بقلم / محمد عبد الرحمن صادق
- أحبائي في الله : إنه ما دفعني إلى كتابة هذه السطور وهذه النصائح إلا ما يجمعنا من حب في الله تعالى ولتحقيق واجب الأخوة وواجب التناصح في الله ، عسى أن تجد عقولاً واعية ، وآذان مُصغية ، وجوارح تترجمها واقعاً ملموساً في حياتنا فيغير الله تعالى أحوالنا إلى ما يحبه ويرضاه إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه .
1- استشعار نية الثبات حتى الممات وأن تدعوا الله بذلك في كل صلاة وهذا لا يتحقق إلا بوقفة صادقة مع النفس وتوبة نصوح لله تعالى . قال تعالى : " وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {147} ( آل عمران 147 ) .
2- استرجع في ذهنك أمثلة لمن ثبتوا على طريق الحق سواء محياهم ومماتهم . قال تعالى : " قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {72} ( طه 72 ) وكذلك استرجع أمثلة لمن ضلوا الطريق سواء محياهم ومماتهم . قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ ... " ( آل عمران ) واختر لنفسك الخاتمة التي تريد .
3- على كل فرد أن يستشعر في نفسه أن النصر سيكون به وحده ، والثواب سيكون له وحده وهو أحوج ما يكون إلى هذا الثواب وهذا يتطلب مجهود يبذله في تربية نفسه ودعوة غيره وأن يحرص ألا يؤتى الإسلام من قِبله فيَلقى الله وهو على هذا الحال فيهلك . قال تعالى : " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ {18} ( فاطر 18 ) .
4- ارتمي في أحضان إخوانك فلا تتركهم لحظة ( تعلم من عالمهم وعاون ضعيفهم وتفقد غائبهم وادعوا لمن ابتُلي منهم وخذ من راحتك لراحتهم ومن زادك لزادهم تستشعر طعم اللقمة وهي في أفواههم وتسعد بالسعادة التي في قلوبهم ) . قال تعالى : وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {2} ( المائدة 2 ) .
5- لا تكِل ولا تمِل من إزالة الغشاوة عن أعين الناس ، تودد إليهم وأحسن معاملتهم . قال تعالى : " ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {125} " ( النحل 125 ) وإياك أن تنعزل عنهم أو تملهم ( فمن قال هلك الناس فهو أهلكهم ) فلقد اصطفاك الله لتكون طبيبهم ( وما جعل الله داء إلا وجعل له دواء ) وستؤجر على قدر جهدك .
وتضع في ذهنك أن المجتمع به دُرر ولألئ تريد من يذيل عنها التراب ، وتريد من يأخذ بيدها ، وتريد من يبث فيها الأمل والطمأنينة والسعيد كل السعادة من يكتشف واحد من هؤلاء لأن كل ما سيقوم به سيصب في حسناتك فـ ( الدال على الخير كفاعله) .
انظر إلى حال المسلمين الأوائل وتعاملهم مع المحن والإبتلاءات ، فهذا صحابي يقول ( لو آمن حمار الخطاب لآمن عمر ) وحبيبك ومصطفاك صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام " . فمن يسمع لهذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم يظن وكأنه يطلب معجزة من السماء ولكن " القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يُقلبها كيف يشاء " وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ، والميزان بيد الرحمن يرفع أقواماً ويضع آخرين إلى يوم القيامة " حديث صحيح على شرط مسلم .ويكفيك أن تعلم أن وحشي الذي قتل سيد الشهداء حمزة هو نفسه الذي قتل مسيلمة الكذاب في معركة اليمامة .
6- كن على يقين أن هذه ليست أول مُصيبة تُصيب المسلمين ولن تكون آخرها وثق أن الظلم لا ينتهي بهلاك ظالم وهذه هي سنة الله تعالى في الدعوات إلى يوم القيامة .
وما يجعل الله هذه المصائب إلا ( للأجر ، التمحيص ، الابتلاء ، الثبات ، الصبر ، الشهادة ... الخ ) وغير ذلك من الأمور التي لا يعلمها إلا الله . قال تعالى : " الم {1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ {2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {3}"(العنكبوت1 : 3 ) فاحرص ألا ينقضي هذا الأمر إلا وقد أخذت منه جزيل الثواب وعظيم الأجر واشتد عودك وقوي إيمانك .
- احرص كل الحرص على أن تأخذ منه الزاد الذي نُربي به الجيل الذي سيلينا فمن سبقونا صدقوا فثبتهم الله ليحسنوا تربيتنا ويجب أن نكون لمن بعدنا قدوة ولا نفتنهم .
7- إياك ثم إياك من دعاوى المُثبطين والمُرجفين فلا تسمع لهم وفر منهم فرارك من الأسد فهم ذئاب يتربصون بك ليفرحوا في انتكاستك والعياذ بالله من ذلك . فهم سيحاولون التثبيط والتخذيل تارة فسيقولون : " لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ " وسيقولون : " لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا " وسيقولون : " لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ " وغير ذلك من العبارات التى في ظاهرها الرحمة وفي باطنها الهلاك والعذاب ، فإن لم تفلح كل هذه الحيل سيحاولون بث الأمل لكي تزهق الأنفس شوقاً وانتظاراً فهم سحرة فرعون الذين يُجيدون كل الفنون فلا تركن إليهم . قال تعالى : " وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ {113}"(هود 113)
8- البيت المسلم ربما يكون لبنة ضعيفة في البناء والكل يقر بذلك ولقد كنا نتعلل من قبل بالانشغال وكثرة الأعمال ونجد مُبرراً للتقصير في حقهم ، فما عذرنا الآن ؟ قال تعالى : " وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً {74} ( الفرقان 74 ) . احرص على هذا الدعاء والعمل بمقتضاه ، اجلس معهم ، صحح أخطائهم بكل لين ورحمة وعطف وشفقة ، اغرس فيهم قيم المرحلة ، وصحح لديهم الشبهات التي يحرص المجتمع على غرسها فيهم ليفقدوا الثقة في الطريق وليرتابوا من سالكيه . ألا تعلم أنهم مُستهدفون أكثر من غيرهم ؟ فليتربوا على وصايا لقمان : " وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ ... " ( الآيات 13 : 19 ) وليتربوا على صفات المؤمنين : " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ .... ) ( الآيات 1: 11 ) وليتربوا على وصايا سورة الأنعام : " قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ .... ( الآيات 151 : 153 ) وغير ذلك من القيم والأخلاقيات فأنت طبيبهم وأنت أدرى بهم وباحتياجاتهم .
9- كن على يقين بأن الله يغار على هذه الدماء التي تُراق والأنفس التي تُزهق وهذه الحرمات والأعراض التي تنتهك أكثر من غيرتنا نحن ولكن الله يمهل حتى يستنفذ الظالم كل ما لديه من خير وكل ما لديه من ظلم ويستنفذ أهل الحق كل ما لديهم من جهد وكل ما لديهم من بذل وصبر وثبات . فالأول مأزور والآخر مأجور . عندها وليس قبلها بلحظة ينزل الله نصره فيكون نصراً عزيزاً مؤزراً نعض عليه بالنواجذ ونبذل الغالي والنفيس لنصونه ونحافظ عليه . قال تعالى : " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6} ( القصص 4 : 6 ) وقال تعالى : " وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ {39} فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ {40} " ( القصص 39 : 40 ) .
10- لقد نجحنا بفضل الله تعالى وتوفيقه في الفترة السابقة أن نفضح الظالمين ونُعري سوأتهم أمام العالم كله فلتكن القاسمة والضربة القاضية فيما يسمونه انتخابات برلمانية . ما عليك إلا أن تقنع الناس بأن كل دائرة بها نائب شرعي منتخب انتخاباً شرعياً ، قانونياً ، دستورياً ، صحيحاً وأن ما يحدث ما هو إلا اغتصاب لما هو شرعي وقانوني ودستوري بل هو شهادة زور تحل حراماً وتحرم حلالاً . لقد أوصاناً النبي صلى الله عليه وسلم محذراً عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" : لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه " فما بالنا إذا كانت معقود عليها . فمجرد المشاركة أو التأييد ولو من باب المجاملة جُرم لا يغتفر وذنب لا ينسى .
- الثبات الثبات ، الأمل الأمل ، البذل البذل ، فورب السماوات والأرض نحن نتقلب ونغوص في رحمة الله تعالى ولن ندرك ذلك إلا بعد أن تنقضي هذه الغمة وتنقشع هذه الغشاوة : " .... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {5} وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {6} " ( الروم 4 : 6 ) .
ثبتكم الله وسدد للخير خطاكم إنه ولي ذلك والقادر عليه