كتب السعيد الخميسي :
 
تسوماني الإرهاب يعصف بعالمنا العربي ...!.
 
 * أرى هذه المقدمة مناسبة . " نحن متهمون بالإرهاب إن كتبنا عن بقايا وطن مخلع .. مفكك مهترئ  أشلاؤه تناثرت أشلاء .  عن وطن يبحث عن عنوانه وأمة ليس لهاء سماء . إذا تلونا سورة الفتح وأصغينا إلى خطبة الجمعة فنحن ضالعون فى الإرهاب . متهمون نحن بالإرهاب إن نحن دافعنا عن الأرض وعن كرامة التراب , إذا تمردنا على اغتصاب الشعب واغتصابنا . نبحث عن وطن رجاله بالوا على أنفسهم خوفا ولم يبق سوء النساء . أبحث عن رجال آخر الزمان فلا أرى فى الليل إلا قططا مذعورة تخشى على أرواحها من سلطة الفئران . متهمون نحن بالإرهاب إذا رفضنا أن نفاوض الذئب أونمد أكفنا لعاهرة . متهمون نحن بالإرهاب إذا امتهنا مهنة الثقافة إذا تمردنا على أوامر الخليفة العظيم والخلافة . وإذا قرانا كتبا فى الفقه والسياسة . متهمون نحن بالإرهاب إن دافعنا عن وطن لم يبق فى آفاقه حرية حمراء أو زرقاء أو صفراء . كان الشارع القومي يصهل كالحصان فهل تحولنا إلى شعب من العميان والخرسان ..؟ " نذار قبانى : بتصرف " .
 
* لقد حدد نذار قباني مفهوم الإرهاب الحقيقي فى كل ماسبق ذكره . فبلادنا وأوطاننا العربية تموج بموج كالجبال من الإرهاب الأسود الذي يضرب شواطئ الأمن والأمان فى دولنا ويكاد أن يمزقها إربا إربا . هذا الإرهاب الأسود ليس وليد اللحظة ولكنه تم تخليقه فى رحم أعدائنا وتم تغذيته ومتابعته حتى ينمو ويكبر ويخرج إلى الحياة لينهش باظافرة الحادة لحومنا ويمص بشفتيه العريضتين دماءنا ولن يشبع أو يرتوي يوما ما لأن جوفه أعمق من المحيط وأطول من نهر النيل وأعلي من الجبال الراسيات . أخطر موجة من موجات هذا الإرهاب الأسود من سواد الليل هو مصادرة حق الشعوب العربية فى ميراثها الطبيعي من الحرية والديمقراطية ومن ثم حرمانها من التمتع بحرية الرأي حتى كفرت شرائح غير قليلة فى المجتمع بجدوى صندوق الانتخابات ورأت أنه لاطائل من ورائه طالما أنك لاتملك القوة لحماية اختيار الشعب فى من يمثله لافى فى من يمثل عليه..! .
 
* هناك موجة إرهابية عاتية  أخرى تضرب استقرار بلادنا , ألا وهى إلغاء وشطب صناديق الانتخابات واستبدالها بصناديق الذخيرة , ليكون البقاء والحكم للأقوى وليس للأصلح . ومن يملك آليات القوة على أرض الواقع هو الذي سيحكم بعز عزيز أو بذل ذليل . وإن صناديق الانتخابات ليست لها قيمة ولافائدة ويمكن قذفها فى عرض البحر غير مأسوف عليها . وهذا المنهج بلاشك أخطر مافيه هو فقدان الثقة لدى الشباب بجدوى المسار الديمقراطي والوقوع تحت ضغط اليأس والإحباط ومن ثم يتحول الشباب إلى فريسة سهلة لأى أفكار سلبية تجاه المجتمع . إنه فن خلق أعداء داخل رحم الوطن لأن خنق المسار الديمقراطي بحبل الديكتاتورية حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة ليست لمصلحة الدولة ولا الشعب ولاحتى نظام الحكم نفسه .
 
* وحدث ولاحرج عن موجة إرهابية أخرى تضرب استقرار المجتمع وسلامته , ألا وهى استئثار شريحة قليلة جدا من المجتمع بخيرات هذا الوطن وثرواته , تنعم به وتتمرغ فى نعيمه ليل نهار  , تسكن القصور وتمتلك المليارات والسيارات والعقارات والدولارات , بل إن منهم من يملك مدن سياحية كاملة نهبها بسعر التراب ويبيعها اليوم بسعر الذهب . وعلى النقيض من ذلك فان معظم شرائح الشعب المصري والاغلبية الساحقة منه تئن تحت عجلات الفقر ولاتجد قوت يومها , ويسكنو ن القبور  , أما عن طعامهم وشرابهم فحدث ولاحرج عن مقالب الزبالة وبقايا طعام الأسياد , هذا فضلا عن انتشار الأمراض والأوبئة والفقر والأمية بين تلك الشرائح لأنهم أولاد البطة السوداء الذين لايزنون عند كبار القوم جناح بعوضة.
 
* أما ثالثة الأثافى فحدث ولاحرج عن تلك الموجة التسومانية الإرهابية التي تعصف بالأمن والأمان فى بلادنا , ألا وهى أنه لامكان للمتفوقين النابغين من أبناء الطبقة المتوسطة فى مناصب الدولة سواء فى كلية الشرطة أو القضاء والنيابة والجامعة . لان تلك المراكز محجوزة مسبقا لأولى الأمر والنهى لأبناء وأحفاد أولاد البطة البيضاء , حتى ولو كانوا فاشلين لايجيدون القراءة والكتابة . وهذا قمة التمييز العنصري الطائفي الذي انتهى فى القارة السوداء ولكنه مازال يهز أذياله كالوحش فى أرض الكنانة مصر . وهذا قمة الإرهاب العنصري الذي يقوض أركان المجتمع ويهدم أركانه ويسقط  قواعده .
 
* أما أخطر موجات الإرهاب التى تضرب عرض البلاد وطولها فهى فساد منصة القضاء وخضوعها للسلطة التنفيذية ولسطوة القرار السياسي . لأن القضاء العادل هو الملاذ الأخير والملجأ الآمن والركن الركين لحماية العدالة فى أي وطن , فإذا فقد المواطن الثقة فى الجهاز القضائي , اهتزت أركان الدولة وسقطت فى بئر الفتنة العميق لان كل مواطن مظلوم سيفكر ألف مرة بعدم اللجوء للقضاء ومحاوله الثار لحقه بنفسه , وهنا يتحول المجتمع إلى غابة استوائية تحيطها الأفاعي السامة والذئاب الضارية من كل جانب . القضاء هم ملح البلد ومن يصلح الملح إذا الملح فسد...؟ يوم أن ينتظر القاضي التعليمات والتوصيات والامتلاءات , هو يوم سقوط الوطن فى بحر الظلم ولن يستطيع اأحد انتشاله أبدا لان الظلم ظلمات فى الدنيا والآخرة , ومابنى قوم ملكهم على ظلم وبغى عدوان يوما ما .
 
* الإرهاب الحقيقي فى عالمنا العربي المنكوب والمصاب فى سويداء القلب  , هو إرهاب مؤسسات وأنظمة ودولة عتيقة , ولو استقامت أوطاننا على الطريقة لأسقاها الله ماء غدقا , ولأكلوا من تحت أرجلهم ولفتح الله عليهم بركات من السماء والأرض , انظروا ماذا فعل الطغاة بشعوبهم من أمثال القذافى وبشار وصالح وزين العابدين ومبارك ..؟ إن بشار المجرم يقتل الشعب السوري المسلم ببراميله المتفجرة التي تسقط الحمم فوق رؤوسهم فتحولهم إلى ذكرى للذاكرين . والعالم الغربي يتفرج ويستمتع وهو يرى صورة الكلاب وهى تأكل لحوم الموتى التي تعفنت فى قارعة الطريق . هل هناك إرهاب فى التاريخ أسود من هذا ..؟ هذا مثال واحد على إرهاب أنظمه الحكم الفاشية فى قتل واستعباد واستحمار الشعوب العربية .
 
* إن محاربة الإرهاب فى عالمنا العربي حق يراد به باطل ولو صدقوا الله لصدقهم  . أين هم من محاربة الأمية والتخلف والجهل فى عالمنا العربي..؟ أين هم من محاربة الفقر والمرض والبطالة  والعنوسة ..؟ أين هم من محاربة التبعية والخضوع لإرادة الدول الكبرى ..؟ أين هم من محاربة نهب الأموال وتهريبها إلى بنوك أوربا ..؟ أين هم من محاربة توريث الوظائف العليا لأحفاد الأكابر ..؟ أين هم من محاربة الرشوة والمحسوبية فى كل مؤسسات الدولة ..؟ أين هم من محاربة ظاهرة التحرش الجنسي وأبناء الشوارع وزواج المثلين ..؟ أين هم من محاربة الإلحاد والتشيع ومحاربة دين الله فى الأرض .. أين هم من نشر الوعي والثقافة بين المواطنين لإقامة مجتمع مستقر آمن ..؟ لايوجد أي مجهود يبذل فى كل ماسبق ذكره لأنهم يريدون مجتمعا جاهلا فقيرا مريضا غبيا يبحث عن الكلأ والمرعى كالأنعام حتى يسهل اقتياده من خطامه إلى حيث يريدون وهذا هو قمة الإرهاب الأسود.