يشهد مصنع لينين جروب للمنسوجات بمنطقة الإسكندرية حالة من الاحتقان المتواصل بعد وفاة رضيعة لإحدى العاملات نتيجة ما وصفه العمال بـ"التعنت الإداري وعدم مراعاة الظروف الإنسانية".
الحادثة المأساوية فجّرت موجة من الغضب داخل صفوف العمال، الذين أعلنوا إضرابًا مفتوحًا عن العمل للمطالبة بتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية وضمان حقوقهم الإنسانية داخل بيئة العمل.
وقد أصدر المضربون قائمة مطالب واضحة، تعكس حجم المشكلات المتراكمة منذ سنوات بين العمال والإدارة.
https://x.com/i/status/1966750843492880802
عُقد أمس السبت اجتماعٌ بشركة نايل لينين جروب للنسيج والمفروشات بالمنطقة الحرة في العامرية، ضم أعضاء اللجنة النقابية بالشركة و15 عاملًا آخرين، مع لجنة من مديرية العمل بالإسكندرية برئاسة وكيل المديرية محمد كمال، وذلك في أعقاب وفاة طفلة رضيعة على ذراع والدتها العاملة بالشركة بعد أن رفضت إدارة الشركة منح الأم إجازة أو إذنًا لمرافقة طفلتها المريضة إلى المستشفى، واحتجزتها لثلاث ساعات داخل المصنع.
كما حضر الاجتماع العاملة دعاء محمد والدة الرضيعة المتوفاة، ووالدها وهو ليس عاملًا بالشركة، فيما صاغ ممثلو العمال وأعضاء النقابة مع لجنة الوزارة مطالب العمال في عدة بنود، سيتم عرضها على الإدارة اليوم.
خلفية الأزمة: من الحادثة إلى الاحتجاج
بدأت شرارة الاحتجاجات بعد وفاة رضيعة لإحدى العاملات التي لم تُمنح إجازة استثنائية لرعاية طفلتها المريضة، وفقًا لشهادات زملائها.
ورغم خطورة الموقف الإنساني، أصرّت الإدارة على التزامها الصارم بقواعد العمل دون تقديم أي استثناء، مما أدى إلى تفاقم الأزمة وانتهى بوفاة الطفلة.
هذا الحادث ترك أثرًا نفسيًا عميقًا في نفوس العمال والعاملات، ودفعهم للإعلان عن إضراب شامل تضامنًا مع زميلتهم، وللتأكيد على أن كرامة الإنسان يجب أن تأتي في المقدمة.
الإضراب: مشهد جماعي ورسالة واضحة
منذ إعلان الإضراب، توقف خط الإنتاج بشكل شبه كامل. العمال تجمعوا في ساحات المصنع رافعين لافتات تطالب بالعدالة، وترددت هتافات تدعو لاحترام حقوق الإنسان داخل بيئة العمل.
مشاركة واسعة: شمل الإضراب مختلف الأقسام، من عمال النسيج إلى العاملين في التعبئة والإدارة.
التنظيم: حرص العمال على تنظيم صفوفهم بشكل سلمي لتوصيل رسالتهم دون تعطيل الأمن العام.
التضامن: انضمت عائلات بعض العمال للمسيرات التضامنية أمام المصنع، في مشهد يعكس وحدة الصف داخل المجتمع العمالي.
قائمة المطالب المعلنة
أصدر العمال المضربون بيانًا مشتركًا يحدد أبرز مطالبهم التي يعتبرونها غير قابلة للتأجيل، وجاءت كالآتي:
- تحقيق العدالة الإنسانية: محاسبة المسؤولين عن تجاهل طلب الإجازة الذي تسبب في المأساة، ووضع لائحة واضحة تضمن منح العاملات إجازات طارئة في الحالات الإنسانية.
- تحسين بيئة العمل: تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية داخل المصنع، وضمان توفير وسائل وقاية للعاملين.
- زيادة الأجور: رفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع غلاء المعيشة، وصرف العلاوات السنوية المتأخرة.
- تثبيت العمالة المؤقتة: إنهاء معاناة العاملين بعقود مؤقتة وتحويلهم إلى عقود دائمة تضمن الاستقرار الوظيفي.
- التأمينات الاجتماعية والصحية: إلزام الإدارة بتسجيل جميع العمال في منظومة التأمينات، وضمان حصولهم على الرعاية الصحية المناسبة.
- الحريات النقابية: الاعتراف باللجنة النقابية المنتخبة، ووقف أي ممارسات تهدف إلى التضييق على العمل النقابي.
وفي النهاية فإن إضراب عمال "لينين جروب" بالإسكندرية لا يعبّر فقط عن حادثة مأساوية راح ضحيتها طفلة بريئة، بل يكشف أيضًا عن أزمات عميقة في العلاقة بين العمال والإدارة.
فالمطالب التي طرحها المضربون تتجاوز التعويض عن الحادث، لتسلط الضوء على مشكلات هيكلية تشمل الأجور، العقود، والحقوق النقابية.
وفي ظل غياب استجابة واضحة من الإدارة، يبقى مستقبل الإضراب مفتوحًا على جميع الاحتمالات، ما بين استمرار التصعيد أو فتح باب الحوار.
لكن المؤكد أن هذه الأزمة ستظل علامة فارقة في تاريخ الحركة العمالية بالإسكندرية، ورسالة قوية بأن تجاهل الحقوق الإنسانية قد يؤدي إلى انفجارات اجتماعية لا يمكن احتواؤها بسهولة.