بقلم : السعيد الخميسي .
إنه ضحك ... ولكنه ضحك كالبكا...!
* كم فى مصر من المضحكات المبكيات , ولكنه ضحك كالبكا . من حقك أن تضحك وقت ماتشاء , وتبكى وقت ماتشاء , ولايجب أن يعاتبك أو يلومك أو ينهرك أحد لماذا ضحكت ولماذا بكيت . لأن المشاعر الذاتية ملك لصاحبها , مثل النهر المتدفق أو إن شئت فقل كسيل بليل لايدرى أحد من أين يأتيه . غير أنني اليوم وفى تلك الحقبة من الزمن من عمر الوطن أشعر بازدواجية فى مشاعري تجاه كل مايحدث فى وطني . أنفرد بنفسى أحيانا وأتأمل أحوال البشر من حولى فاضحك ولكنه ضحك كالبكا , ضحك مختلط بالدموع , فيه الألم والأنين , فيه الأسى والحزن , فيه الغربة والاغتراب , فيه تساوى الذهب بالتراب , لأن كل شئ فقد قيمته وثمنه وقدره .
* تدور من حولك مسرحيات هزلية شهدناها على مسرح الوطن منذ مايقرب من سبعين عاما . تغير الممثلون , وتجددت الألحان , وتغيرت خشبة المسرح , وتغير المشاهدون , لكن المهم والأهم أن المؤلف الذى كتب نص المسرحية مازال حيا , أبقى على الموضوع , وأبقى على الحبكة القصصية , وأبقى على النهاية والبداية . لكن من باب القضاء على الملل والرتابة جاء بممثلين جدد يجيدون استخدام لغة جديدة . لكن المظهر لايغنى عن الجوهر أبدا . وتدور الأيام , ويتغير الزمان . لكن الحقيقة الوحيدة الباقية والمؤكدة أن كل شئ فى وطني كما هو أو إن شئت فقل إلى الخلف ....! وذق يا شعب وتجرع حتى الثمالة . ولا أراكم الله مكروها فى عزيز لديكم , ولا عزاء للشرفاء .
* مشهد مايسمى بالانتخابات فى المرحلة الأولى مؤسف ويدل على عزوف الجمهور عن الانتخابات بل وعن السياسة برمتها . هناك حالة فقدان ثقة فى شكل وجوهر العملية . الناس تشعر أن برلمان " عز " فى الطريق بل وأسوأ منه . رجال الأعمال وملياراتهم سوف تسود بل وتتصدر المشهد , ونفس الوجوه التى حكمت مصر طيلة ثلاثين سنة تطل علينا برؤوسها من جديد . أين مكتسبات ثورة يناير ..؟ أين العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية ..؟ أين شباب ثورة يناير من هذه الانتخابات إن صح أن نطلق عليها انتخابات ..؟ بشهادة إعلاميين محسوبين على النظام الحالي , اعترفوا بألسنتهم أن الاقبال ضعيف وهناك حالة عزوف كاملة حتى أن احدهم قال " شكلنا مؤسف أمام العالم " إنها الحقيقة التي لايمكن أن يتجاهلها احد فى مصر .
* نزلت الفتاوى التي تقرر أن تارك الانتخابات كتارك الصلاة , وهذا تشبيه ليس فى محله . الصلاة هى الركن الثاني من أركان الإسلام . هى فريضة وتاركها عمدا بإجماع العلماء كافر . فهل تارك الانتخابات كافر أيضا..؟ هل نعود مرة أخرى إلى إقحام الانتخابات فى الدين وأنتم بأنفسكم قد حرمتموها من قبل...؟ أين الصدق والشفافية..؟ أين الانتخابات الحقيقة ..؟ بل أين جمهور الانتخابات...؟ هل نكرر ثلاثين سنة أخرى فى تزوير إرادة الشعب..؟ وهل هذا فى مصلحة الوطن..؟ وهل ظروف مصر تتحمل العبث مرة أخرى..؟ لن نتقدم قيد أنملة وحالنا هكذا . لابد من مصارحة الشعب بالحقيقة . وأطالب اللجنة المشرفة على الانتخابات بإعلان الأرقام الحقيقية التي أدلت بصوتها حتى يعلم كل الناس الحقيقة كاملة. مصر تستحق منا أفضل من هذا بكثير .