فى إجراء انتقامي جديد، كشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن مصلحة السجون، وبأوامر مباشرة من جهاز الأمن الوطني، قامت يوم الأحد 31 أغسطس بترحيل ثلاثة معتقلين سياسيين من أقارب إعلاميين معارضين بالخارج إلى سجن المنيا شديد الحراسة.

الخطوة، التي وُصفت بأنها عقابية وانتقامية، جاءت في سياق سياسة ممنهجة تستهدف أقارب المعارضين لإسكات الأصوات الإعلامية الناقدة للسلطة.
وبحسب ما وثقته الشبكة، فقد شمل القرار كلًا من:

  • أحمد محمد مرسي، زوج شقيقة الإعلامي أحمد سمير (المذيع بقناة مكملين).
  • عمر فهمي، نجل شقيقة زوجة الإعلامي محمد ناصر (أحد أبرز الإعلاميين المعارضين).
  • عبد الله عبد الدايم، نجل شقيق الإعلامي والفنان هشام عبد الله.

هؤلاء الثلاثة تم نقلهم من سجن أبو زعبل 2 إلى سجن المنيا شديد الحراسة، وسط مخاوف حقوقية من أن يكون هذا الترحيل مجرد محطة مؤقتة قد تليها عمليات نقل أبعد إلى سجون نائية مثل الوادي الجديد أو أسيوط، بما يعمّق معاناتهم وأسرهم.
 

عقاب جماعي ممتد
القضية لا تتعلق فقط بالثلاثة الجدد، بل تأتي امتدادًا لنهج واضح تمارسه السلطات منذ سنوات.
فالشبكة المصرية كانت قد وثقت في 23 أغسطس عملية تغريب أخرى شملت اثنين من أقارب إعلاميين معارضين هما:

  • كريم أحمد فهمي، نجل شقيقة زوجة الإعلامي محمد ناصر.
  • عبد الله فكري عبد الله فايد، نجل شقيق الإعلامي هشام عبد الله.

تم نقل الأول من سجن أبو زعبل 2، والثاني من سجن دمنهور إلى سجن بدر 1، رغم أنهما رهن الحبس الاحتياطي منذ سنوات تجاوزت المدد القانونية.

الأمر لم يقتصر على ذلك، فقد سبق أن جرى ترحيل أحد أشقاء اليوتيوبر عبد الله الشريف إلى سجن الوادي الجديد البعيد مئات الكيلومترات عن محل إقامته، فضلًا عن اعتقال ثلاثة من أشقائه وتوقيف والده المسن لفترة وجيزة، في رسالة واضحة مفادها أن ثمن نشاطه الإعلامي المعارض يدفعه ذويه في الداخل.
 

هشام عبد الله نموذجًا
يُعتبر ملف الإعلامي والفنان هشام عبد الله من أبرز الأمثلة على هذه السياسة، إذ طالت الاعتقالات عددًا من أفراد أسرته بشكل مباشر.

ففي أغسطس 2017، اعتقلت قوات الأمن شقيقه الأكبر عبد الدايم عبد الله عبد الدايم (73 عامًا) وأودعته الحبس على ذمة قضية سياسية، ولا يزال رهن الاحتجاز.

وفي ديسمبر 2020، اعتُقل ثلاثة آخرون من أقاربه هم: أحمد عبد الدايم عبد الله، وعبد الله محمد عبد الله، وهشام عبد الله (ابن شقيقه). كما تم توقيف آخرين من العائلة في حملات متكررة.
هذه الوقائع توضح أن سياسة الانتقام لا تتوقف عند حدود معينة، بل تمتد لتطال دوائر القرابة الأقرب فالأبعد، في محاولة مستمرة للضغط على المعارضين بالخارج وإجبارهم على الصمت.
 

خرق للقانون وحقوق الإنسان
تؤكد المنظمات الحقوقية أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا للدستور المصري والقوانين المحلية، فضلًا عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تجرم العقاب الجماعي وتحظر الاحتجاز التعسفي.
فالمعتقلون المعنيون محتجزون منذ أكثر من خمس سنوات رهن الحبس الاحتياطي، في تجاوز واضح للمدد القصوى المقررة قانونًا.

الشبكة المصرية لحقوق الإنسان رأت أن عمليات التغريب المتكررة لا تهدف إلا إلى مضاعفة المعاناة عبر قطع صلة المعتقلين بأسرهم، حيث تصبح زيارتهم شبه مستحيلة نظرًا لبُعد المسافة وتكاليف السفر، وهو ما يضيف عبئًا نفسيًا وماديًا كبيرًا على ذويهم.
 

أهداف سياسية بحتة
يرى مراقبون أن السلطة تستخدم هذه السياسة كسلاح ضد الإعلام الحر، عبر إرسال رسائل مباشرة للإعلاميين المعارضين بأن ثمن معارضتهم ستدفعه أسرهم.
لكن هذه الممارسات – وفق محللين – تؤدي في نهاية المطاف إلى نتائج عكسية، إذ تكشف ضعف النظام أمام الكلمة الحرة وتفضح ممارساته أمام المجتمع الدولي.

فعمليات التغريب والترحيل القسري لأقارب الإعلاميين المعارضين تعكس سياسة عقابية ممنهجة تنتهك أبسط الحقوق الدستورية والقانونية.
فبدلًا من مواجهة الانتقادات السياسية بالحوار، يتم التنكيل بأبرياء لا ذنب لهم سوى صلة القرابة.

هذا النهج لا يهدد فقط سمعة مصر الحقوقية عالميًا، بل يعمّق الانقسام داخل المجتمع، ويزرع بذور الغضب والاحتقان التي قد تنفجر في أي لحظة.