خميس النقيب

إن غاب القط إلعب يا فار   !!  ماذا بعد الحق إلا الضلال   !! لا يستقيم الظل والعود أعوج   !!  حكم وأمثلة قد تبدوا عند البعض بسيطة  لكنها في واقعنا المقلوب  ذات معني كبير  ..!! كيف؟ 
أوجب الله العدل وجوبا مطلقا وأمر بتحقيقه في الأقوال والأفعال والتصرفات والحكم  تحقيقا موثقا،  كما  تكررت كلمة العدل ومشتقاته ثمان وعشرين مرة في القران الكريم  ابرزها ...
" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بصيراً "  النساء  .
قال أحد الحكماء : " إن العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق ونصبه للحق فلا تخالفه في ميزانه  ولا تعارضه في سلطانه واستعن علي العدل بخلتين: قلة الطمع وكثرة الورع ... لكن  في الحال المقلوب  تجد قلة الورنع وكثرة الطمع ..!! ومن ثم تجد العدالة مفقودة والعمالة مسنودة   ...  !! واول فقد للعدالة - للاسف - في ميادين العدالة  ( المحاكم )  !! واول من يساند العمالة -للاسف - معظمهم من اولي الامر  المتصدرين وبعض العمائم  الذين هم في العلن واعظين وفي الخفاء عملاء للمخربين المستبدين  ..!!
نصعت العدالة وتالقت في عهد الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز  الذي تحلي بالورع  لما تلقى خبر توليته، انصدع قلبه من البكاء، وهو في الصف الأول، فأقامه العلماء على المنبر وهو يرتجف، ويرتعد، وأوقفوه أمام الناس، فأتى ليتحدث فما استطاع أن يتكلم من البكاء، قال لهم: بيعتكم بأعناقكم، لا أريد خلافتكم، فبكى الناس وقالوا: لا نريد إلا أنت، فاندفع يتحدث، فذكر الموت، وذكر لقاء الله، وذكر مصارع الغابرين، حتى بكى من بالمسجد. يقول "رجاء بن حيوة " : والله لقد كنت أنظر إلى جدران مسجد بني أمية ونحن نبكي، هل تبكي معنا ! ثم نزل، فقربوا له المَراكب والموكب كما كان يفعل بسلفه، قال: لا، إنما أنا رجل من المسلمين، غير أني أكثر المسلمين حِملاً وعبئاً ومسئولية أمام الله، قربوا لي بغلتي فحسب، فركب بغلته، وانطلق إلى البيت، فنزل من قصره، وتصدق بأثاثه ومتاعه على فقراء المسلمين.
  لم يكتف عمر بن عبد العزيز بهذا الموقف بل نزل في غرفة في دمشق  - المكلومة الان -  أمام الناس؛ ليكون قريبًا من المساكين والفقراء والأرامل، ثم استدعى زوجته فاطمة، بنت الخلفاء، أخت الخلفاء ، زوجة الخليفة، فقال لها: يا فاطمة، إني قد وليت أمر أمة محمد عليه الصلاة والسلام - وتعلمون أن الخارطة التي كان يحكمها عمر، تمتد من السند شرقًا إلى الرباط غربًا، ومن تركستان شمالاً، إلى جنوب أفريقيا جنوبًا - قال: فإن كنت تريدين الله والدار الآخرة، فسلّمي حُليّك وذهبك إلى بيت المال، وإن كنت تريدين الدنيا، فتعالي أمتعك متاعاً حسنًا، واذهبي إلى بيت أبيك، قالت: لا والله، الحياة حياتُك، والموت موتُك، وسلّمت متاعها وحليّها وذهبها، فرفَعَه إلى ميزانية المسلمين. تلك هى العدالة الناجزة بل الفريضة الغائبة اليوم فى وطننا . فما جاع جائع إلا بسرقة سارق وظلم ظالم وجور جائر .

فأما في زمن العمالة   تتغير الالوان وتتبدل الاوزان وتتمدد الاحزان وتتلوث الاكوان، لفقدان العدالة وكثرة المظالم   حتي تأخذ الأشياء الحقيقة بألوان مختلفة وغير لون الحقيقة الساطع فتنتهي فيه القيم وتضيع عنده المبادئ  ويصبح النظام  عبارة عن فبركات يخدمها  تجار العمالة ومصدري السفالة وأصحاب النذالة الذين يريدون تقنين الدعارة وترويج المخدرات وبسط العري   ، والذين يسبون العلماء ويلمزون الصحابة الاجلاء ويعبثون في وحي السماء ...!!
 
 زمن النذالة مقدمة لزمن الضلالة وهناك عدة أنواع وأوجه تخدم هذا الزمن الملعون الذي يسمى زمن العمالة أصبحت فيه  العمالة وجهة نظر   وأمست في الخيانة زاد لمن حضر  والنفاق غطاء لكل خبر ..!!
إن الخونة لا ينتجون إلا خونه  والعملاء لا يلدون الا عملاء ..!! يحدث كل ذلك في غياب العدالة وانتشار النذالة  ..!!
في غياب العدالة  ومساندة  العمالة كثرت الجهالة ..!!  الشذوذ الأخلاقي تسيد والنفوق السلوكي تحدد والجنوح القيمي تهدد والسقوط المهني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي و..و.. تمدد وتعدد ..!!  فان ماهو اشد من الأمراض والعلل ألجسديه هو ماحاق في أخلاق الأمم والأفراد... وخصوصا صناع الغدر وتجار الخيانة  والاذلاء العملاء أصحاب العمالة المدفوعة الاجر والجالبة للغدر والشر ..!!  فلا  يوجد اشد وانكآ من صفة الخيانة والعمالة .. فإذا كانت الأمراض تدمر الأجساد د  فالخيانة تخرب الأوطان و تدمر الإنسان وتضيع الايمان ولا حول ولا قوة الا بالله
في غياب العدالة  لا تجد الا خائنا أو عميلا باع دينه وضميره وعروبته .. لمن يدفع أكثر .. حقائق تثبتها الدلائل والبراهين والوقائع في تلك المرحلة الفارقة في حياة العرب والمسلمين  ،  أن جينات الخيانة والعماله تورث كما تورث الصفات البشرية للإنسان  ..!!
ومن يشك في حقيقة وصدق هذه النظرية ..فليقرأ  في تاريخ  فلسطين الحبيبة  ويقارن بين الشرفاء الذين قضوا ثابتين غير مبدلين امثال السلطان عبد الحميد والشيخ احمد يسن وغيرهم،  والعملاء الذين ترعرعوا علي اعتاب الصهاينة وتمددوا باموال اللوبي الصهيوامريكي .
انهم عاشوا بجميع أصناف الفساد السياسي عندما أهدروا  تجربة جيل وتجربة شعب وتجربة إنطلاقة ،  فتحكم  الفساد وترعرع الاستبداد حتي أصبحت  العمالة مظلة لكل الخونة والمرتبطين إقليميا ودوليا ..!!
كثرت العمالة في غير وقتها وبعيدا عن مكانها،  وغابت العدالة في بيتها فتدلي الظلم من كل الشرفات و دخل الفساد من كل الابواب ليضرب اركان المجتمع في كل مناحي الحياة ..!! ولن ينصلح الحال الا اذا عادت العدالة وتقلصت العمالة ..!! كيف؟   أرسل أحد الولاة إلي الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز يطلب مالا ليبني سور حول المدينة التي ولاه عليها ليبسط فيها الامن ويحصنها من الخوف .!! فقال له الخليفة :  نقها من الظلم و   حصنها بالعدل..!!  اللهم حصن بلادنا بالعدل ونقي نفوسنا من الظلم ...!!  معذرة عزيزي القارئ لورود بعض الالفاظ بالمقال،  ربما كان مناسبا لسوء ما وصلنا اليه من مآل    والحال ابلغ من المقال ..!!

 [email protected]
 

المقالات المنشورة تحمل وجهة نظر أصحابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع