تصاعد حالة الغضب في مصر بعد استمرار احتجاز عشرة مواطنين نوبيين في السجون السعودية منذ عام 2020، في ظل صمت مخزٍ من حكومة السيسي التي تخلت تمامًا عن واجبها في حماية أبنائها.
قضية تحولت من احتفال بذكرى نصر أكتوبر إلى أحكام قاسية بالسجن وصلت إلى 18 عامًا، والحكومة لا تحرك ساكنًا، وكأن هؤلاء ليسوا مواطنين مصريين.
من ندوة وطنية إلى مأساة إنسانية... أين الدولة؟
القصة بدأت عندما نظم النوبيون المقيمون في الرياض ندوة للاحتفال بذكرى نصر أكتوبر، وهو حدث وطني لا يمثل جريمة بأي حال.
لكن السلطات السعودية اعتبرت ذلك مخالفة قانونية، وتطورت القضية لتشمل تهمًا بإنشاء رابطة نوبية، رغم أنها قائمة منذ ثلاثة عقود.
هنا كان من المفترض أن تتحرك الدولة المصرية بكل قوتها، لكن ما حدث كان صدمة أكبر من الحكم نفسه: صمت كامل من الحكومة، وسفارة لا تعرف سوى التصوير في الحفلات وملاحقة المعارضين.
حكومة تبيع رعاياها ولا تعرف سوى القمع الداخلي
كيف لدولة تتشدق دائمًا بشعارات السيادة وحماية مواطنيها أن تقف متفرجة على أبنائها خلف القضبان؟ إذا كان المواطن المصري لا يجد حماية في الخارج، فما قيمته عند حكومته؟
الحقيقة المرة أن النظام المصري لا يهتم سوى بإرضاء الحلفاء الخليجيين الذين يمولون بقاءه، حتى لو كان الثمن هو كرامة المواطن.
المصريون أصبحوا سلعة في أسواق السياسة، والنظام يثبت يومًا بعد يوم أنه لا يرى الشعب سوى عبء يجب إخضاعه لا حمايته.
شهادات تصرخ في وجه الصمت الرسمي
تقول شقيقة أحد المعتقلين:
"أخي مريض ويعاني في السجن منذ سنوات. اتصلنا بكل المسؤولين ولم نجد أي رد. هل حياتنا بلا قيمة؟"
في المقابل، الحكومة صامتة، وكأنها تتواطأ مع هذه الجريمة. لا بيانات قوية، لا تحرك دبلوماسي، لا ضغط سياسي، وكأن هؤلاء النوبيين ارتكبوا جريمة ضد النظام نفسه، لا مخالفة في بلد آخر.
فضيحة دبلوماسية تكشف حقيقة الدولة المصرية
البعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج تحولت من أدوات حماية للمواطنين إلى مكاتب مخابرات تراقب المعارضين وتكتب التقارير الأمنية.
هذه القضية ليست استثناءً، بل نموذجًا لنهج متواصل جعل مصر واحدة من أسوأ الدول في حماية جالياتها.
بينما تتحرك حكومات العالم لإنقاذ مواطنيها حتى من أبسط التهم، تكتفي الحكومة المصرية بمسلسل التواطؤ والصمت. هل مهمة السفارات حماية المواطن أم حماية النظام؟
الخطر يتجاوز النوبيين إلى صورة مصر عالميًا
التقاعس في هذه القضية لا يضر فقط بعائلات المعتقلين، بل يضرب سمعة مصر في مقتل.
الدول التي لا تدافع عن مواطنيها تتحول إلى كيانات بلا قيمة دوليًا. استمرار هذا النهج يعني:
- انهيار الثقة بين الدولة والجاليات المصرية بالخارج.
- تصاعد الانتقادات الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان.
- إضعاف قدرة مصر على التفاوض في أي ملف إقليمي.
السؤال الصادم: هل الحكومة عاجزة أم متواطئة؟
لماذا لم نرَ موقفًا قويًا من القاهرة؟
لماذا لم تتحرك السلطات بضغط سياسي كما تفعل في قضايا أقل أهمية بكثير؟
الجواب الواضح: النظام يخشى خسارة رضا الحلفاء الخليجيين أكثر مما يخشى خسارة كرامة مواطنيه. هذا هو منطق الحكم الذي جعل المصري بلا حماية ولا قيمة.
الشعب يسأل: من يحمي المصريين إذا كانت دولتهم تبيعهم؟
هذه ليست قضية النوبيين فقط، بل قضية كل مصري يعيش بالخارج ويتساءل: إذا واجهت ظلمًا أو اعتقالًا، هل ستقف دولتي بجانبي أم ستتركني وحيدًا؟
الإجابة حتى الآن واضحة: الحكومة تبيع أبناءها، ولا ترى في المواطن سوى أداة للدعاية أو مصدرًا للتحويلات المالية.
لكن هذه السياسة لن تمر بلا حساب. السكوت لم يعد مقبولًا، والغضب الشعبي يتصاعد، والضغط هو الطريق الوحيد لانتزاع حق المصريين في الحماية والكرامة.