على امتداد أحد عشر عامًا، ظلّت رحلة المصوّرة الصحفية علياء عواد نموذجًا صارخًا لمعاناة الصحفيات داخل السجون وما يتعرضن له من اعتقال متكرر وتدوير في القضايا، إلى جانب الإهمال الطبي الذي يهدد حياتهن.
اليوم، تقف علياء — ذات الـ39 عامًا — أمام الحكم الأثقل في مسيرتها؛ السجن المشدد 15 عامًا في القضية رقم 451 لسنة 2014 المعروفة إعلاميًا بـ "كتائب حلوان"، بعد سلسلة من الإجراءات التي بدأت منذ اعتقالها الأول عام 2014.
من كاميرا صحفية إلى زنزانة معتمة
بدأت فصول القضية حين كانت علياء تمارس عملها الصحفي في توثيق الأحداث الميدانية. اعتُقلت لأول مرة عام 2014 أثناء تغطية صحفية، قبل أن يُخلى سبيلها بتدابير احترازية استمرت لعامين كاملين، ألزمتها بالحضور المتكرر لقسم الشرطة، وقيّدت حركتها وعملها تمامًا.
وفي أكتوبر 2017، وبينما كانت تؤدي إحدى جلسات تجديد التدابير الاحترازية، فوجئت بقوات الأمن تعتقلها مجددًا داخل المحكمة نفسها، ليُعاد إدراج اسمها في القضية ذاتها، رغم قضائها سنوات في التدابير بلا إدانة.
مسار طويل من التدوير والانتظار
على مدار سنوات، ظل اسم علياء حاضرًا في قوائم الصحفيين المحتجزين على ذمة قضايا سياسية، وسط اتهامات حقوقية بأن اعتقالها مرتبط بشكل مباشر بعملها الصحفي وتصويرها لمواد إعلامية لا ترضي السلطات. ورغم غياب أي ارتباط لها بأحداث عنف، فإن تدويرها المتكرر أعاق أي مسار للخروج من الحبس، لتجد نفسها أمام حكم نهائي بالسجن المشدد.
معاناة صحية تتفاقم خلف الأسوار
لم تقف معاناة علياء عند حدود الحبس؛ فقد عانت خلال سنوات الاعتقال من سرطان في الرحم، تسبب لها في نزيف حاد استمر لفترة طويلة دون الاستجابة السريعة لحالتها.
وبحسب شهادات أسرية وحقوقية، فإن التأخّر في علاجها أدى في النهاية إلى قرار طبي باستئصال الرحم، ما أفقدها فرصة الأمومة في عمر مبكر، وجعلها تخوض المرحلة الأصعب صحيًا ونفسيًا.
ورغم ذلك، تقول مصادر من أسرتها إن إدارة السجن ترفض الإفراج الصحي عنها، وتمنع خضوعها لعلاج متخصص خارج المستشفى الميداني داخل السجن، في ظل ضعف الإمكانات الطبية المتاحة هناك وعدم كفايتها للتعامل مع حالتها الحرجة.
رفض الإفراج الصحي يفاقم القلق
منظمات حقوقية عدة طالبت بالإفراج الصحي عن علياء، مؤكدة أن استمرار احتجاز مريضة بالسرطان يتعارض مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، ويشكّل تهديدًا مباشرًا لحياتها. وتؤكد هذه المنظمات أن وضع علياء يحتاج إلى متابعة طبية مستمرة، وفحوص دورية، ورعاية لا يمكن توفيرها داخل السجن.
نداءات لا تتوقف
تتوالى النداءات من أسرتها وزملائها في الوسط الصحفي للإفراج عنها، أو على الأقل نقلها إلى مستشفى متخصص يمكنه التعامل مع حالتها. ويعتبر المدافعون عن حرية الصحافة أن استمرار احتجاز صحفية مريضة بالسرطان، بعد أحد عشر عامًا من الاعتقال والتدوير، يعكس أزمة أوسع تتعلق بواقع الصحافة وتضييق المجال العام.

