أثار قرار مجلس الوزراء، الأخير بتعديل عدد من مواد قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، موجة من الجدل والانتقادات الحقوقية، وسط تحذيرات من أن التعديلات المقترحة قد تمثل "تراجعًا خطيرًا" عن الالتزامات الدستورية والاتفاقيات الدولية، وتعيد التعامل مع هذه الفئة من منظور "العجز الطبي" بدلًا من المنظور الحقوقي القائم على الكرامة والمساواة.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية كانت في مقدمة المعترضين، إذ أكدت أن التغييرات المقترحة تعكس رؤية تقليدية تختزل الأشخاص ذوي الإعاقة في "قصور جسدي أو ذهني" بدلًا من التعامل معهم كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات، بما يضمن دمجهم الكامل في المجتمع.
تعديلات مثيرة للجدل
في 13 أغسطس الجاري، وافق مجلس الوزراء على تعديل أربع مواد رئيسية من القانون، وذلك بزعم مواجهة التلاعب المتزايد في ملفات سيارات ذوي الإعاقة المعفاة من الجمارك وضريبة القيمة المضافة. وشملت التعديلات:
- وضع تعريف جديد للشخص ذي الإعاقة.
- تعديل شروط استحقاق السيارة أو وسيلة النقل الفردية.
- إطالة فترة الحظر على استبدال السيارات المعفاة.
- تشديد العقوبات على تزوير أو استخدام بطاقات الخدمات المتكاملة.
لكن أكثر النقاط إثارة للجدل كان إدخال مصطلح "العاهة طويلة الأجل" في تعريف الأشخاص ذوي الإعاقة، بدلًا من الصياغة السابقة التي استخدمت لفظ "قصور أو خلل كلي أو جزئي".
اعتراضات على استخدام مصطلح "عاهة"
هذا التغيير اللفظي أثار غضب قطاعات واسعة من المجتمع المدني. فبحسب المبادرة المصرية، فإن استخدام لفظ "عاهة" يختزل الإنسان في إعاقته ويؤثر سلبًا على صورته أمام المجتمع، كما يترتب عليه تقليص عدد المستفيدين من الخدمات الحكومية في مجالات الصحة والتعليم والعمل والمواصلات.
المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة بدوره أقر بوجود جدل واسع حول المصطلح الجديد، موضحًا أن استخدامه جاء نتيجة "ترجمة حرفية" من الاتفاقية الدولية، لكنه ليس متوافقًا مع الصياغات القانونية المعتمدة محليًا، مشددًا على تمسكه باستمرار استخدام مصطلح "قصور"، وأكد المجلس أنه سيخضع التعديلات للمراجعة وفق اختصاصاته المنصوص عليها في القانون.
شروط أكثر تقييدًا
إلى جانب الجدل اللغوي، انتقدت المبادرة المصرية تشديد الشروط الخاصة بحق الحصول على سيارات معفاة من الجمارك.
إذ رفعت التعديلات مدة الاستفادة من سيارة واحدة إلى 15 عامًا بدلًا من 5 سنوات، وهو ما اعتبرته المنظمات الحقوقية مدة طويلة تُصعّب استبدال السيارات عند تعرضها للتلف.
كما تضمنت التعديلات إضافة شروط جديدة تستبعد بعض الفئات من الاستفادة، من بينهم المستفيدون من الضمان الاجتماعي، الأمر الذي وصفته المبادرة بأنه إقصاء مباشر لفئات هشة تحتاج بالفعل إلى هذه الامتيازات.
وكان رئيس وزراء السيسي الدكتور مصطفى مدبولي قد أعلن في يوليو الماضي وقفًا مؤقتًا لاستيراد سيارات ذوي الإعاقة، مبررًا القرار بتزايد التجاوزات في المنظومة، حيث يستغل بعض الأفراد أسماء ذوي الإعاقة لاستيراد سيارات معفاة ثم بيعها لآخرين.
تغليظ العقوبات محل انتقاد
لم يتوقف الجدل عند التعريف والشروط، بل امتد إلى العقوبات التي نصت عليها التعديلات.
فقد وصلت العقوبة المقترحة لتزوير بطاقات الخدمات المتكاملة إلى السجن عشر سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، مع مساواة المزوِّر بمن يقدم بيانات غير صحيحة.
المبادرة المصرية وصفت هذه الصياغة بأنها "سياسة عقابية مشوهة" لا تعالج جذور المشكلة، بل تكتفي بالحلول الزجرية، مطالبة الحكومة بفتح حوار شامل مع ممثلي الأشخاص ذوي الإعاقة لإيجاد حلول واقعية تُراعي احتياجاتهم وتضمن حقوقهم.
أرقام وإحصاءات
وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يشكل الأشخاص ذوو الإعاقة نحو 11% من السكان في مصر (إحصاء 2022).
وتؤكد منظمات حقوقية أن هذه النسبة الكبيرة تقتضي من الدولة تبني سياسات داعمة للدمج والتمكين بدلًا من التضييق وسنّ القوانين التي قد تُكرس التمييز.