فيما تواصل آلة الحرب الإسرائيلية ارتكاب مجازرها في قطاع غزة، متذرعة بأن اتفاق وقف إطلاق النار لم يدخل حيز التنفيذ بعد، انفجر غضب شعبي عارم هزّ عواصم العالم من أقصاه إلى أقصاه خلال الساعات الـ24 الماضية. خرج الملايين في مسيرات حاشدة عبر أوروبا والأمريكتين وآسيا، في مشهد تاريخي يعكس عزلة الحكومات الغربية الداعمة للعدوان، ويؤكد أن ضمير الإنسانية لا يزال حياً، وأن الشعوب ترفض أن تكون شاهدة صامتة على الإبادة الجماعية.

 

أوروبا: قلب الانتفاضة الشعبية

تحولت القارة الأوروبية إلى بؤرة للاحتجاجات، حيث شهدت مدنها أكبر تظاهرات في تاريخها تضامناً مع فلسطين. في إسبانيا، خرج ما يقارب مليوني شخص إلى الشوارع، حيث احتشد أكثر من 400 ألف في مدريد و300 ألف في برشلونة، رافعين شعارات تطالب بـ"وقف الإبادة" وقطع الدعم العسكري لإسرائيل.

 

 

وفي إيطاليا، شهدت روما وحدها تجمع أكثر من 20 ألف متظاهر أمام محطة القطارات المركزية في تحدٍ مباشر لحكومة ميلوني، الحليف الوثيق لإسرائيل. ولم تكن ألمانيا وبلجيكا وهولندا ببعيدة عن المشهد، حيث شهدت مدن كبرى مثل برلين وبروكسل وأمستردام تجمعات حاشدة دعت إلى وقف فوري لتصدير الأسلحة ومحاسبة الشركات المتورطة في دعم الاحتلال. هذه التحركات لم تعد مجرد رد فعل، بل أصبحت تعبيراً عن تحول عميق في الرأي العام الأوروبي الذي بات يرى في سياسات حكوماته تواطؤاً في جريمة تاريخية.

 

الأمريكتان: صوت واحد من الشمال إلى الجنوب

في عقر دار الحليف الأكبر لإسرائيل، شهدت الولايات المتحدة مظاهرات ضخمة، حيث خرج آلاف المتظاهرين في واشنطن ونيويورك وشيكاغو، متحدين الدعم الرسمي غير المحدود لآلة الحرب الإسرائيلية. هذه المسيرات، التي شاركت فيها جاليات عربية ومجموعات يهودية مناهضة للصهيونية وناشطون أمريكيون، أكدت أن هناك شرخاً متزايداً بين موقف الشارع وموقف البيت الأبيض.

وامتد الزخم بقوة إلى أمريكا اللاتينية، حيث شهدت عواصم مثل مكسيكو سيتي وبوغوتا وسانتياغو مسيرات شارك فيها مئات الآلاف. في المكسيك وكولومبيا وتشيلي، لم تكن الهتافات مجرد دعوات لوقف الحرب، بل كانت صرخة ضد الإمبريالية والدعم الأمريكي الذي يغذي العدوان، معتبرين أن ما يحدث في غزة هو استمرار لتاريخ طويل من الاستعمار والقمع الذي عانت منه شعوبهم.

 

آسيا وبقية العالم: تضامن لا يعرف حدوداً

لم تقتصر موجة الغضب على العالم الغربي، بل امتدت لتشمل قارات أخرى. ففي آسيا، خرجت مظاهرات في عدة مدن هندية تنديداً بالمجازر الإسرائيلية ودعماً للشعب الفلسطيني. وفي العالم العربي، استمرت التحركات الشعبية في التعبير عن تضامنها، كما شوهد في بيروت.

إن هذه الانتفاضة العالمية، التي تزامنت مع الذكرى الثانية لبدء حرب الإبادة على غزة، تبعث برسالة واضحة: الشعوب لم تعد تقبل بالصمت الرسمي أو التواطؤ الحكومي. إنه ضغط شعبي هائل يتجاوز الدبلوماسية الفاشلة والاتفاقيات التي لا تُطبق، ويطالب بتحرك فوري لوقف نزيف الدم في غزة ومحاسبة مرتكبي الجرائم، مؤكداً أن العدالة لفلسطين هي معركة كل أحرار العالم.