أطلقت 23 منظمة حقوقية محلية ودولية صرخة تحذير جديدة بشأن الوضع الصحي للمحامية البارزة هدى عبد المنعم، مطالبةً السلطاتَ بالإفراجِ الفوريّ وغير المشروط عنها، وتمكينها من تلقي رعاية طبية عاجلة في مستشفى متخصص خارج محبسِها، وذلك في ظل ما وصفته المنظمات بـ"التدهور الصحي الخطير الذي يهدد حياتها".
وجاء في البيان المشترك للمنظمات أنّ عبد المنعم، العضوة السابقة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، تعرّضت خلال شهر أغسطس الماضي لأزمتين قلبيتين متتاليتين في 23 و30 من الشهر ذاته، دون أن يتم إبلاغ محاميها أو أسرتها فورًا، إذ لم يعرفوا تفاصيل حالتها إلا خلال زيارة لاحقة في السادس من سبتمبر الجاري.
سجل من الاحتجاز المطوّل
أُلقي القبض على هدى عبد المنعم في نوفمبر 2018، على خلفية القضية رقم 1552 لسنة 2018، المعروفة إعلاميًا بـ"قضية التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، حيث ظلت قيد الحبس الاحتياطي لأكثر من أربع سنوات، قبل أن يصدر بحقها حكم نهائي بالسجن خمس سنوات بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، فيما تمّت تبرئتها من تهمة "تمويل الجماعة".
ورغم انقضاء مدة العقوبة في أكتوبر 2023، لم تُفرج عنها السلطات، بل جرى "تدويرها" على ذمة قضايا جديدة تحمل الاتهامات ذاتها، وهو ما وصفته المنظمات الحقوقية بأنه "انتهاك صارخ لمبدأ حجية الأحكام".
وضع صحي حرج
تبلغ عبد المنعم من العمر 66 عامًا، وتعاني -وفق ما ورد في البيان- من أمراض متعددة تهدد حياتها، بينها ضيق في شرايين المخ أدى إلى عجزها عن الحركة وإلزامها الفراش 12 يومًا، وجلطة مزمنة في الوريد العميق، مصحوبة بجلطات ممتدة في الرئة، تستوجب علاجًا منتظمًا ودقيقًا لتجنّب انتقال الجلطات مجددًا.
كما تعاني من ارتفاع حاد في ضغط الدم، والتهابات شديدة في المفاصل والعمود الفقري تتطلب جراحة عاجلة في الركبة، إضافة إلى تدهور في وظائف الكلى، حيث توقّفت الكلية اليسرى عن العمل، مع ارتجاعٍ في اليمنى.
وأشار البيان إلى أن هذه الأوضاع الصحية ترافقها معاناة من الإهمال الطبي المتعمّد داخل محبسها، وهو ما أدى سابقًا إلى تعرّضها لذبحة صدرية.
رفض قضائي ونداءات متكررة
ورغم حضورها إحدى جلسات المحاكمة في مايو الماضي بسيارة إسعاف، رفضت محكمة جنايات القاهرة حينها طلبات إخلاء سبيلها، وقرّرت استمرار حبسها على ذمة قضية جديدة، بحسب ما أكّده زوجها ومحاميها خالد بدوي.
كما قدّمت أسرتها في 9 سبتمبر الجاري طلبًا رسميًا للإفراج الصحي عنها، سبقته شكوى في أغسطس إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان للمطالبة بالتدخل العاجل.
تضامن حقوقي واسع
ضمّت قائمة المنظمات الموقّعة على البيان كلًا من: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، مجلس نقابات المحامين الأوروبيين، المركز الحقوقي التابع لجمعية المحامين الدولية (IBAHRI)، ومجلس هيئات المحاماة والجمعيات القانونية في أوروبا (CCBE)، إضافة إلى منظمات أخرى محلية ودولية.
وأكّدت هذه الجهات أن قضية عبد المنعم "لا تمثل معاناة فردية، بل تكشف عن نمط من الانتهاكات الممنهجة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين في مصر"، داعيةً إلى التزام السلطات المصرية بالمعايير الدستورية والدولية في ضمان الرعاية الصحية الكاملة لجميع المحتجزين، ووضع حد لسياسة "التدوير" التي تُبقي المعتقلين قيد الحبس رغم انتهاء مدد عقوباتهم.
وبحسب البيان، فإن استمرار اعتقال عبد المنعم رغم وضعها الصحي الحرج "يمثّل خطرًا داهمًا على حياتها، وانتهاكًا صارخًا لحقوقها الإنسانية والقانونية".