في واقعة مأساوية جديدة تضاف إلى سجل الحوادث داخل أقسام الشرطة المصرية، توفي المواطن سيف إمام، 23 عامًا، داخل قسم شرطة عين شمس بعد احتجازه بتهمة سرقة هاتفه الشخصي.
الحادثة أثارت موجة غضب شعبي وتساؤلات حول ممارسات الأجهزة الأمنية في البلاد.

المواطن، الذي كان قد أبلغ عن سرقة هاتفه، وجد نفسه متهمًا بالسرقة من قبل رجال الشرطة أنفسهم، قبل أن يتعرض للتعذيب والإخفاء القسري لمدة ثلاثة أيام ويُفارق الحياة داخل القسم، بعد رجوعه من النيابة التي أكدت أن الهاتف المسروق هو ملك سيف.

هذه الحادثة ليست منعزلة، بل تمثل جزءًا من نمط متكرر في تعامل بعض أقسام الشرطة مع المواطنين، حيث يُستخدم تلفيق التهم كوسيلة للضغط أو لإثبات "النجاعة الأمنية" على حساب حقوق الأفراد.
وتكشف هذه الوقائع عن أزمة حقيقية في الجهاز الأمني، تصل إلى حد انتهاك حقوق الإنسان الأساسية، وتترك خلفها أسرًا منكوبة ومجتمعات متوجسة من أي تعامل مع الشرطة.
http://x.com/i/status/1959563837289681181
 

تلفيق التهم داخل أقسام الشرطة: عرض مستمر
تلفيق التهم ليس حدثًا جديدًا في مصر، بل يعود إلى عقود من الممارسات التي استُخدمت لضمان نتائج سريعة في قضايا مختلفة، خصوصًا في الجرائم البسيطة أو القضايا التي تثير ضغطًا اجتماعيًا أو إعلاميًا على أجهزة الأمن.

تشمل هذه الأساليب عادة:

  • ادعاء السرقة أو الانتحال: حيث يتم اتهام المواطنين بأفعال لم يرتكبوها، غالبًا على خلفية شكاوى مجهولة المصدر أو نزاعات شخصية، كما في حالة المواطن سيف إمام وهاتفه الشخصي.
  • الاعتراف القسري: يعتمد بعض الضباط على الضغط النفسي أو التعذيب الجسدي للحصول على اعترافات، حتى لو كانت كاذبة، لتقديم "قضية مكتملة" أمام النيابة.
  • استخدام المخبرين أو الشهود المفترضين: أحيانًا يتم الاستعانة بشهود غير موثوق بهم أو تزوير شهاداتهم لتدعيم التهمة ضد الضحية.

هذه الممارسات تُظهِر انعدام الرقابة الداخلية على الشرطة، حيث يمكن لبعض الضباط استغلال سلطتهم لإجبار المواطنين على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، دون خوف من مساءلة حقيقية.
 

آثار التهم الملفقة على المواطنين والمجتمع

تؤدي هذه السياسات إلى أضرار جسيمة على الأفراد وأسرهم، بما في ذلك:

  • الإيذاء الجسدي والنفسي: التعذيب أو الضغوط النفسية يمكن أن تؤدي إلى وفاة الضحايا، كما حدث مع المواطن سيف إمام، أو إلى إصابات دائمة وصدمات نفسية.
  • الوصمة الاجتماعية: حتى لو تمت تبرئة المتهم لاحقًا، تبقى صورة "المجرم" ملتصقة به في المجتمع، ما يؤثر على حياته وعلاقاته.
  • فقدان الثقة في الدولة: عندما يلاحظ المواطنون أن الشرطة قد تلفق التهم وتستخدم القوة بشكل عشوائي، يفقدون الثقة في المؤسسات، ويزداد شعورهم بالخوف وعدم الأمان.
     

انتقاد الأداء الأمني والقانوني
حادثة عين شمس تكشف فشلًا مزدوجًا: أولًا في إدارة الشرطة للقضايا اليومية، وثانيًا في غياب الرقابة والمحاسبة على تجاوزات الضباط. من المفترض أن يكون الهدف من أقسام الشرطة حماية المواطنين، لا تهديدهم أو وضع حياتهم في خطر.

خبراء حقوق الإنسان يشيرون إلى أن هذه الممارسات تسيء لصورة الدولة على المستويين المحلي والدولي، وتضع السلطات المصرية أمام موجة انتقادات حول احترام حقوق الإنسان، خاصة مع توثيق هذه الوقائع بالفيديوهات والصور التي تصل إلى وسائل الإعلام ومواقع التواصل.
 

دعوات للإصلاح
المواطنون والنشطاء الحقوقيون دعوا إلى ضرورة:

  • تحقيق عاجل ومستقل في وفاة المواطن سيف إمام مع محاسبة المسؤولين عن التعذيب أو تلفيق التهم.
  • تطبيق أنظمة رقابية صارمة على الشرطة، لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.
  • تدريب الضباط على التعامل القانوني مع المواطنين، ووقف ثقافة الضغط للحصول على اعترافات غير صحيحة.

إصلاح هذه الملفات ليس مجرد مسألة إنسانية، بل ضرورة لضمان سيادة القانون واستعادة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
 

الخلاصة: ثقافة مؤسسية متجذرة
وفي النهاية، فإن وفاة المواطن سيف إمام بسبب تهم ملفقة تؤكد أن المشكلة ليست في فرد أو حادثة منفردة، بل في ثقافة مؤسسية متجذرة تعتمد على القمع وتلفيق التهم.
إذا استمرت هذه الممارسات، ستظل أقسام الشرطة مكانًا للخطر، والمواطنون أمام تهديد دائم، بينما تنهار ثقة المجتمع في الدولة وحقوق الإنسان تُهدر بلا رقيب.