تستمر معاناة المصوّر الصحفي المستقل خالد سحلوب للعام الثاني عشر على التوالي، بين الاحتجاز التعسفي والمحاكمات المتتالية، في واحدة من أطول القضايا التي تعرّض لها صحفي خلال العقد الأخير، بدأت بتهمة حمل كاميرا وانتهت بحكم بالمؤبد بعد محاكمة جماعية أثارت انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان.
اعتقال يبدأ من الشارع… وبحجة “كاميرا”
في 2 يناير 2014، وبينما كان خالد يستقل سيارة أجرة في حي المقطم بالقاهرة، أوقف أفراد من الشرطة السيارة وفتشوا الركاب، قبل أن يعتقلوه مع اثنين آخرين فقط لأن بحوزته كاميرا. كان حينها طالبًا بكلية الإعلام، ومصورًا حرًا تعاون مع عدة وسائل إعلام من بينها قناة الجزيرة وشبكة رصد.
شهر في الظلام… وتعذيب متعدد الأشكال
اقتيد سحلوب إلى مقر أمن الدولة بالسيدة زينب، حيث ظل محتجزًا بمعزل عن العالم الخارجي طوال شهر كامل، بلا أي اتصال بأسرته أو محاميه. خلال هذا الشهر، تعرّض لتعذيب قاسٍ، شمل التعليق من اليدين لساعات طويلة، والضرب المبرح، ونتف شعر لحيته، وحرق أجزاء من جسده بالسجائر. أسفرت هذه المعاملة عن إصابات خطيرة، بينها خلع في الكتف وكسور في الترقوة.
“خلية الماريوت”… محاكمة تبدأ بالإكراه
في يناير 2014، عُرض خالد لأول مرة على نيابة أمن الدولة، ليُعلن ربطه بقضية صحفيي الجزيرة الإنجليزية المعروفة إعلاميًا بقضية “خلية الماريوت”. تحت الإكراه، أُجبر على توقيع اعترافات لم يطّلع عليها، تتضمن “نشر أخبار كاذبة”، و“إثارة الرأي العام”، و“الترويج لمعلومات تضر بالأمن القومي”.
في يونيو 2014، حكمت محكمة جنايات الجيزة عليه بالسجن سبع سنوات، قبل أن تخفف العقوبة إلى ثلاث سنوات في 2015.
قضية جديدة في منتصف الطريق… ودوامة لا تنتهي
لم يكد خالد يبدأ تنفيذ الحكم الأول حتى وجد نفسه متورطًا في قضية جديدة عام 2015، هي قضية “كتائب حلوان” التي تضم 215 متهمًا، اعتمدت النيابة فيها على شهادات ضباط الأمن الوطني. عشرات المتهمين في القضية أكدوا تعرضهم للاختفاء القسري والتعذيب، ما أثار شكوكًا واسعة حول نزاهة الإجراءات القانونية.
ورغم انتهاء عقوبته المخففة في 2017، لم يُفرج عنه، بحجة استمرار التحقيق معه في القضية الجديدة.
محاكمات متعاقبة… وقاضٍ مثير للجدل
تنقلت قضية “كتائب حلوان” بين عدة دوائر قضائية، قبل أن تنظرها في 2022 الدائرة الأولى بمحكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي محمد شيرين فهمي، المعروف بقراراته الصارمة وتمديده للحبس الاحتياطي دون إبداء مبررات قانونية كافية، وفق منظمات حقوقية.
وفي 19 يونيو 2022 كان من المتوقع النطق بالحكم، وسط مطالبات حقوقية بإطلاق سراحه ووقف محاكمته.
المؤبد… نهاية 8 سنوات من التقاضي
في 28 يونيو 2022، صدر الحكم: السجن المؤبد المخفف إلى 15 عامًا على خالد سحلوب، في محاكمة جماعية شملت 161 متهمًا، بينهم أحكام بالإعدام والسجن المؤبد والبراءة.
نداء دولي… وإجراءات حقوقية
قبل صدور الحكم بأسابيع، أحالت منظمة “منّا لحقوق الإنسان” ملف سحلوب إلى الفريق الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي، مطالبة بالتدخل والتحقيق في طبيعة احتجازه، والانتهاكات التي تعرض لها، بما في ذلك التعذيب والحرمان من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة.
12 عامًا من الضياع
يقضي خالد اليوم عامه الثاني عشر خلف القضبان داخل سجن شديد الحراسة، بعد سلسلة من الانتهاكات بدأت باعتقال بلا سبب قانوني، مرورًا بفترات تعذيب، وانتهاءً بمحاكمات متعاقبة لم يُتح له فيها ممارسة حقوقه القانونية كاملة، بحسب أسرته ومحاميه ومنظمات حقوقية دولية.
قضية خالد لم تعد مجرد ملف قضائي، بل أصبحت رمزًا لمعاناة الصحفيين المستقلين، الذين دفع بعضهم ثمنًا باهظًا لمجرد أنهم حملوا كاميرا، أو اختاروا أن يعملوا خارج المنظومة الرسمية للإعلام.
https://www.facebook.com/humanrightsegypt1/posts/1202015815362682?ref=embed_post

