أثارت تقارير حقوقية صادرة عن 15 منظمة محلية ودولية، موجة انتقادات حادة ضد سلطات عبدالفتاح السيسي، بعد الكشف عن احتجاز ما لا يقل عن 15 طفلًا، تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا، بسبب نشاطهم على منصات الألعاب الإلكترونية، وعلى رأسها لعبة PUBG، وتوجيه اتهامات إليهم بالانتماء إلى "جماعة إرهابية"، من دون أدلة ملموسة.
المنظمات الحقوقية، ومن بينها مركز ديمقراطية الشرق الأوسط والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اعتبرت أن هذه الممارسات تمثل "انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقوانين الدولية"، داعية إلى الإفراج الفوري عن جميع الأطفال المحتجزين، وفتح تحقيق مستقل وشفاف في وقائع الاستدراج والاحتجاز والإخفاء القسري والتعذيب التي وثقتها تقاريرها.
استدراج عبر الألعاب الإلكترونية
بحسب البيان المشترك الصادر عن المنظمات، اعتمدت السلطات في بعض الحالات على استدراج القصر عبر ألعاب الفيديو، حيث وُعد الأطفال بمكافآت داخل اللعبة مقابل الانضمام إلى مجموعات محادثة، ليُطلب منهم لاحقًا نشر محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وعند هذه النقطة، تُتهم تلك المجموعات بارتباطها بجماعات متطرفة، ليُزج بالأطفال في دائرة الاتهامات بالإرهاب.
المنظمات وصفت هذا النهج بأنه "توظيف تعسفي للألعاب الإلكترونية"، معتبرة أن تحويل أدوات ترفيهية إلى فخ أمني يستهدف الأطفال إساءة بالغة لاستعمال السلطة ويكشف عن نمط خطير من الانتهاكات المنظمة ضد القُصّر.
أنماط متكررة من الانتهاكات
أفاد البيان بأن الأطفال المعتقلين جرى إلقاء القبض عليهم من منازلهم من دون مذكرات قانونية، ثم تعرضوا للإخفاء القسري لفترات تراوحت بين أيام وأشهر، قبل أن يظهروا وقد وُجهت لهم التهمة نفسها: الانتماء إلى جماعة إرهابية.
كما تم رصد حرمانهم من حضور جلسات تجديد الحبس، ومنع محاميهم من الاطلاع على ملفات قضاياهم، فضلًا عن تعرض بعضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
وأشارت التقارير إلى أن 13 طفلًا لا يزالون رهن الاحتجاز، بعضهم محتجزون في أقسام الشرطة مع بالغين، وهو ما يخالف بوضوح المادة (112) من قانون الطفل والاتفاقيات الدولية التي تلزم الدول بفصل القُصَّر عن البالغين أثناء الاحتجاز.
حالة محمد عماد.. نموذج صارخ
من بين الحالات الموثقة، أورد البيان قصة الطفل محمد عماد (17 عامًا)، الحاصل على الجنسية الأمريكية، والذي ألقي القبض عليه في أغسطس 2024 أثناء زيارته لمصر.
كانت بداية قضيته من خلال لعبة PUBG، حين تواصل معه أشخاص عبر اللعبة وعرضوا عليه مكافآت رقمية مقابل نشر محتوى عبر حساباته على مواقع التواصل. لكن السلطات داهمت منزل والدته، وصادرت أجهزته الإلكترونية، ثم أخفته قسريًا عشرة أيام، ومنعت محاميه من الاطلاع على ملفه، ليبقى بعدها رهن الحبس الاحتياطي منذ ما يقارب عامًا كاملًا.
المنظمات كشفت أن محمد يُحتجز مع البالغين في قسم شرطة بنها بمحافظة القليوبية، رغم كونه قاصرًا، ويعاني من الربو الحاد مع حرمانه من العلاج اللازم، ما أدى إلى حرمانه أيضًا من استكمال دراسته الثانوية في الولايات المتحدة.
مطالب حقوقية عاجلة
المنظمات الموقعة على البيان شددت على أن الاستهداف الأمني للأطفال عبر منصات الألعاب الإلكترونية يمثل سابقة خطيرة، ويثير تساؤلات جدية حول احترام الدولة لالتزاماتها الدولية، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب.
وطالبت بالإفراج الفوري عن جميع الأطفال، وفتح تحقيق مستقل وشفاف، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، مؤكدة أن الصمت الدولي إزاء هذه الممارسات سيؤدي إلى تكريس نهج جديد من التضييق على القصر في الفضاء الرقمي.
قائمة المنظمات الموقعة
شارك في التوقيع على البيان كل من:
- مركز ديمقراطية الشرق الأوسط (MEDC)
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف (AITAS)
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (EIPR)
- مؤسسة نجدة لحقوق الإنسان
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان (SFHR)
- ريدوورد لحقوق الإنسان وحرية التعبير
- منصة اللاجئين في مصر (RPE)
- معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط (TIMEP)
- منا لحقوق الإنسان (MRG)
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS)
- المنبر المصري لحقوق الإنسان (EHRF)
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT).