اتهمت أسرة المواطن أيمن مسلم محمود من قرية تابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية قوات الشرطة بإنهاء حياته داخل مركز الشرطة، بعد تعرّضه للتعذيب عقب حادث تصادم. مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي — بينها ما نشره ناشطون على فيسبوك وتويتر — أظهرت الشاب في وضع سيئ داخل الحجز، وفق ما قالت عائلته، قبل أن يُعلن عن وفاته لاحقًا.
https://x.com/haythamabokhal1/status/1967284830930075908
 

رواية الأسرة
العائلة أكدت أن أيمن لم يمت نتيجة حادث السير كما جاء في بيانات وزارة الداخلية، بل بسبب اعتداءات وضرب داخل مركز الشرطة، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة ونزيف داخلي انتهى بوفاته. وأوضحت الأسرة أنها تقدمت ببلاغ رسمي للنيابة العامة تطالب فيه بالتحقيق الفوري، وتشريح الجثمان بشكل مستقل، ونشر نتائج الطب الشرعي علنًا.
https://www.facebook.com/watch/?v=2373382549724381
 

بيان وزارة الداخلية
في المقابل، أصدرت وزارة الداخلية بيانًا نفت فيه "الادعاءات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى أن الحادث وقع يوم 11 أغسطس إثر تصادم بين دراجة نارية بدون لوحات يقودها أحد الأشخاص وكان برفقته شقيق الناشر، وبين سيارة ميكروباص يقودها سائق هو شقيق أحد رجال الشرطة.

وأضاف البيان أن المصابين نُقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج، ثم حضروا إلى مركز الشرطة لتحرير محضر، قبل أن يشعر أحدهم بإعياء ويُعاد إلى المستشفى حيث توفي بسبب نزيف داخلي وكسر في الجمجمة. وأكدت الداخلية أن التقرير الطبي "لم يُشر إلى وجود شبهة جنائية"، لافتة إلى أن النيابة قررت حبس سائق الميكروباص المتسبب في الحادث على ذمة التحقيقات، واتخاذ إجراءات قانونية ضد من يروّجون "الادعاءات الكاذبة".
 

أسباب التشكيك في الرواية الرسمية
رغم نفي الداخلية، ترى أسرة أيمن وعدد من الناشطين أن البيان "غير منطقي" لعدة أسباب:

  • وجود فيديو متداول يُظهر أيمن في حالة اعتداء داخل القسم، وهو ما لم تتطرق إليه الوزارة.
  • عدم إعلان تفاصيل دقيقة عن تقرير الطب الشرعي، واقتصار البيان على التأكيد على غياب شبهة جنائية.
  • تكرار نمط مماثل في قضايا أخرى، حيث تُعلن الداخلية وفاة محتجزين داخل أقسام الشرطة بسبب "إعياء" أو "أسباب طبيعية"، بينما تشير شهادات العائلات إلى تعرضهم للتعذيب أو الإهمال الطبي.
     

خلفية من حوادث مشابهة في 2025

ليست هذه الواقعة الأولى التي تثير جدلًا واسعًا في العام الجاري. خلال الأشهر الماضية، رُصدت عدة وفيات داخل أقسام الشرطة في مصر:

  • وفاة بلال رفعت محمد علي داخل مركز منيا القمح نفسه بعد حرمانه من الرعاية الطبية اللازمة.
  • وفاة عبد العزيز عبد الغني داخل مركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية بسبب الإهمال الطبي المتعمّد، وفق ما وثّقته منظمات حقوقية.
  • تقارير عن وفاة ثلاثة محتجزين في أربعة أقسام شرطة خلال 24 ساعة فقط في أغسطس، وسط اتهامات بالتعذيب، في حين نفت الداخلية أي شبهة جنائية.
  • واقعة وفاة متهم داخل مركز شرطة بلقاس بالدقهلية في يوليو، بعدما شعر بإعياء مفاجئ، حيث كررت الداخلية صيغة مشابهة في بيانها بنفي وجود شبهة جنائية.

تكرار هذه الحالات خلال فترة قصيرة عزز من شكوك الرأي العام حول مصداقية البيانات الرسمية، خصوصًا في ظل غياب التحقيقات العلنية والشفافية.
 

مطالب العائلة والحقوقيين
عائلة أيمن تطالب بتشريح طبي مستقل وعلني، وبمراجعة كاميرات المراقبة داخل المركز، ومحاسبة المسؤولين إذا ثبتت وقائع التعذيب.

منظمات حقوقية مصرية ودولية بدورها دعت إلى فتح تحقيق شفاف، مؤكدة أن تكرار الوفيات داخل أقسام الشرطة يطرح تساؤلات خطيرة حول ممارسات التعذيب والإفلات من العقاب.

بينما تصر وزارة الداخلية على روايتها الرسمية، ترى أسرة أيمن مسلم محمود أن ابنها قُتل ظلمًا داخل قسم الشرطة.

وبين الفيديوهات المتداولة، والبيانات الرسمية، وتاريخ الحوادث المشابهة، يظل السؤال مطروحًا: هل تتحرك النيابة العامة لفتح تحقيق جاد ومستقل يضع حدًا لتكرار هذه المآسي، أم سيظل الملف مفتوحًا على مزيد من الغضب الشعبي والتشكيك في الروايات الرسمية؟