أكد الكاتب ممدوح الولى -الخبير الاقتصادى ونقيب الصحفيين السابق- أن سياسات البنك المركزى لن تمكنه من حل مشكلة تراجع صرف الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكي، والوفاء بوعوده وحل تلك الأزمة قبل المؤتمر الاقتصادى المزمع عقده فى منتصف مارس المقبل، بزعم دعم الاقتصاد المصرى.

وقال الولي -عبر "فيس بوك"-: الحل فى يد المجتمع الاقتصادى كله وليس "المركزي"، فمشكلة تدهور قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، ترتبط أساسا بالعرض والطلب على العملات الأجنبية، فإذا كان هناك وفرة فى المعروض من العملات الأجنبية عن الطلب عليها، تحقق الاستقرار لسعر الصرف، بل يمكن أن تحقق قيمة الجنيه تحسنا أمام العملات حينذاك والعكس صحيح، فإذا زاد الطلب عن المعروض تدهورت قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، كما هو الحال منذ فترة بسبب نقص العديد من موارد النقد الأجنبي، منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، مثل السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر ونقص الصادرات السلعية والخدمية.

وأضاف: تم تعويض ذلك النقص عن طريق المعونات الخليجية التى بلغت حوالى 20 مليار دولار، بعد الانقلاب العسكرى فى الثالث من يوليو 2013، حسب تصريحات المسئولين، لكن ظروف انخفاض سعر البترول، والذى يمثل السلعة الرئيسية لدى دول الخليج، وانشغالها بملفات أخرى إقليمية أدى لتراجع قيمة المعونات مما زاد الموقف ارتباكا. 
وحول حلول "المركزى" التقليدية للأزمة، قال الولى: "عادة ما يقوم البنك المركزى بتحقيق الاستقرار لسعر الصرف، إما تحقيق استقرار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية على حساب الاحتياطى، أو السماح بتحرك سعر الصرف للحفاظ على الاحتياطيات من العملات الأجنبية".

وتابع: في فترة تولى المجلس العسكرى كان التركيز على استقرار سعر الصرف ولو على حساب الاحتياطى، وبالتالى نقصت قيمة الاحتياطيات من 36 مليار دولار إلى 5ر15 مليار دولار، بينما سمح البنك المركزى فى عهد الرئيس مرسى ونظرا لانخفاض الاحتياطى، بتحرك محدود لسعر الصرف للحفاظ على أرصدة الاحتياطي، وبالفعل ترك مرسى الحكم ولم ينقص الاحتياطى خلال عام توليه سوى حوالى نصف مليار دولار.

أما فى عهد الانقلاب العسكرى، أوضح الولى أن المعونات الخليجية ساهمت فى رفع قيمة الاحتياطيات، واستقر سعر الصرف الرسمى بعض الوقت، إلا أن عدم تلبية البنك المركزى لاحتياجات المستوردين والشركات من العملات الأجنبية، صنع طلبا إضافيا بسوق الصرافة خارج البنوك.

ولفت إلى أن سداد مستحقات دولة قطر وتغطية الواردات السلعية التموينية، وسداد أقساط الديون النصف سنوية، تسببت فى تآكل الاحتياطيات لتصل إلى 3ر15 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضى، فى ضوء انخفاض المعونات الخليجية.
 
وأشار إلى أانه فى يناير تم دفع القسط نصف السنوى من ديون نادى باريس بحوالى سبعمائة مليون دولار، مما قلل من قدرة البنك المركزى على تلبية احتياجات المستوردين من العملات، فلجأوا إلى السوق الموازية لتدبير احتياجاتهم، مما زاد من الفجوة السعرية بين السوقين.

وبيّن أنه مع اقتراب موعد مؤتمر المانحين فى منتصف مارس، وأهمية وجود صرف سعر واحد أمام المستثمرين، وجد البنك المركزى نفسه مضطرا لخفض قيمة الجنيه أمام الدولار عدة مرات خلال أيام متوالية، فى محاولة لتضييق الفجوة السعرية مع السوق الموازية بعد أن كاد السعر يلامس الثمانية جنيهات، وهو تصرف يبرهن بوضوح على إخفاق البنك فى تحقيق وعوده السابقة بتحقيق الاستقرار فى سعر الصرف.

وأكد الولي أن الحل الجذرى لمشكلة سعر الصرف، بزيادة موارده سواء كانت صادرات سلعية وخدمية أو سياحة، أو تحويلات للمصريين بالخارج أو خدمات نقل أو استثمار أجنبى، أما التعويل على الإجراءات الإدارية تجاه شركات الصرافة فقد ثبت فشله خلال السنوات الماضية وخلال الشهور الأخيرة، لأن حل مشكلة سعر الصرف فى يد المجتمع الاقتصادى كله، وليس فى يد البنك المركزى.