أعلنت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة في السعودية في تطور قضائي مفاجئ،، السبت الماضي، عن تخفيف الأحكام الصادرة بحق ثمانية مواطنين مصريين من أبناء النوبة إلى النصف، في خطوة اعتبرها مراقبون بداية لانفراجة في واحدة من أكثر القضايا التي شغلت الرأي العام النوبي والمصري منذ سنوات.
ووفقًا لمصدر مطلع، كان من المفترض أن تُعقد الجلسة في 22 سبتمبر الجاري، إلا أن السلطات السعودية استدعت المحتجزين بشكل مفاجئ في 6 سبتمبر، حيث مثل ستة منهم أمام هيئة المحكمة، فيما تغيّب اثنان لأسباب لم يُكشف عنها بعد، ولم يُتضح القرار النهائي بشأنهما. وأكد المصدر أن العائلات لم تكن على علم بموعد الجلسة أو بنتائجها إلا مؤخرًا، بسبب اقتصار تواصلهم مع ذويهم على مكالمة هاتفية واحدة كل أسبوعين.
وبموجب التخفيف الجديد، سيُفرج عن ثلاثة من المحتجزين فورًا، بعدما استوفوا مدد العقوبة المخففة خلال فترة احتجازهم السابقة، بينما سيخرج البقية تباعًا مع انتهاء فترات سجنهم خلال الأعوام المقبلة. ومع ذلك، سيظل أحدهم – الذي كان قد حُكم عليه بالسجن 18 عامًا – رهن الاحتجاز أربع سنوات أخرى على الأقل.
القضية تعود جذورها إلى يوليو 2020، حين أصدرت المحكمة الجزائية السعودية أحكامًا بالسجن تتراوح بين 10 و18 عامًا بحق عشرة مصريين نوبيين، بتهم وُصفت بأنها مرتبطة بـ«الشروع في تنظيم ندوة للاحتفال بانتصار أكتوبر 2019»، إضافة إلى «إنشاء رابطة أبناء النوبة في الرياض دون الحصول على موافقة رسمية».
ويشير ذوو المحتجزين إلى أن هذه الرابطة قائمة منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتمارس أنشطتها الاجتماعية والثقافية بشكل طبيعي بين الجالية.
ومنذ صدور تلك الأحكام، لم تتوقف مناشدات العائلات، سواء لسلطات السيسي أو للملك السعودي، من أجل التدخل بالعفو والإفراج عن ذويهم، مؤكدين أن التهم الموجهة لا تتعلق بأي جرائم «جنائية» أو «إرهابية»، وأن المحتجزين لم يرتكبوا ما يستوجب أحكامًا قاسية بهذا الحجم.
وقد أثارت القضية منذ بدايتها تفاعلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والنوبيّة داخل مصر وخارجها، باعتبارها قضية إنسانية تمس أفرادًا من الجالية المصرية في المملكة، الذين عرفوا طوال عقود بالالتزام والعمل، بعيدًا عن أي نشاط سياسي أو أمني.
وبينما تبقى أنظار العائلات معلّقة على تفاصيل التنفيذ الفعلي لقرارات الإفراج، يتواصل الجدل حول طبيعة الاتهامات التي وُجهت للمتهمين، ومدى توافقها مع نشاط اجتماعي بحت لجالية مصرية عُرفت بتاريخ طويل من التماسك والتعاون في بلاد الاغتراب.