بقلم / محمد عبد الرحمن صادق
( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى {13} ) الكهف
* أيها الشباب : أحفاد خالد ، وعمار ، ومصعب ، وبلال .
* أيها الشابات : حفيدات سُمية ، وأسماء ، ونُسيبة ، والخنساء ، إننا كعهدنا بكم ما رأينا منكم سوى الإقدام والثبات والتضحية فما حدث أن تقاعستم يوماً فى موقف يريد منكم الشجاعة وما حدث أن تهورتم يوماً فى موقف يحتاج منكم التروي والصبر والانضباط وما خذلتم ثورتكم يوماً في موقف يحتاج منكم النصرة . فانضباطكم ووعيكم وحسن تقديركم للأمور هو سر قوتكم . واعلموا أنكم تسطرون التاريخ للأمة الإسلامية ، وتُعيدوا الأمة الإسلامية لسابق عهدها ، وتضعون معالم على الطريق لمن خلفكم ، فلا تدخروا وسعاً ولا تحقروا من المعروف شيئاً .
* أيها الشباب : إن ما يصيب أعدائكم بالهوس منكم بل بالجنون هو ثباتكم الذي هو من عند الله . إنهم يودون أن يروا منكم تقاعساً وتخاذلاً ، يودون أن يروا منكم تهوراً وتصرفات غير مدروسة أو غير مسئولة تعطيهم المبرر ليقضوا على الأخضر واليابس في هذا الوطن . فهم لا يعرفون للوطنية قدراً ولا للرجولة معنى
* أيها الشباب : إنه بفضل الله تعالى ثم بفضل ما تقدمونه من بذل مُنضبط وتضحيات مدروسة لن ينالوا منكم بفضل الله أبداً ، ولن يوقفوا طوفانكم الهادر . فالحناجر التى تهتف الله غايتنا ... الرسول قدوتنا ... القرآن دستورنا ... الجهاد سبيلنا ... الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا ... ما تردد هذا الهتاف نوعاً من العنترية الجوفاء أو التهور العقيم ولكن تردده عقيدة ويقيناً .
* أيها الشباب : إن أعدائكم في الداخل والخارج قد جربوا معكم كل الحيل والأساليب الشيطانية وفرغت جعبتهم ونفذ صبرهم أمام ثباتكم وجلدكم . لقد كانوا يظنون أنهم أمام صبية سيفرقهم التهديد أو الاعتقال أو الفصل من الجامعات فما وجدوا إلا رجالاً يواجهون الرصاص بصدور عارية ولا يهابون الموت وما وجدوا إلا فتيات يلقنونهم دروساً في الرجولة والشهامة التي يفتقدونها . قال تعالى : " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {30}" ( الأنفال ) .
* أيها الشباب : اعلموا جيداً بأنهم يراهنون على تفريغ هذه الثورة من جهودكم ...... إنهم يراهنون عليكم أنتم ويودون القضاء عليكم أنتم فأنتم الشوكة التي في حُلوقهم والكابوس الذي يُؤرق نومهم ..... إن ما يفعلونه معكم ما هو إلا نقصاً وطعناً فيما بقي من رجولتهم لأنهم يشعرون بالعجز والفشل أمامكم . قال تعالى : " وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139} إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140} " ( آل عمران ) .
* أيها الشباب : إن قادتكم مروا بما هو أشد من ذلك فصبروا وصمدوا وما لانت لهم قناة وأنتم غذاء هذه الشجرة المباركة بل روح هذه الشجرة المباركة التي يود أعدائكم أن يجتثونها من جذورها . قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {24} تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {25} " ( إبراهيم ) . فهم لم يدركوا أن هذه الشجرة من غرس الله تعالى وأن قادة هذه الدعوة لو كانوا يطمحون لدنيا أو منصب أو جاه لفتحت لهم القنوات وسُميت الشوارع والميادين بأسمائهم ولكنهم طلاب الآخرة فقط . وعقل هؤلاء القادة ينظر لكل مسألة من مختلف زواياها ويرى الميدان بعمقه فلا يتسرع في إحراز الأهداف طالما أن قوته موزعة توزيعاً واعياً مدروساً على زمن المواجهة . فعدوكم يريد إنهاككم في جولة واحدة تستنفذ قوتكم ثم ينقض عليكم .
* أيها الشباب : إننا نعلم مدى يقينكم بأن الهوية الإسلامية تستحق التضحيات مهما علت ومهما غلت . لذلك نعلنها للعالم أجمع عالية مُدوية نسمع بها الدنيا وكلنا بكم ثقة ... لا تراهنوا على شباب الثورة ... لأنهم يركزون على الأهداف المدروسة وتحقيق المصالح العليا للوطن ولا يلتفتون للإيذاء البدني أو الإيذاء المعنوي فهم يحتسبون ذلك كله عند الله ويصبروا فينالوا إحدى الحُسنيين . قال تعالى : وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ {24} " ( السجدة ) .
* أيها الشباب : أعرف مدى الحزن الذي يعتصر قلوبكم ، ومدى الغضب الذي يملأ صدروكم ، ومدى فوران الدماء الذكية في عروقكم لما يحدث... وأعرف جيداً مدى قدرتكم فأنتم أهل الجهاد والتضحية وأنتم فرسان الحلبة وروادها . إن كل الدماء التى سالت لن تذهب هدرًا ، ومخطط أعدائكم هو جر البلاد إلى حرب أهلية تضيع معها الحقائق والحقوق ويفلت معها الجناة ولكن هيهات هيهات أن يفلحوا في ذلك ، " ........ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ {10} " ( فاطر ) .
* اعلموا أيها الشباب أن الله تعالى جعل النصر على ثلاثة أحوال :
- نصر استحقاق : عندما يقوى الإيمان وتتكافأ العدة مع الأعداء مثلما حدث في فتح مكة .
- نصر تفضل : عندما يقوى الإيمان وتقل العدة مثلما حدث في بدر .
- نصر مبدأ وعقيدة : عندما لا يكون للفرد المستضعف سوى عقيدته وإيمانه ويقينه في ربه سبحانه وتعالى مثلما حدث لأصحاب الأخدود ، وسحرة فرعون ، وبلال ، وعمار ، وأحمد ابن حنبل ، وحسن البنا ، وسيد قطب ، وشهداء رابعة والنهضة ورمسيس وكل ميادين وشوارع مصر وكل من سيسير على دربهم إلى يوم القيامة فسنة الله لا تتبدل ولا تتغير .
* والملاحظ أن العامل المشترك لأنواع النصر الثلاثة هو قوة العقيدة وقوة الإيمان التي لا تضارعها قوة ولا يغلبها غالب . فالنبي صلى الله عليه وسلم ما عُرف عنه إلا التضرع لله تعالى في كل غزواته حتى أشفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم .
* بهذه الروح انتصر أسلافنا : ففي غزوة بدر : سأل عوف بن الحارث - وهو الابن الثالث لعفراء في غزوة بدر - رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما يضحك الرب من عبده ؟ قال صلى الله عليه وسلم : غمسه يده في العدو حاسرًا ، فنزع درعًا كانت عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل رضي الله عنه .
* وفي غزوة الخندق : وضع النبي صلى الله عليه وسلم النساء والأطفال في الحصون لحمايتهم ، فكانت صفية وأمهات المؤمنين في حصن حسان بن ثابت رضي الله عنه ، وكان من أمنع حصون المدينة . وبينما كان المسلمون منشغلون بقتال عدوهم ، تسلل يهودي وطاف بالحصن يتجسس أخباره ، فأدركت أنه يريد معرفة أفي الحصن رجال أم إنه لا يضم غير النساء والأطفال . فحملت عمودًا وتلطّفت حتى كانت في موضع تمكنت فيه من عدوها ، ضربته على رأسه فوقع فانهالت عليه حتى مات ، لكي لا ينقل خبرهم إلى قومه . ثم حزّت رأسه بسكين ، وقذفت بها من أعلى الحصن ، فطفق يتدحرج حتى استقر بين أيدي يهود كانوا يتربصون في أسفله ، فلما رأى اليهود رأس صاحبهم ؛ قالوا : « قد علمنا إن محمداً لم يكن ليترك النساء والأطفال من غير حماة » ، فعادوا أدراجهم .
* فتضرعوا إلى ربكم ووحدوا صفوفكم وثقوا في قيادتكم يتنزل عليكم نصر ربكم : " ... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {5} وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {6} " ( الروم ) .
وفقكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم