شهدت مدينة اللاذقية، شمال غربي سوريا، يوماً دموياً، إذ أسفرت احتجاجات عنيفة، رافقتها اعتداءات مسلحة، عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم عنصر من قوات الأمن، وإصابة نحو 60 آخرين بجروح متفاوتة، وفق بيانات رسمية سورية.

 

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مديرية صحة اللاذقية أن الاعتداءات التي نفذتها مجموعات وُصفت بأنها من “فلول النظام المخلوع” استهدفت عناصر الأمن والمدنيين على حد سواء، مؤكدة أن حصيلة الضحايا شملت قتلى وعشرات المصابين الذين جرى نقلهم إلى المشافي الحكومية لتلقي العلاج.

 

 

إصابات بالسلاح الأبيض وطلقات نارية

 

وأوضحت مديرية الصحة أن طبيعة الإصابات التي وصلت إلى المستشفيات تنوعت بين جروح ناتجة عن استخدام السلاح الأبيض، وإصابات بالحجارة، إضافة إلى طلقات نارية، ما يعكس مستوى العنف الذي رافق الاحتجاجات.

 

كما أشارت إلى خروج سيارتي إسعاف عن الخدمة بعد تعرضهما للتكسير أثناء قيام الطواقم الطبية بواجبها في إسعاف المصابين، مؤكدة في الوقت ذاته أن الكوادر الطبية تواصل العمل على مدار الساعة لتأمين حالات الطوارئ.

 

 

استهداف مباشر لقوات الأمن

 

وبحسب مصادر رسمية، فإن مسلحين أقدموا في وقت سابق من يوم الأحد على استهداف عناصر أمن أثناء قيامهم بحماية مظاهرات شهدتها مدن عدة في الساحل السوري ووسط البلاد، في تطور اعتُبر تصعيداً خطيراً يهدد الأمن العام ويقوّض مساعي الاستقرار.

 

وشملت المظاهرات محافظات اللاذقية وطرطوس غرب البلاد، إضافة إلى حماة وحمص في الوسط، حيث رُفعت شعارات تطالب بـ“الفيدرالية وحق تقرير المصير”، وذلك استجابة لدعوة أطلقها غزال غزال، رئيس “المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر”، ومقره محافظة اللاذقية.
 

 

دعوة لتحرك “سلمي” وتحذيرات من الانفجار

 

وكان غزال غزال قد دعا، في بيان مصور، إلى تنظيم تحرك شعبي سلمي واسع النطاق، وصفه بـ“الطوفان البشري السلمي”، يمتد من الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى الخامسة مساءً، مطالباً بما اعتبره “حلولاً سياسية جذرية” للأزمة السورية المستمرة.

 

وأكد غزال أن الدعوة لا تهدف إلى إشعال حرب أهلية، بل تسعى – وفق قوله – إلى “فيدرالية سياسية تضمن حقوق المكونات المختلفة”، محذراً من مخاطر الانزلاق نحو اقتتال داخلي إذا استمرت الأوضاع على حالها. وذهب أبعد من ذلك بالقول إن “ما يجري حالياً ليس صراعاً سياسياً بين أطراف متنازعة، بل عمليات قتل على أساس الهوية تهدف إلى كسر الإرادة وفرض الخضوع بالقوة”.
 

 

مخاوف من استغلال الشارع

 

في المقابل، صدر بيان عن أعيان ووجهاء مدينة القرداحة بريف اللاذقية، إضافة إلى لجان السلم الأهلي في المحافظة، دعا إلى عدم استغلال “الحالة العاطفية” للشارع، محذراً من تحويل أرواح ودماء المدنيين إلى “وقود لأجندات استخباراتية خارجية” تسعى – بحسب البيان – إلى المتاجرة بدماء أبناء الطائفة العلوية، دون تسمية أطراف بعينها.

 

حوادث متزامنة وتصعيد أمني

 

وتزامنت أحداث اللاذقية مع تطورات أمنية أخرى في البلاد، حيث أفادت “الإخبارية السورية” بأن عناصر خارجة عن القانون استهدفت بالرصاص سيارات مدنية في قرية المحروسة بريف حماة الغربي، ما دفع قوات الأمن إلى الانتشار في المنطقة لتأمين المدنيين ومنع تفاقم الوضع.

 

كما لا تزال تداعيات تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بمدينة حمص، يوم الجمعة الماضي، تلقي بظلالها الثقيلة على المشهد السوري، بعدما أسفر التفجير عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة أكثر من 18 آخرين، وسط موجة إدانات عربية وإقليمية ودولية، واستمرار التحقيقات للكشف عن الجهة المنفذة.

 

ملاحقة فلول النظام

 

وفي سياق متصل، أعلنت السلطات السورية إلقاء القبض على 12 شخصاً، بينهم ضباط من النظام السابق، على الحدود السورية اللبنانية ليلة السبت، في إطار حملة أمنية لملاحقة فلول النظام المخلوع الذين فرّ عدد كبير منهم إلى لبنان عقب سقوط الأسد. وذكرت مصادر أمنية أن الأشهر الماضية شهدت توقيف عدة مطلوبين أثناء محاولتهم الفرار خارج البلاد.

 

ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر عام 2024، تعمل الحكومة السورية الجديدة على بسط السيطرة الأمنية، وضبط الأوضاع الداخلية، ومواجهة محاولات زعزعة الاستقرار التي تقودها مجموعات مرتبطة بالنظام السابق.