وهو أحد المستشارين الظرفيين التابعين لشركة الاستشارة، بتصريحات مؤيدة لهذا الترشح في الصحافة. وقد أكد في تصريح لـ“أوريان 21” بأن “ترشيح الريسي مفيد في إطار محاربة الإسلام الراديكالي، الذي تلتقي حوله فرنسا والإمارات”، وهو المرشح الإماراتي لرئاسة الإنتربول.

 

وفي الولايات المتحدة، كانت “بروجيكت اسوسيتس” وراء حملة مقاطعة قطر التي انطلقت في 2017. وتشير قاعدة بيانات تسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة إلى أن المجلس الوطني للإعلام الإماراتي قد وقّع عقدًا مع الشركة بمبلغ 250 ألف دولار، لتنفيذ حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان “مقاطعة قطر”.
 

“الاستقرار السلطوي”



وقال التحقيق: " تستهدف الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص جماعة الإخوان المسلمين، التي أرعبتها نجاحاتهم الانتخابية ما بعد الربيع العربي".
 

وأضاف أنه "تصاعد التوتر بمستوى أكبر في 2017. وقصد إعاقة الدوحة التي تدعم جماعة الإخوان، وقناة الجزيرة التي كان لها دور مهيمن خلال الربيع العربي، قرّرت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر فرض حصار على قطر، وهو العام الذي أطلقت فيه أيضًا الإمارات استراتيجية “القوة الناعمة” الخاصة بها. ولإغواء محاوريها الدوليين، وخاصة الفرنسيين، تودّ أبو ظبي إقناعهم بالمخاطر -ليس السياسية فقط- التي يمثلها الإخوان المسلمون.
 

ضد الإٍسلام السياسي

 

وأكد التحقيق أن أبوظبي عملت بشكل ممنهج على خلق ارتباط فكري أكثر تبسيطا: قطر = الإخوان المسلمون = الإرهاب.
ونقلت عن بيير غاستينو، رئيس تحرير موقع “إنتيليجنس أونلاين” (Intelligence Online)  الذي أشار إلى أنه "بمعزل عن الحقائق، لا يتعلق الأمر فقط بالترويج لسردية، بل بهجوم واسع هدفه خلق بيئة إعلامية تجعل الجمهور في وضع ملائم لتقبّل نوع معيَّن من الخطاب. فالتكرار الممنهج بأن قطر تموّل جماعة الإخوان المسلمين والقيام بربط تلقائي بين الإخوان المسلمين والإرهاب، هو جزء من هذه الحرب المعرفية”.

ولفت التحقيق إلى أنه في ديسمبر 2021، استقبلت المجموعة وفداً إماراتياً حول موضوع مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ولم ينس الوفد في تقريره التذكير بإدراج الإمارات لجماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، إلى جانب القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. وبعد ذلك بقليل، في بداية 2022، سافر ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ إلى المملكة العربية السعودية والإمارات. ونقرأ في التقرير الذي أُنجز عن هذا اللقاء بأنه”(...) سمح بالتأكيد على أهمية التعاون الفرنسي-الإماراتي في مجال مكافحة الإرهاب والإسلام السياسي".

واعتبرت أن تمرير القانون الذي يعزّز مبادئ الجمهورية الفرنسية لمحاربة “الانفصالية” الإسلامية -وهي معركة تشمل الوهابية والسلفية والإخوان المسلمين جاء بعد أقل من عام على اللقاء. ومن ذلك، تم التذرع بحجة مكافحة “الانفصالية” لإغلاق أو محاولة إغلاق عدد من الهياكل والأماكن -المرتبطة في بعض الأحيان بجماعة الإخوان-، وفي اتخاذ قرار طرد الداعية حسن إكويسن.


https://orientxxi.info/magazine/article5910