مع بداية العام الدراسي الجديد، يترقب الشارع المصري موجة جديدة من الأعباء الاقتصادية، بعد أن كشفت مصادر حكومية عن نية حكومة مصطفى مدبولي رفع أسعار الكهرباء والوقود خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في خطوة تأتي ضمن خطة الحكومة لإعادة هيكلة الدعم وخفض عجز الموازنة، وفقًا لتوجيهات صندوق النقد الدولي.
ورغم هذه التبريرات الرسمية، فإن القرار يواجه رفضًا واسعًا من نواب البرلمان وخبراء الاقتصاد، نظرًا لما يحمله من تداعيات خطيرة على معيشة المواطنين في واحدة من أصعب المراحل الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
خطة الزيادة وأسبابها الرسمية
بحسب التسريبات، فإن الزيادة ستطال جميع شرائح الاستهلاك تقريبًا، مع إبقاء دعم محدود للفئات الأقل استهلاكًا، بينما تشير التوقعات إلى ارتفاع سعر لتر البنزين بمعدل 50 قرشًا إلى جنيه واحد، إلى جانب زيادة في تعريفة الكهرباء بنسب قد تصل إلى 10 – 15%.
الحكومة تبرر هذه الخطوة بأنها التزام ببرنامج الإصلاح الاقتصادي وخطة تحرير أسعار الطاقة تدريجيًا، بعد تأجيلات متكررة منذ عام 2024 بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.
ويقول مسؤولون حكوميون إن تكلفة دعم الطاقة ارتفعت مع صعود أسعار النفط عالميًا وتراجع قيمة الجنيه المصري، ما جعل مخصصات الدعم عبئًا متزايدًا على الموازنة العامة.
لكن في المقابل، يرى اقتصاديون أن هذه المبررات لا تكفي لتبرير التوقيت، خصوصًا في ظل التدهور المعيشي الذي يعيشه ملايين المصريين.
في السياق ذاته، يرى خبراء أن أي زيادة في أسعار الطاقة ستترجم تلقائيًا إلى ارتفاع في تكلفة الإنتاج الصناعي والزراعي، وبالتالي زيادة أسعار السلع والخدمات، وهو ما يضرب القوة الشرائية للمواطنين، خاصة الفئات الفقيرة والمتوسطة التي فقدت أكثر من نصف دخلها الحقيقي خلال السنوات الأخيرة.
الشارع بين الغضب واليأس
في الشارع المصري، تتصاعد حالة من القلق والامتعاض، إذ يعتبر المواطنون أن الحكومة تدير الأزمة على حساب الطبقات الفقيرة والمتوسطة، في حين لا تقدم بدائل حقيقية لتخفيف العبء، مثل تحسين الأجور أو ضبط الأسعار.
البعض يرى أن الحكومة لم تفِ بوعودها السابقة بزيادة الدخول أو توفير مظلة حماية اجتماعية كافية، بينما يشعر آخرون أن هذه القرارات تُتخذ استجابة لشروط المؤسسات الدولية أكثر من استجابتها لاعتبارات الأمن الاجتماعي.
- أم محمد، ربة منزل من الجيزة:
"لسه الزيادات اللي فاتت ما فوقناش منها، والكهرباء بقت نار. لو هيزودوا تاني، هنولع الشمع في البيوت"
- سائق أجرة:
"البنزين لو غلي، الأجرة هتزيد، والناس مش هتستحمل، وهتضطر تركب أقل، يعني إحنا كمان هنخسر"
توقيت كارثي.. وبداية عام دراسي مرهق
اختيار هذا التوقيت يضاعف الانتقادات، إذ يتزامن مع بداية العام الدراسي الجديد، الذي يشهد إنفاقًا كبيرًا من الأسر المصرية على المصروفات الدراسية والدروس الخصوصية والزي المدرسي.
وبالتالي، فإن أي زيادات إضافية في الطاقة ستشكل عبئًا لا يطاق على ميزانيات الأسر، وتؤدي إلى حالة من السخط الشعبي قد تتفاقم إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات موازية لتخفيف حدة الأزمة.
خلاصة المشهد
القرار المرتقب برفع أسعار الكهرباء والوقود يبدو حتميًا في ضوء التزامات الحكومة تجاه صندوق النقد الدولي، لكنه يطرح أسئلة جوهرية عن غياب العدالة الاجتماعية في توزيع الأعباء الاقتصادية، وعن قدرة الدولة على حماية مواطنيها في ظل سياسات لا تراعي أوضاع الفقراء.
وبينما تبرر الحكومة بأن الإصلاحات ضرورية لإنقاذ الاقتصاد، يرد الشارع المصري بأن الإنقاذ لا يجب أن يكون على حساب الفقراء وحدهم.