جهاد الحداد، الناشط السياسي والإعلامي المصري، يعاني اليوم في سجونه من أوضاع صحية كارثية متدهورة بعد سنوات من التنقل بين زنازين النظام. يبلغ الحداد من العمر 44 عامًا، وهو نجل عضو مكتب الإرشاد الدكتور عصام الحداد، وكان الناطق الإعلامي السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين قبل اعتقاله. الآن، يرزح تحت وطأة إهمال طبي متعمد أدى إلى فقدانه القدرة على المشي بشكل شبه كامل، ويعاني من آلام مزمنة في الركبتين.
أرقام تعكس حجم الكارثة
فقدان القدرة على المشي جاء بعد سنوات من عدم توفير علاج لأمراض مزمنة مصاحبة للفشل الكلوي والكسور الناتجة عن الإهمال في العلاج.
وفق تقارير حقوقية، يعاني ما لا يقل عن 60% من المعتقلين السياسيين من مشاكل صحية خطيرة نتيجة نقص الرعاية الطبية.
الحداد محروم من الزيارات، وهو ما يزيد من تأثير الوحدة النفسية على حالته، حيث إن العزل الاجتماعي يفاقم مشاكل الصحة العقلية والجسدية للمعتقلين.
محاكمات غير عادلة
القضايا الموجهة ضده كلّفت باتهامات متعددة تشمل "التحريض على العنف" و"الانتماء لجماعة إرهابية"، وحُكم عليه بالسجن لفترات متباينة وصلت إجمالًا إلى 15 سنة، في محاكمات وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها غير عادلة وتعمدت تسييس القضاء لإسكات المعارضين.
تحذيرات الأطباء والخبراء
من جانب الأطباء، هناك تحذيرات واضحة: استمرار الإهمال في الحالة الصحية للحداد وغيره من المعتقلين يعني ارتفاع احتمالات الوفاة المبكرة، مع الحرمان من أدوية أساسية كالتي تستخدم في علاج آلام العظام والمفاصل وضبط الألم المزمن، خصوصًا في ظل ضعف النظام الصحي داخل السجون. كما أن نقص المعدات الطبية يزيد جراح المرضى ويقلل من فرص شفائهم.
تناقض صارخ مع تصريحات الحكومة
الحكومة الانقلابية تحت قيادة مصطفى مدبولي تدعو في بياناتها إلى أن قطاع الصحة والتعليم يستحوذ على النصيب الأكبر من استثمارات الدولة، لكن الواقع في السجون يعكس تناقضًا صارخًا، حيث تخفض الموازنات المخصصة للصحة في المرافق السجنية، وتفتقد لشروط الرعاية الطبية الأساسية.
إهمال منهجي وفساد ممنهج
وفشل الحكومة في إدارة ملف حقوق الإنسان والقطاعات الصحية أضيف إليه سوء إدارة مؤسسات السجون، مما جعل حياة المعتقلين، وعلى رأسهم جهاد الحداد، على المحك. وتشير تقارير حقوقية إلى أن الإهمال الطبي لا يزال أحد أكثر أدوات القمع المستخدمة ضد المعارضين بشتى الطرق. وتزامن ذلك مع زيادة شكاوى مرضى الغسيل الكلوي من نقص الأدوية الأساسية، ما يعكس منظومة مترابطة من الفشل والفساد.
أرقام مخفية وحقائق دامية
اختفاء الأرقام الرسمية الدقيقة يعمق حالة التستر على حجم الأزمة، لكن أرقام غير رسمية تقدر أن أكثر من 10 آلاف معتقل سياسي قد يعانون نقصًا في الرعاية الصحية، في ظل تقارير تؤكد وفاة ما لا يقل عن 200 معتقل خلال السنوات الخمس الماضية بسبب الإهمال.
وفي النهاية فمعاناة جهاد الحداد هي صورة واضحة لمسلسل طويل من الانتهاكات الحقوقية والصحية داخل السجون المصرية، تدعو المجتمع الدولي للضغط على السلطات وضمان حق المعتقلين في العلاج والعيش بكرامة. إذ أن استمرار تجاهل هذه القضية يشكل جريمة إنسانية تستوجب محاسبة المسؤولين.