احمد المحمدي المغاوري.
وتبقى الصلاة التي تعيننا على تحمل مشاق الحياة وإمداد أنفسنا بما يكفل لها الثبات عند المحن والتغلب على ما يعترضها من شدائد . قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ) لذلك دعا سيدنا إبراهيم وهو في حالة، المرء عندها يخاف على أهلة ويسأل الله السلامة لهم حين تركهم في ارض لا تنفع الحياة عليها فلا زرع ولا ماء ولا شيء إلا الله فإذ بصاحب القلب السليم المتصل بخالقة، ينسى كل هذا ويدعوا "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة " ثم يدعوا "رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء".
وتبقى الصلاة . التي تجعل الإنسان هادئا متحكما في انفعالاته قلا جذع ولا خوف قال تعالى " إن خلق الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جذوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين "
وتبقى الصلاة. حياة القلوب فإذا كان الحج رحلة الإنسان إلى الله ويحتاج إلى منا إلى مال ومسير وراحلة ، فهناك رحله باقية إلى الله لا تنقطع عنا أبدا ولا تحتاج منا إلى سفر الجسد ولكن تحتاج منا سفر آخر هو"سفر القلب إلى الله خالقه" لأن السير الحقيقي إلى الله كما قال ابن القيم هو سير القلوب قبل سير الأبدان"
وتبقى الصلاة .سبب الفلاح الحقيقي عندما نخشع فيها ونؤديها حق أدائِها "قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون". هذه امرأة تحكي. كنت أصلي وكان طفلي بقربي يناديني مرارا فلم أرد عليه .فأتى أخيه الذي يكبره بعامين !فقال له عيب عليك لا تقاطع أمي. ( أمي تكلم الله )!اقشعر بدني وانتابني شعور بالذل والهوان.أمام عظمه من وقفت بين يديه وظلت هذه العبارة تطرق سمعي وفكري وقلبي. وبقيت تحضرني كلما كبرت للصلاة .فسبحان من أجرى الحكم على.أفواه لم تبلغ الحلم.
وتبقى الصلاة .من أراد البركة والرزق والقبول فعلية بالصلاة ذكر الطبري في قوله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وأمُرْ) يا محمد ( أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) يقول: واصطبر على القيام بها، وأدائها بحدودها أنت ( لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ) يقول: لا نسألك مالا بل نكلفك عملا ببدنك، نؤتيك عليه أجرا عظيما وثوابا جزيلا يقول ( نَحْنُ نَرْزُقُكَ ) نحن نعطيك المال ونكسبكه،ولا نسألكه. ا.هـــ
لما دخلت الملائكة على زكريا أين كان ؟ كان قائما بين يدي ربه في المحراب فسأل الله فأعطاه سؤله ( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) ولما مدح الله نبي الله إسماعيل ذكر مكرمته (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)مريم.
وتبقى الصلاة. فهي ملازمة للعبد منذ صغره وحتى موته. روى أحمد وأبو داود والحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي قال « مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين ، وفرقوا بينهم في المضاجع ». وقد أمر بها الشارع الحكيم (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)) [البقرة:43] وعلى وقتها فهي تعلمنا تنظيم الوقت وفي استطاعتنا أن نرتب أوقاتنا عليها قال تعالى ( فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ).
وتبقى الصلاة. فكانت الصلاة باقية على شفا النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة احتضاره والعادةُ أن المريض يُشَغَل بمرضه عن غيره، ورسولُ الله ما شغله ما هو فيه من شدة الكرب، ووطأة المرض، واستقبال الموت عن الوصية للأمة بما يحتاجونه.ففي حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قال: (كانت عَامَّةُ وَصِيَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وهو يُغَرْغِرُ بِنَفْسِهِ: الصَّلَاةَ وما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)وعن ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: (كَشَفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أبي بَكْرٍ فقال: (أَيُّهَا الناس إنه لم يَبْقَ من مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إلا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أو تُرَى له، ألا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ اقرأ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أو سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ عز وجل وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ) رواه مسلم.
فهل يدعوا أحدنا "اللهم أذقني لذة الطاعة ولذة الوقوف بيد يديك" فغالبا ما تدعوا للدنيا فأين الآخرة ؟ يقول أحدهم "من سأل الله الدنيا فإنما سأل الله طول الوقوف بين يده للحساب.ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. رب اجعلنا مقيم الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء.. وللحديث بقية وتبقى الصلاة.
إلهي كم قلبي قسا فلم يخشع وتلك شكواي .
حرمان قلبي من لذة الوقوف بين يديك يا حبيب.
فاغفر لعبدك وامح ذنوبا أثقلتني أنت تعلمها .
لأذق حلاوة القرب منك يا قريب
رفعت كفي إليك وأقمتُ ظهري ببابك.
فلا تطرد مريضا عن جنابك .الهي ويا نعم الطبيب .
نعم استحق الطرد معترفا بذلك.
.لكن لعفوك اطمع وأنت أهل لذلك يا مجيب.
قد خاب ظني بكل البرايا.
وفيك الظن أبدا بجاهك لا يخيب.
فأقل إلهي عثرتي في غربتي.
وامح الران عن قلبٍ كاد يحرقه اللهيب.
قد على علية الصدى ليأكل الصفو منه .
فهل بعد الغلق من قرب وفتح قريب..
لألقاك ربي سليم القلب عامرا بك. فانا العبد المعيب.
إلهي وربي لا حيلة لي إلا بحولك فهاذي دعوتي.وإلحاحي وسؤلي وغربتي.
فاصفح الهي وتجاوز فإني عائد إليك بقلب منيب.