على مدار عامين كاملين، تستمر مأساة الطفل مروان أشرف، البالغ من العمر 15 عامًا، داخل حجز قسم شرطة مدينة نصر (أول)، في واحدة من أكثر الوقائع صدمة وإثارة للجدل حول طريقة التعامل مع القُصّر في قضايا الرأي والتضامن الإنساني.
مروان، الذي لم يتجاوز الصف الثالث الإعدادي، وجد نفسه خلف القضبان على خلفية موقف إنساني، إذ عبّر عن دعمه لأطفال غزة ورفضه لحرب الإبادة المستمرة ضدهم.
اقتحام المنزل… بداية الكابوس
في مساء السادس من مايو 2024، تحولت حياة أسرة مروان رأسًا على عقب. قوة من الأمن الوطني، بملابس مدنية، اقتحمت منزل الأسرة في مدينة نصر دون سابق إنذار.
جرى تفتيش البيت بالكامل، وصادر الضباط أجهزة الكمبيوتر والهواتف، ثم عُزل مروان داخل غرفته، حيث تعرّض لاستجواب مطوّل وسط ذهول أسرته وجيرانهم.
كان الطفل وقتها في الرابعة عشرة فقط، يستعد لامتحانات نهاية العام.
بعد ساعات من التفتيش والاستجواب، اقتيد إلى جهة مجهولة، لتبدأ مرحلة من الاختفاء القسري استمرت أكثر من أسبوع، أنكرت خلالها الأقسام وجوده رغم بحث أسرته المستمر.
أسبوع من الاختفاء… وضغوط لا يحتملها طفل
وفقًا لما وثّقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، قضى مروان أيام اختفائه في أحد مقرات الأمن الوطني بالقاهرة، معصوب العينين، معزولًا عن أسرته ومحاميه، خاضعًا لضغوط نفسية وعصبية شديدة.
لم يحصل على أي رعاية، ولم يُسمح لأسرته بمعرفة مصيره، في انتهاك واضح للقانون والدستور وحقوق الطفل.
ظهور أمام النيابة… وبداية الحبس الاحتياطي
في 15 مايو 2024، ظهر مروان أخيرًا أمام نيابة أمن الدولة العليا. كان شاحب الوجه، مرهقًا نفسيًا، ومتأثرًا بصدمات الأيام السابقة.
وُجهت إليه اتهامات ثقيلة، من بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية، على خلفية مشاركته في مجموعة إلكترونية تضم أطفالًا يناقشون ما يتعرض له أقرانهم في غزة ويحاولون التفكير في سبل دعمهم.
قررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، ليبدأ مشوار الحبس الاحتياطي داخل قسم شرطة مدينة نصر أول، في ظروف احتجاز وصفها التقرير بأنها “لا يتحملها رجال بالغون”.
عام ونصف من الألم… طفل يتلاشى نفسيًا
خلال 18 شهرًا من الاحتجاز، تغيّرت حياة مروان كليًا.
تقول الشبكة المصرية إنه عانى من أمراض جسدية متعددة، واضطرابات نفسية واضحة، نتيجة احتجازه في بيئة قاسية وصادمة داخل ما يُعرف بـ"التقفِّيصة" داخل الحجز.
لم يذهب إلى مدرسته، ولم يكمل دراسته، وفقد عامًا كاملًا من عمره الدراسي والإنساني.
ورغم حداثة سنه، ظلّ محتجزًا احتياطيًا للعام الثاني على التوالي، محرومًا من أدوات الدفاع عن نفسه، لا يدرك حجم الاتهامات ولا خلفياتها، ولا يعرف لماذا بات مكانه خلف القضبان بدلًا من مقعد الدراسة.
مروان… ليس استثناءً
تكشف الشبكة المصرية أن مروان ليس الحالة الوحيدة؛ فهناك أطفال آخرون محتجزون في قضايا متعلقة بدعم غزة، بعضهم تعرّض لضغوط بدنية ونفسية شديدة.
رغم أن القانون المصري واتفاقيات حماية الطفل تحظر احتجاز القُصَّر في أماكن غير مخصصة لهم، أو معاملتهم كالبالغين، ما زال عدد من الأطفال قيد الحبس الاحتياطي في ظروف مماثلة.
دعوات للإفراج والتدخل العاجل
أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تضامنها الكامل مع الطفل مروان أشرف، مطالبة النائب العام المصري بالتدخل الفوري لإنهاء معاناته، والإفراج عنه، وتمكينه من العودة إلى دراسته وحياته الطبيعية.
كما شددت على أن التضامن مع غزة ورفض المجازر هو موقف إنساني وأخلاقي، يجب أن تُشجع الدولة عليه بدلًا من معاقبة الأطفال والمواطنين بسببه.
وحملت الشبكة الجهات الأمنية المسؤولية الكاملة عن سلامة هؤلاء الأطفال، مدينةً استمرار احتجازهم وتعريضهم للصدمات والانتهاكات النفسية، ومطالبة بفتح تحقيقات جدية في وقائع الإخفاء القسري والاحتجاز غير الإنساني.
https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/874848348229559?ref=embed_post

