نافذة مصر

أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومقرها بريطانيا، تصفية قوات أمن الانقلاب لعدد من معارضي حكم العسكر بالرصاص الحي خلال الأيام الأولى من عام 2016 دون أي محاكمات.

وأكدت المنظمة -في بيان لها على موقعها الرسمي- أن قوات أمن الانقلاب من جيش وشرطة تختلق الروايات الكاذبة للتغطية على عمليات القتل والإغتيال خارج إطار القانون التي باتت تستخدم بشكل واسع ضد المعارضين للانقلاب العسكري.

ودعت المنظمة الأجهزة المتخصصة في الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع الدولي ذات العلاقة للتحقيق بشكل عاجل وسريع في الجرائم المختلفة التي يرتكبها النظام الانقلابي المصري في مقدمتها انتهاج القتل بالتصفية الجسدية ووقف حالة الصمت على جرائم العسكر.

نص البيان:

خلال ثلاثة أيام قامت قوات الأمنية في مصر بقتل 4 معارضين بالرصاص الحي، في محافظتين مختلفتين ثم اختلاق روايات كاذبة لا تتسم بالمعقولية حول مقتلهم لتبرير تلك الجرائم.

بتاريخ 9 يناير/كانون الثاني 2016 قُتل الطبيب محمد محمود أحمد عوض (31 عاماً) في الفيوم برصاصة من قوات الأمن وفي تبرير مقتله أعلن مسؤولون أمنيون وسائل إعلام محلية أن قوة أمنية ذهبت لإلقاء القبض عليه لاتهامه في التحريض على العنف ضد الدولة والإعداد لتظاهرات 25 يناير القادم، وعندما أدخلوه إلى سيارة الشرطة قام بالإعتداء على ضابط المباحث وضربه فوق رأسه لكي يهرب من سيارة الشرطة، فأصيب الضابط، وحاولت القوة الأمنية المرافقة للضابط الإمساك به لكنه فر هاربًا فأطلقوا عليه الرصاص فسقط قتيلا.

رواية الداخلية لواقعة مقتل عوض يكذبها تقرير مكان الإصابة حيث أصيب في البطن ومن المحتم وفق رواية الداخلية أن تكون في الظهر في حال هربه ،وفي إفادتها للمنظمة قالت شقيقة القتيل "في السادسة والنصف مساء السبت 9 يناير/كانون الثاني 2016 قامت قوة أمنية باقتحام العيادة الخاصة بشقيقي والمتواجدة بمنشية عبده بمركز الفيوم، ثم أطلقت عليه الرصاص دون مبرر وفقاً لشهود عيان، وبعدها قامت باقتياده إلى المدرعة وهو مصاب، وبعد أقل من ساعة تلقينا اتصالا يفيد بتواجد جثة شقيقي في مشرحة المستشفى العام بالفيوم، وعندما ذهبنا لاستلام الجثة قامت القوات الأمنية بطردنا من المستشفى ورفضت تسليمنا الجثة، أو رؤيتها، إلا أن أحد الأطباء أخبرنا عن إصابة محمد برصاصة في بطنه".

لم تكن هذه الواقعة هي الأولى في العام 2016 قبل يومين بتاريخ 7 يناير/كانون الثاني 2016 أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي عن قيامها بتصفية ثلاثة مواطنين –وصفتهم بالإرهابيين-بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، وجاء في البيان أن قوة أمنية ذهبت لإلقاء القبض على بعض الأشخاص المتورطين في عدة أعمال إرهابية، وفور اقترابها من العقار محل الواقعة والكائن بدائرة قسم ثان العاشر من رمضان، قام القتلى بمبادرة قوات الأمن بوابل من الرصاص –على حد وصف البيان الأمني-، فقامت القوات الأمنية بالرد مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، ومن ثم نقل الجثث إلى مشرحة زينهم، والتي كانت لكل من نشأت محمود عصام محمد أحمد، ومحمد محمد عطوة أحمد مصطفى، ماهر عبدالله السيد حسن، وأضاف البيان أنه عثر مع القتلى سلاح آلي وبندقية خرطوش.

رواية الداخلية في تلك الواقعة تتطابق تماما مع أغلب الروايات التي أعلنتها لتبرير عشرات عمليات التصفية الجسدية لمعارضين قبل ذلك، كما حوت تناقضا واضحا بين عدد القتلى والأسلحة المضبوطة التي أطلقت وابلا من الرصاص على حد وصف البيان، بالإضافة إلى ما أكده ذوي القتلى من كذب رواية الداخلية وتعرض الثلاثة للقتل دون مبرر.

في شهادتها للمنظمة قالت أسرة نشأت محمود عصام محمد أحمد (25 عاماً) " نشأت كان ملاحقا من قبل الأمن كونه من معارضي النظام ومطلوب على خلفية عدد من القضايا الملفقة، مما دفعه إلى استئجار شقة مع معارضين آخرين بمدينة العاشر من رمضان، بعد منتصف ليل الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني 2016، تلقينا اتصالاً هاتفياً من أحد الأشخاص القاطنين في شقة مجاورة وأخبرنا أن قوات الأمن قامت باعتقال نشأت واثنين آخرين كانا معه بالشقة، لنفاجأ في الصباح ببيان وزارة الداخلية عن مقتلهم. تم اصطحاب الجثث إلى مشرحة زينهم ولم يتم السماح للأسر بالاطلاع عليها أو استلامها إلا في اليوم التالي للواقعة، كان نشأت مصابا بأربعة طلقات نارية، جميعها في منطقة الرأس والرقبة، وكانت الإصابة من الخلف".

وفي إفادته للمنظمة قال والد محمد محمد عطوة أحمد مصطفى (21 عاماً) "فوجئنا بنشر وزارة الداخلية بياناً ذكرت فيه مقتل نجلي بعد اشتباكها معه وآخرين، حيث كان مختبئا إثر ملاحقته على خلفية قضايا مفبركة كونه من معارضي النظام، وعند ذهابنا إلى مشرحة زينهم لاستلام الجثة، لم يسمح لنا بالدخول إلا في اليوم التالي للواقعة، وكان بالجثة طلقتين بالرأس".

وبمقتل هؤلاء الأربعة يرتفع عدد الذين تعرضوا للتصفية الجسدية على يد أجهزة الأمن منذ الثالث من يوليو/تموز 2013 وحتى الآن إلى 53 شخصاً، بالإضافة إلى مقتل 39 شخصاً في تلك الفترة في ظروف ملتبسة لم تتوافر معلومات كافية حول ملابسات مقتلهم ادعت وزارة الداخلية وفاتهم أثناء تنفيذهم لعمليات إرهابية دون أن تباشر أي جهة تحقيقا محايدا حول مقتلهم يؤكد صدق أو كذب تلك المزاعم.

إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تؤكد أن رواية الأمن المصري حول مقتل المعارضين الأربعة في الواقعتين المذكورتين، هي روايات كاذبة لا تتسم بالمعقولية، وأن ما تم بحقهم هو جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار جاءت في ظل تفشي ظاهرة القتل بالتصفية الجسدية للمعارضين في مصر.

وتؤكد المنظمة أن مئات المصريين المُلاحقين على خلفية معارضة السلطات معرضون لخطر القتل بالتصفية الجسدية في أي وقت دون أي فرصة للتمتع بحقوقهم الأساسية وفي مقدمتها الحق في الحياة.

إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو الأجهزة المتخصصة في الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع الدولي ذات العلاقة للتحقيق بشكل عاجل وسريع في الجرائم المختلفة التي يرتكبها النظام المصري في مقدمتها انتهاج القتل بالتصفية الجسدية ووقف حالة الصمت على جرائم النظام، فالعلاقات القوية والدعم السياسي والعسكري المقدم للنظام المصري من بعض الدول هي التي أعطت ذلك النظام الضوء الأخضر لإهدار حقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في الحياة، ما يجعل المجتمع الدولي شريكاً في هذه الجرائم.