أدلى نائب رئيس الحكومة ووزير الصناعة والنقل، اللواء كامل الوزير، بتصريح علني حديث قال فيه إن السيسي يردد دومًا: “كل ما أشتغل أكتر كل ما أنتج أكتر وأكسب أكتر”، موضحًا أن العمال «لو عملنا 8 ساعات ننتج 3 آلاف طن مواسير، ولو عملنا 16 ساعة ننتج 6 آلاف طن» جاء ذلك أثناء جولة تفقدية داخل أحد مصانع وزارة الصناعة.

 

الواقع على الأرض: ساعات إضافية وسط بطالة متزايدة

تصريح الوزير يبدو وكأنه يصوّر زيادة ساعات العمل كمعجزة إنتاجية، وكأنه الحل السحري لمضاعفة الإنتاج. لكن الحقيقة أن قرارات مدّ ساعات العمل إلى 16 ساعة يوميًا تأتي في ظل أزمة بطالة مزمنة تتفاقم، لا على العكس. التضخم وأسعار السلع الغذائية والأجور المتدنية تجعل من العمل الطويل سببًا جديدًا في التدهور الاجتماعي وليس معالجته.

في استطلاع متواضع، فإن ما يقارب 10 إلى 12 مليون عاطل عن العمل، حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. هذه الأعداد تفوق الحاجة إلى زيادة ساعات عمل لتغطية فجوة الإنتاج، بل يتطلب الأمر تحديثًا جذريًا، وليس تكريس ثقافة "الإرهاق هو الحل".

 

لماذا لا نُوظّف بدلًا من إرهاق الموجودين؟

الإنتاج يقف على رأس المال الاجتماعي وليس طول الساعات: الاقتصاد الحديث يعتمد على التقنية والكفاءة، لا على طول الوقت. تمديد ساعات العمل دون تحسين بيئة العمل يؤدي إلى تراجع نوعية الإنتاج، ويكلف قطاع الصحة والتعويضات أكثر.

التوظيف هو الحل وليس الإرهاق: السلطة مختلطة بالفعل في التوظيف السياسي والجيش، لكن الاقتصاد لن يُنقذ إلا عبر فتح فرص حقيقية للشباب، وتطوير التعليم الفني، ودعم المشاريع الصغيرة وليس فقط تأمين أنابيب فولاذية.

قلة الاستثمارات المستدامة: رغم إعلان الوزير عن مشاريع صناعية ضخمة (زيارة لمحافظة المنوفية وتفقد مصانع وتوسعات ، فإن القناعة التي تُغذى كأن قاطرة الإنتاج لا تحتاج سوى "الجهد البدني المضاعف" تحت السؤال.

 

كيف نوظف أفضل بدلًا من إجهاد أقل؟

التحول للتشغيل ثلاث فترات: بدلاً من 16 ساعة مستمرة لعمال معينين، يمكن أن يعتمد المصنع مناوبات لثلاث فترات، يشارك بها المزيد من العاطلين.

تطوير التعليم الفني والإنتاجي: إنشاء مدارس مهنية متطورة تربط الشباب مباشرة بالعمل الصناعي، وربطها بالسوق.

تشجيع الاستثمارات التي توظّف فعليًا: المصانع القائمة لا تحتاج فقط لزيادة الساعات، بل لخلق مصانع جديدة في مناطق محلة خارج العاصمة، وتمكين رأس المال الوطني بدلًا من خدمة المشاريع الكبرى الممولة من القروض فقط.

 

"نشتغل أكثر" ليس حلاً بقدر ما هو فخ قديم

تصريح الوزير كامل الوزير: "نشتغل 16 ساعة فالأداء يتضاعف" قد يبدو طموحًا من جهة، لكنه يكشف ضعف الرؤية الكلية التي تعتبر الإنتاجية مرتبطة بالجهد الجسدي فقط. بينما المشكلة تتمثل في البطالة المنتشرة، والفقر، وبطء تشكيل نسيج صناعي يركّز على التكنولوجيا والكفاءة والممارسات المستدامة.

الخلاصة: مصر لا تحتاج إلى إرهاق العمال، بل إلى إعادة توظيفهم، وتوفير فرص عمل لقيادات المستقبل، وليس تمديد ساعات العمل فقط.